طارق زيدان يكتب لصحيفة «الحرية»: مأساة وفاة تسع عشرة فتاة في ريعان الشباب تتحمل مسؤوليتها كامل الوزير.. «أعني كامل الوزيرين»

طارق زيدان يكتب لصحيفة «الحرية»: مأساة وفاة تسع عشرة فتاة في ريعان الشباب تتحمل مسؤوليتها كامل الوزير.. «أعني كامل الوزيرين»

استشهدت تسع عشرة فتاة في عمر الزهور، كنّ في طريقهن إلى العمل لمساعدة أسرهن على مواجهة غلاء المعيشة. مأساة مؤلمة سببها سوء حالة الطريق الإقليمي، الذي يعمل منذ عام كامل باتجاه واحد فقط، بسبب أعطال ظهرت فيه رغم أنه طريق حديث لم يمر على إنشائه سوى ثماني سنوات.

هذه الكارثة لا يمكن وصفها إلا بأنها نتيجة مباشرة للإهمال، وهي – بكل وضوح – مسؤولية وزير النقل، الفريق كامل الوزير، الذي لا يمكن أن يكون “سوبرمان” ليتولى وزارتين من أهم وزارات الدولة في وقت واحد.

والمثير للدهشة أن أحدًا لم يتجرأ على قول الحقيقة وتحميل الوزير المسؤولية السياسية عن هذا الحادث، في حين أن حوادث مشابهة في السابق كانت كافية لتحميل وزراء النقل السابقين المسؤولية ومطالبتهم بالرحيل.

اقرأ أيضًا: النيابة العامة تأمر بحبس سائق “التريلا” المتهم في حادث طريق المنوفية

الوزير يتحمل مسؤولية سياسية واضحة عن أداء وزارته، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر. لكن يبدو أن الطبقات الكادحة، الشقيانة، المهمشة، لا تجد من يدافع عنها، لا من نواب البرلمان، ولا من الإعلاميين، ولا من الأحزاب أو السياسيين، حتى في المواقف الجلل كاستشهاد تسع عشرة فتاة خرجن طلبًا للرزق، فعُدن محمولات على الأكتاف.

وأنا، بصفتي مواطنًا، أحمل وزير النقل الحالي كامل الوزير المسؤولية السياسية والأخلاقية الكاملة عن هذه المأساة. كفى أن يتولى وزارة واحدة، فكما يقول المثل: “من لا يقدر على الحِمل، لا يُكلف به”.

هذه أرواح بشر، فتيات في عمر الأمل، لهن أحلام ومستقبل وأهل ينتظرون عودتهن. لا يجوز أن يُسدل الستار على قصصهن بهذه الطريقة المؤلمة، نتيجة الإهمال وانشغال الوزير بمنصبين لا يمكن الجمع بينهما دون خسائر فادحة.

الوزير أصبح فوق النقد، والناس تخشى قول الحقيقة. لكن لا بد من مساءلة، ولا بد من محاسبة. لو كان لدينا نواب يمثلون الشعب فعلًا، لأقدموا على سحب الثقة من الوزير، لأن أرواح الناس ليست عبثًا، ولأن الفتيات اللاتي فقدن حياتهن على هذا الطريق أشرف من كثيرين، وأطهر من منظومات كاملة لا تحمي الضعفاء.

رحم الله الفتيات، وكتب لهن أجر الشرف والكدح، ونسأل الله أن يكون حقهن محفوظًا، في رقبة كل مسؤول تسبّب بإهماله في استمرار هذا الطريق المتهالك، دون صيانة أو خطة، لمدة عام كامل.