ابتسام عمر عبد الرازق تكتب لـ«الحرية»: «فتيات الكسب المشروع»

ابتسام عمر عبد الرازق تكتب لـ«الحرية»: «فتيات الكسب المشروع»

في زمنٍ صارت فيه الراحة غاية، والجهد استثناء، كانت هناك فتيات يخرجن مع الفجر… لا إلى مقاهٍ أو مولات، بل إلى الحقول، إلى الحصاد، إلى الشمس التي تحرق أكتافهن، لكنها لا تحني كرامتهن. خرجن لا يطلبن مالًا حرامًا، ولا شهرةً جوفاء، بل خرجن فقط يطلبن الرزق الحلال.

بناتٌ على نهج أمّ المؤمنين خديجة بنت خويلد – رضي الله عنها – التي كانت تاجرة، عاقلة، شريفة… والنبي ﷺ لم يحتقر عملها، بل أحب قوتها. و”بنات الرزق الحلال” اليوم… هنّ على خُطى الصحابيات المكافحات، يعملن ويصبِرن، في صمت، وفي طُهر، وفي رجاء من الله وحده. كنّ فتياتٍ في عمر الورد، تحمل الواحدة منهن على ظهرها تعب البيت، وحُلمًا صغيرًا: أن تُعين أمها، أن تشتري دواءً لأبيها، أن تجهّز نفسها لجهاز عرسها…

في صباحٍ حزين، اهتزّت أرض مصر تحت أقدام 18 زهرة من زهراتها الطيّبة… فتيات خرجنَ يطلبن الرزق بالحلال، فرحلن فجأة، بلا وداع، حين طوّقتهنّ مأساة على الطريق.
لكن السؤال الذي لا بد أن نقف عنده: هل كانت مجرد حادثة مرورية؟ أم جرس إنذار ربّاني؟ في خضم انشغالنا بالروتين، بالعمل، بالهموم، ننسى فجأةً أن الموت ليس بعيدًا… وأن الساعة لا تنذر!

وها نحن اليوم نُفجع بفتيات، بعضهن في عمر الزهر، كنّ يحلمن بوظيفة، بزواج، بمستقبل… لكن الله أراد لهنّ أن يكون موعد الرحيل أسرع من كل شيء.

قال الله تعالى:
“وما تدري نفسٌ ماذا تكسب غدًا، وما تدري نفسٌ بأي أرضٍ تموت” [لقمان: 34]
وجاء في الحديث الصحيح:
“الشهداء خمسة… المطعون، والمبطون، والغريق، وصاحب الهدم، والمقتول في سبيل الله” [رواه البخاري]
وقال بعض العلماء: من مات في حادثٍ مفاجئ، مظلومًا، أو في طلب رزقٍ حلال… له أجر الشهادة إن صبر واحتسب.

اللهم اجعل تعبهن في ميزان حسناتهن، وارزق كل فتاةٍ تسعى رزقًا واسعًا، وأمانًا دائمًا، ومكانةً في الدنيا والآخرة.
ونسأل الله أن يكتبهنّ من الشهداء، وأن يرحم ضعفهن، ويجعل موتتهنّ كفّارةً ورحمة.