هدوء غير مستقر بعد العاصفة: الاقتصاد العالمي يترقب مستجدات الوضع بعد اتفاق وقف النار بين إيران وإسرائيل.

هدوء غير مستقر بعد العاصفة: الاقتصاد العالمي يترقب مستجدات الوضع بعد اتفاق وقف النار بين إيران وإسرائيل.

رغم دخول اتفاق وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل حيّز التنفيذ ونجاحه في تهدئة الأوضاع ميدانيًا حتى اللحظة، إلا أن الأسواق العالمية لا تزال متوجسة، وسط غموض يلف المسار الدبلوماسي، خاصة فيما يتعلق بمفاوضات محتملة حول البرنامج النووي الإيراني، وقلق متزايد من انفجار التوتر مجددًا في الشرق الأوسط.

هذا التطور الجيوسياسي الحساس ألقى بظلاله على الاقتصاد العالمي، الذي بدا متأرجحًا بين التفاؤل الحذر والمخاوف المتصاعدة من تداعيات أوسع نطاقًا، في وقت تتداخل فيه الأزمات السياسية مع قرارات نقدية حساسة لدى كبار البنوك المركزية.

الاحتياطي الفيدرالي بين ضغوط ترامب وتحذيرات باول

وفي الولايات المتحدة، جاءت تصريحات جيروم باول، رئيس الاحتياطي الفيدرالي، لتزيد حالة الترقب، إذ أشار إلى أن قراءات التضخم الأخيرة كانت “أقل من المتوقع”، ما قد يفتح الباب أمام خفض الفائدة لاحقًا، لكنه شدد في المقابل على ضرورة التمهل، محذرًا من أن “أي زيادات في الرسوم أو تكاليف النقل قد تُلهب التضخم مجددًا في الصيف”.

وفي المقابل، يواصل الرئيس الأميركي السابق والمرشح الجمهوري المحتمل، دونالد ترامب، الضغط العلني على الفيدرالي لتسريع خفض الفائدة، ما يعمّق فجوة الخلاف حول إدارة السياسة النقدية، ويزرع مزيدًا من الشكوك في أوساط المستثمرين بشأن استقلالية القرار النقدي الأميركي، وهو ما انعكس مباشرة على أداء الدولار.

الذهب والنفط والدولار… تحركات متباينة تحت وطأة الترقب

ارتفعت أسعار الذهب بشكل طفيف اليوم الخميس، مدعومة بتراجع حاد للدولار، الذي هبط إلى أدنى مستوياته منذ سنوات أمام اليورو والفرنك السويسري، وسط تصاعد الجدل بشأن استقلالية الاحتياطي الفيدرالي.

في المقابل، واصلت أسعار النفط مكاسبها بدعم من بيانات أظهرت انخفاضًا غير متوقع في المخزونات الأميركية، ما اعتُبر مؤشرًا على قوة الطلب. غير أن حالة الحذر لا تزال تسيطر على الأسواق، وسط شكوك حول صمود اتفاق وقف إطلاق النار واستقرار الإمدادات في المنطقة.

أسواق آسيا تتراجع رغم التفاؤل الانتخابي

وفي آسيا، تراجعت الأسهم الكورية الجنوبية بأكثر من 1%، حيث لجأ المستثمرون إلى جني الأرباح بعد موجة صعود قوية مدفوعة بنتائج الانتخابات، ما يشير إلى ميل الأسواق للتحوط مع استمرار حالة عدم اليقين عالميًا.

الدين الأميركي والأردن في واجهة الأحداث المالية

وفي سياق متصل، أعلنت وزارة الخزانة الأميركية تمديد الإجراءات الاستثنائية لتفادي خرق سقف الدين الفيدرالي حتى 24 يوليو المقبل، ما يمنح الإدارة الأميركية وقتًا إضافيًا لتفادي أزمة تمويل قد تهز الأسواق.

من ناحية أخرى، وافق صندوق النقد الدولي على المراجعة الثالثة لاتفاق «تسهيل الصندوق الممدد» مع الأردن، مانحًا عمّان تمويلاً فوريًا بقيمة 134 مليون دولار، ما يعزز جهود الحكومة الأردنية في استقرار الاقتصاد المحلي وسط التحديات الإقليمية والدولية.

رغم إشارات التهدئة المبدئية بعد وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل، إلا أن الاقتصاد العالمي ما زال يرزح تحت وطأة الضغوط الجيوسياسية، والتردد في السياسات النقدية، وغياب رؤية واضحة لمستقبل أسعار الفائدة.

وفي ظل بيئة مشبعة بالتقلبات، تتطلع الأسواق إلى إشارات أوضح من صانعي السياسات النقدية، وإلى تطورات إيجابية حقيقية في الملف النووي الإيراني، باعتبارها مفاتيح الاستقرار في المرحلة المقبلة.