عز الدين الهواري يكتب لـ«الحرية»: إما العدالة في المعاملة للجميع.. أو ليهدم العالم بأسره

عز الدين الهواري يكتب لـ«الحرية»: إما العدالة في المعاملة للجميع.. أو ليهدم العالم بأسره

لقد وصلت البشرية إلى مفترق طرق خطير، لم تعد فيه الكلمات تكفي، ولا الدعوات إلى ضبط النفس مجدية. الغرب الاستعماري بقيادة أمريكا، وبشراكة دموية مع الكيان الصهيوني، تجاوز كل حدود الفجور السياسي والوحشية العسكرية، حتى بات العالم كله مهددًا بالفناء الأخلاقي لا العسكري فقط.

في غزة، قُتل أكثر من 55 ألف إنسان، وجُرح أكثر من 130 ألف، بينهم عشرات الآلاف من الأطفال والنساء. مئات المستشفيات دُمرت، والمدارس والأحياء السكنية سُويت بالأرض. ومع ذلك، يصدر البنتاجون بيانات التأييد، ويجلس مجلس الأمن متواطئًا بالصمت، وتمضي أوروبا كالنعاج خلف أمريكا – شركاء جدد في نازية محدثة، عنوانها: سحق الإنسان العربي وسحق كرامته.

الغرب لا يفهم إلا لغة الردع

منذ أكثر من قرن، تتصرف القوى الغربية كأنها آلهة فوق المحاسبة. أمريكا تقتل، فتُمنح شرعية. إسرائيل تذبح، فتوصف بأنها “تدافع عن نفسها”. من فيتنام إلى العراق، ومن أفغانستان إلى ليبيا، كانت شعوب تُسحق تحت أقدام طائراتهم، وهم يعظون العالم بالديمقراطية.

اليوم، وإيران تُهاجم الكيان الصهيوني في قلبه، لأول مرة في تاريخه، يجب أن يُعاد تشكيل معادلة الردع: لا تكفي ضربات رمزية، بل ينبغي أن يتحول كل مضيق، وكل أنبوب نفط، وكل صاروخ طويل المدى إلى جزء من معادلة “إما أن نُعامل كالبشر… أو ليفنَ العالم كله”.

هل نترك إيران وحدها؟

لا نتحدث عن حلف دائم، ولا عن اصطفاف مذهبي. بل نتحدث عن لحظة كسر الهيبة الأمريكية وخلخلة قواعد الاستكبار الغربي. فإن سُمِح للغرب بإخماد صوت طهران كما أخمدوا بغداد ودمشق وطرابلس، فلن تقوم لأمة قائمة.

وإن خاف الحكام – وكثيرهم يخاف على عرشه لا على شعبه – فإن الشعوب حُرّة لا تُهدد فرادى، بل تزلزل الجماعات. يكفي أن يتحرك شارع عربي أو مسلم في غضب عارم، حتى تنهار السفارات تحت وطأة الجماهير، وتُقطع خطوط الإمداد من النفط والغاز، وتُغلق القواعد العسكرية الأمريكية عن آخرها.

اللحظة الذهبية… لن تتكرر

أيها العرب، أيها المسلمون: ما نعيشه الآن هو لحظة نادرة في التاريخ، إما أن تُكتب فيها نهايات الخضوع، أو بدايات نهضة شرفاء. إيران تفتح الباب، فهل ندخل؟ الصواريخ التي عبرت سماء تل أبيب لم تكن فقط “ردًّا على اعتداء”، بل كانت إنذارًا: إذا توحدت الجبهات، وسقط الخوف، لن يبقى للغرب موطئ قدم في أراضينا.

فهل ننتظر حتى تُقصف طهران وتُقسم كما قُسم العراق من قبل؟ هل ننتظر حتى يُعاد رسم خريطة المنطقة لتصبح “شرقًا أوسطًا جديدًا” حيث لا مكان لكرامة أو سيادة؟!

إما أن نعيش أعزاء… أو نموت شرفاء

لم تعد الدعوة للتضامن كافية، بل هي دعوة لحسم المعركة. فكل تأخير هو خيانة، وكل صمت هو شراكة في الجريمة. إن بقيت الجيوش العربية في ثكناتها، والشعوب نائمة، فاعلموا أن القادم أسوأ، وأن غزة كانت البداية لا النهاية.

يجب أن تُغلق مضائق هرمز وباب المندب فورًا أمام سفن العدو. يجب أن يُستخدم سلاح النفط كما استخدمه الملك فيصل ذات يوم، فهزّ به عروشًا. يجب أن تُشعل الثورات في كل أرض عربية رفضًا للخنوع، وتُرفع رايات المجد من الرباط إلى جاكرتا.

هذه ليست حرب إيران وحدها، بل حرب الأمة كلها.

إما ميزان واحد للمعاملة… أو ليفنَ العالم كله

وإن أراد الغرب اختبار قدرتنا على التحمّل، فلنمنحهم درسًا من نار. وإن تخاذلت الأنظمة، فلتكن الشعوب هي القادة، ولتكتب التاريخ من جديد. فقد علمنا القرآن أن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم. والعزة لا تُوهب، بل تُنتزع.

إما أن نعيش بكرامة… أو نموت شرفاء.