اقتصادي: خسائر شهرية تبلغ 800 مليون دولار.. والصراع في الشرق الأوسط يهدد الاستقرار الإقليمي
تقرير: سمر أبو الدهب
تجد مصر نفسها بحكم موقعها الجغرافي ودورها الإقليمي المحوري، على خط المواجهة غير المباشرة لأي تصعيد عسكري في الشرق الأوسط، فبينما لم تشهد المنطقة صراعًا مباشرًا بين القوتين بعد، فإن مجرد الحديث عن حرب واسعة النطاق يلقي بظلاله على الأسواق العالمية والإقليمية، مما يفرض تحديات اقتصادية جمة على دول المنطقة، وفي مقدمتها مصر التي تسعى جاهدة لتحقيق الاستقرار الاقتصادي والنمو المستدام.
و في ذلك قال الدكتور رمزي الجرم، الخبير الاقتصادي، في تصريح لـ “الحرية”، أن الحرب الإيرانية الإسرائيلية جائت لتضيف أزمة جديدة أكثر حدة من الأزمات المالية الحالية، على خلفية أن تطورات هذه الحرب، سيكون لها تداعيات سلبية وكارثية على الاقتصاد العالمي، وبشكل مباشر، على الاقتصاد المصري، نظرًا لتأثيرها على المضايق الكبري في العالم مثل، مضيق هرمز ومضيق باب المندب، والذي يفرض العديد من التحديات الإضافية على الممر الملاحي لقناة السويس، خصوصًا إذا ما علمنا أن مضيق هرمز يمر به نحو 45 مليون برميل يوميًا، ويمر من خلاله أكثر من 85% من صادرات نفط الشرق الأوسط، وبما يمثل نحو نصف حجم الطاقة التي يعتمد عليها الاقتصاد العالمي، فضلًا عن الناقلات العملاقة التي تمر من مضيق هرمز بنحو 90 مليون طن متري، أي ما يعادل 20% من امدادات الغاز العالمية.
و لفت، أن تلك التطورات المتسارعة سوف تشكل المزيد من التَحديات الإضافية على الاقتصاد المصري، على اعتبار أن مصر تستورد كميات كبيرة من النفط والسلع الغذائية الأساسية من الخارج، والتي ستشهد ارتفاعات متتالية وغير مسبوقة خلال الفترة القليلة المقبلة، مما يضغط على الميزان التجاري وزيادة معدلات التضخم في السوق المحلي بشكل ملحوظ، بعدما كان قد وصل لمستويات منخفضة نسبيًا عند مستوى 13% أو نحو ذلك.
لافتًا، إلى أن استمرار أمد الحرب الإيرانية الإسرائيلية سيؤدي إلى أزمة حقيقية في تعطل سلاسل الامداد، التي تواجه مشاكل عديدة بالأساس، وهذا ربما سيكون السيناريو الأسوء، خصوصًا ما يتعلق بالغذاء والنفط.
فضلًا عن ارتفاع تكلفة التمويل الخارجي بشكل ملحوظ، بالإضافة إلى توقعات بتراجع تدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة، خصوصا للاقتصادات الناشئة التي من بينها الاقتصاد المصري، على خلفية تراجع حجم التجارة العالمية الذي يضغط بشكل كبير على سوق الصرف الأجنبي، والذي سيشهد ارتفاع ملحوظ في سعر صرف الدولار والعملات الأجنبية الأخرى أمام الجنيه المصري، خصوصًا في ظل توقع تراجع أنشطة السياحة والسفر حال استمرار أمد الحرب، والذي سينعكس على انخفاض ملحوظ في موارد النقد الأجنبي، في ظل احتمالية وجود انخفاض ملحوظ في تحويلات العاملين بالخارج، و الذي شهد طفرة غير مسبوقة خلال الفترة القليلة الماضية، والتي ارتفعت بمعدل 82.7% بنهاية مارس الماضي، مسجلًا نحو 26.4 مليار دولار عن الفترة من ( يوليو – مارس 2025) مقارنة بنحو 14.4 مليار دولار أمريكي عن نفس الفترة من العام السابق له مباشرةً.
تابع “الجرم” أن الاقتصاد المصري يخسر بالفعل ما يجاوز 800 مليون دولار أمريكي شهريًا، و أن أي تداعيات سلبية في هذا الخصوص لن تكون شديدة أو مؤثرة بشكل كبير ، بالإضافة إلى أن الاقتصاد المصري بات أكثر مرونة مع التطورات الشديدة الحادثة على المشهد الاقتصادي العالمي، من منطلق أن الاقتصاد المصري، يعتبر من طائفة الاقتصادات العينية المتنوعة، التي لديها القدرة على التكيف مع أي مستجدات على كافة المستويات، خصوصًا بعد حزمة الإصلاحات الاقتصادية والمالية، وبشكل خاص قرارات مارس 2024.