الإعلام الإيراني والإسرائيلي: كيف شكل كل منهما روايته حول الصراع؟

رغم توقف المواجهات بين كل من إسرائيل وإيران بعد حرب خاطفة دامت 12 يوما، فإن المعركة وإن انتهت بإعلان وقف إطلاق النار إلا أنها لم تنتهِ على شاشات التلفزة وصفحات الإعلام الرسمي، حيث اندلعت حرب الروايات المختلفة.
حرب الرواية
فبينما ركّز الإعلام الإيراني على انتصار إرادة المقاومة وردع العدوان الصهيوني على طهران، مضى الإعلام الإسرائيلي في سرد تفاصيل عملية معقدة ومنسقة زعم أنها دمرت قدرة إيران على شن هجوم مماثل مرة أخرى.
إسقاط الهيبة وفرض قواعد اشتباك جديدة
منذ الساعات الأولى للرد الإيراني، تبنت وسائل الإعلام الإيرانية لهجة النصر، رافعة راية الردع لهجمات الاحتلال المستعرة في كل مكان.
استهدفت طهران عبر إطلاق مئات الصواريخ دفعة واحدة نحو أهداف داخل العمق الإسرائيلي، بينها بئر السبع والجنوب، التأكيد على أن “كل الصواريخ انطلقت من داخل إيران”، في رسالة واضحة بأن “الرد جاء مباشرا وليس عبر الوكلاء في المنطقة سواء العراق أو لبنان أو اليمين أو حتى سوريا.
إسرائيل تفاجئت بحجم الرد
صاغت وسائل الإعلام الإيرانية، رواية القدرة المفاجئة، عبر إبراز تصريحات المسؤولين الإيرانيين بأن العدو فهم الرسالة وأن قواعد الاشتباك قد تغيرت.
تغطية واسعة لمراسم تشييع القتلى العسكريين
كما عبأت إيران الشارع الداخلي بالعديد من المشاهد عبر تشييع جثامين العديد من العلماء والقادة العسكريين، في مشهد تعبوي داخلي ورسالة بأن المعركة لم تنته بعد.
أضف إلى ذلك أن الإعلام الإيراني استخدم تعبيرات مثل “هزيمة إسرائيل في معركة الوعي”، “فشل القبة الحديدية في التصدي الكامل” و”صوت المقاومة أعلى من صوت الطائرات”، كلها إشارات في بابا الثبات في المعركة والنصر في المواجهة.
الرواية الإسرائيلية.. تفوق استخباراتي
في المقابل، جاء الإعلام الإسرائيلي الرسمي والمقرب من نتنياهو وخاصة القناة 14 العبرية وهيئة البث، ليسوّق رواية مضادة، لما قالته طهران.
الروايات العبرية تركزت حول، أن الحرب كانت وقائية واستباقية تهدف لتحييد التهديد الإيراني المباشر، إضافة إلى أن إعلان تفاصيل دقيقة عن تدمير مواقع إيرانية نووية وعسكرية، أبرزها منشآت طرد مركزي ومنصات صاروخية.
أضاف إلى ذلك التفاخر بنسبة نجاح “القبة الحديدية” التي “اعترضت ما بين 86% و99%” من المقذوفات الإيرانية.
وكذلك التشديد على أن إسرائيل لم تتكبد خسائر استراتيجية، في مقابل “إيران دفعت ثمنًا باهظًا في كوادرها ومنشآتها”.
واستخدمت القنوات الإسرائيلية تعبيرات مثل: “إيران تلقت ضربة غير مسبوقة” و”القيادة الإيرانية فوجئت بتسريب مواقعها”و”الردع الإسرائيلي عاد أقوى مما كان”.
صدام الروايتين.. النصر المعنوي والتفوق التقني
الإعلام الإيراني ركز على الرمزية والإرادة والسيادة، وغاب عنه التوثيق الرقمي أو الصور الحديثة لأهداف تم قصفها، خاصة وأن الاحتلال الصهيوني استخدم التعتيم كسلاح أيضا في الحرب.
كما الإعلام الإسرائيلي قدم صور أقمار صناعية ومقاطع فيديو لمواقع قيل إنها تعرضت للضرب، دون إثبات مستقل.
وبين الروايتين، تقف الحقيقة في منطقة رمادية، حيث يصعب على المتابع العادي التحقق مما جرى فعلا، في ظل حجب إعلامي إيراني داخلي، وتضخيم متعمد من الجانب الإسرائيلي لأثر عملياته.