علاء الخيام يكتب لـ«الحرية»: متى يجب أن تتخذ المعارضة موقفها… ومتى يجب أن تبقى صامتة؟

في كل لحظة توتر أو أزمة وطنية، تطفو على السطح عبارة مكررة: “ليس هذا وقت المعارضة، نحن في أجواء صعبة”. وكأن المعارضة تُختزل في كونها هواية سياسية تُمارس وقت الرخاء وتُعلّق وقت الشدة. هذه النظرة ليست فقط قاصرة، بل خطيرة على مستقبل أي دولة تحترم تعددية الآراء وتسعى لبناء نظام سياسي متوازن ومستقر.
السؤال الأهم: هل لدينا بالفعل معارضة حقيقية، قوية، متماسكة، ذات تأثير؟
الإجابة المؤسفة: لا.
ما لدينا في أغلب الأحيان محاولات فردية، مبادرات، أصوات متقطعة، تنظيمات ضعيفة، وأحيانًا خلافات شخصية تتغلب على الأولويات الوطنية. ولهذا تحديدًا، يسهُل على البعض شيطنة المعارضة واعتبارها عبئًا أو خطرًا، مع أن المعارضة القوية الواعية هي صمام أمان لأي وطن، لا خطر عليه.
لماذا يخشى البعض من المعارضة؟
لأنهم يخلطون عمدًا أو جهلًا بين معارضة النظام الحاكم، أي انتقاد السياسات أو المطالبة بالإصلاح، وبين معارضة الوطن نفسه، وكأن كل من يرفض قرارًا أو يُنبه إلى خطأ هو خائن أو عميل. هذه الخلطة السامة تُغيّب الوعي، وتُضعف الجبهة الداخلية أكثر مما يفعله أي خصم خارجي.
إن معارضة النظام ليست خصومة مع الوطن، بل هي جزء أصيل من المسؤولية الوطنية، والمفارقة أن المعارضة الحقيقية إذا غابت أو أُجبرت على الصمت في وقت الأزمات، فالنتيجة واحدة: مزيد من الأخطاء، قرارات مرتجلة، وتضييق مساحة النقد البنّاء، ما يؤدي إلى كوارث سياسية واجتماعية لا تُحمد عقباها.
اقرأ أيضًأ: علاء الخيام في حوار خاص لـ«الحرية» يتحدث عن مسودة قانون الإيجار القديم والحركة المدنية ومستقبل المنطقة والبرلمان القادم
المعارضة لا تصمت وقت الأزمات، بل تُمارس دورها بمسؤولية.
في وقت الأزمات، لا يُطلب من المعارضة أن تُزايد أو تُعرقل، بل يُطلب منها أن تكون عينًا ناقدة، وعقلًا يقظًا، وصوتًا صريحًا يُحذّر من الانزلاق في أخطاء جديدة، ويدفع نحو قرارات مدروسة تُنقذ البلاد من مخاطر مضاعفة.
من واجب المعارضة في كل الأوقات، خاصة في اللحظات العصيبة، أن تبقى جزءًا من المشهد، أن تمتلك صفًا أول وثانيًا وثالثًا، أن تُدرب كوادرها، وتُحافظ على تنظيمها، وتتمسك بشعاع الأمل حتى في أحلك الأيام.
أما الصمت الكامل، فهو في الحقيقة خيانة لدور المعارضة، وتخلٍّ عن جزء من المسؤولية السياسية والوطنية.
الوطن يحتاج إلى سلطة قادرة، ومعارضة واعية، وإعلام حر، ومجتمع مدني يقظ. بدون هذه المعادلة، يتحول النظام إلى أحادية قاتلة، وتتحول المعارضة إلى هياكل شكلية، ويضيع صوت المواطن بين المزايدات والشعارات.
الخلاصة:
الوطن لا يحتاج إلى صمت المعارضة، بل إلى معارضة وطنية مسؤولة، تبقى دائمًا وأبدًا في قلب المشهد، مهما اشتدت العواصف.