هل ستعود السعودية إلى نظام الفصلين؟… تقييم شامل للفصول الثلاثة وانتظار قرار وزارة التعليم

تشهد الأوساط التعليمية في المملكة العربية السعودية حالة من الترقب والجدل الواسع، في ظل ما تردد مؤخرًا حول احتمالية عودة وزارة التعليم إلى نظام الفصلين الدراسيين، بعد عدة سنوات من تطبيق النظام الثلاثي.
وبين مؤيد للخطوة المرتقبة ومعارض لها، تتعالى الأصوات مطالبة بتقييم تجربة الفصول الثلاثة، ومدى تأثيرها على جودة التعليم وتحقيق التوازن بين التحصيل الدراسي والراحة النفسية للطلبة والمعلمين.
وبينما لم يصدر حتى الآن أي قرار رسمي من الوزارة بشأن تغيير النموذج المعتمد حاليًا، فإن المصادر تشير إلى أن هناك مراجعة داخلية دقيقة تجريها الجهات المختصة في الوزارة، استعدادًا لإعلان السياسات التعليمية الجديدة للعام الدراسي 1447هـ.
مراجعة شاملة لنظام الفصول الثلاثة
أشارت تقارير إعلامية محلية إلى أن وزارة التعليم بدأت في دراسة شاملة لتجربة نظام الفصول الدراسية الثلاثة، الذي تم تطبيقه في السنوات الأخيرة، وسط حالة من التباين في تقييم نتائجه من قِبل المعلمين، وأولياء الأمور، والطلبة أنفسهم.
وتأتي هذه المراجعة في إطار حرص الوزارة على تطوير العملية التعليمية بما يتماشى مع رؤية السعودية 2030، والتي تضع جودة التعليم على رأس أولوياتها.
وتُركّز الدراسة الحالية على عدد من المحاور المهمة، أبرزها: مدى فاعلية التقويم الدراسي الثلاثي في تحسين التحصيل الأكاديمي، ومدى رضا المجتمع التعليمي عن النظام، وأثره على الصحة النفسية والبدنية للطلاب، وكذلك عبء العمل على الكوادر التعليمية والإدارية.
لماذا التفكير في العودة إلى نظام الفصلين؟
تعود فكرة العودة إلى نظام الفصلين إلى عدد من الأسباب التي طرحها التربويون والمراقبون، من بينها:
شعور كثير من المعلمين والطلبة بالإرهاق الناتج عن تقارب الفصول وكثرة الاختبارات.
تأثير النظام الثلاثي على التخطيط الأسري والإجازات السنوية، خاصة في ظل تفاوت توقيت الإجازات القصيرة بين الفصول.
الضغط الناتج عن محاولة تغطية المناهج الدراسية في وقت مضغوط، مع قلة فترات المراجعة والاستعداد للاختبارات.
الصعوبة في مواءمة النظام الحالي مع طبيعة بعض المراحل التعليمية التي تتطلب تركيزًا أطول على المواد العلمية والعملية.
وفي المقابل، يرى مؤيدو النظام الثلاثي أنه يتيح توزيع المناهج بشكل أكثر توازنًا، ويقلل من فترات الانقطاع الطويلة عن الدراسة، ويُعزّز استمرارية التعليم ويحد من التكدس الدراسي في فصلين فقط.
لا قرار رسمي حتى الآن
على الرغم من الضجة الإعلامية والتكهنات المتداولة في وسائل التواصل الاجتماعي، إلا أن وزارة التعليم لم تُصدر أي قرار رسمي بشأن إلغاء نظام الفصول الثلاثة أو العودة إلى نظام الفصلين حتى الآن.
كما لم تعلن الوزارة حتى اللحظة عن اعتماد نموذج جديد للتقويم الدراسي للعام المقبل.
وفي تصريحات غير مباشرة، أوضحت مصادر مطلعة داخل الوزارة أن أي تغيير جذري في هيكل النظام الدراسي سيخضع لآليات مؤسسية دقيقة، تضمن تحقيق استقرار النظام التربوي، وعدم إرباك الميدان التعليمي، لا سيما في المراحل الحساسة مثل المرحلة الثانوية.
متى تُحسم المسألة؟
من المتوقع أن تُعلن وزارة التعليم السعودية خلال الأسابيع المقبلة نتائج التقييم النهائي لتجربة الفصول الثلاثة، والتي استندت إلى تقارير أداء من الميدان، وملاحظات التربويين، واستطلاعات رأي شملت أولياء الأمور والطلاب.
ووفقًا لبعض المصادر، فإن هناك مقترحات بديلة قيد الدراسة، من ضمنها:
العودة إلى نظام الفصلين مع زيادة عدد الأسابيع الدراسية للفصل الواحد.
الإبقاء على الفصول الثلاثة مع تقليص عدد الاختبارات والإجازات القصيرة.
اعتماد نموذج هجين بين النظامين بما يحقق المرونة والتوازن.
التعليم في مرمى التحولات الكبرى
تأتي هذه النقاشات في وقت تخوض فيه وزارة التعليم السعودية واحدة من أكبر عمليات التطوير في تاريخها، تشمل تحديث المناهج، وتحسين جودة المعلمين، وتعزيز استخدام التكنولوجيا في الفصول الدراسية.
وبالتالي فإن إعادة النظر في شكل التقويم الدراسي يُعد جزءًا من هذا التغيير الشامل الذي يستهدف تعزيز كفاءة النظام التعليمي وتحقيق أعلى مستويات الجودة.
الخلاصة: نظام الفصلين أم الفصول الثلاثة؟
في نهاية المطاف، يبقى القرار النهائي بيد وزارة التعليم، التي ستعتمد على البيانات والتقييمات الموضوعية لتحديد الأنسب للطلاب والمعلمين والمنظومة التعليمية ككل.
وبين من يرى في العودة إلى نظام الفصلين فرصة لتحقيق الاستقرار الأكاديمي، ومن يفضل النظام الثلاثي لما يتيحه من تجزئة للمحتوى وتحفيز للتعلم، يبقى الهدف الأهم هو تحسين جودة مخرجات التعليم وبناء جيل قادر على المنافسة عالميًا.