من خطاب التهديد إلى نهج التهدئة: كيف شهدت السياسات الخارجية الأمريكية تجاه إيران تغيرًا على مدار 18 عامًا؟

تتجدد ملامح التوتر في الشرق الأوسط مع تصاعد حدة التهديدات المتبادلة بين إسرائيل وإيران، وسط تباين ملحوظ بين الموقفين الأمريكي والإسرائيلي بشأن آلية التعامل مع طهران، خاصة فيما يتعلق بالملف النووي ومستقبل الأمن الإقليمي.
تصريحات وزارة الخارجية الأمريكية الحالية
وبينما تدفع إسرائيل، نحو خيارات عسكرية أكثر حسمًا لوقف أي تقدم إيراني في البرنامج النووي، تميل واشنطن إلى اتباع نهج أكثر حذرًا، يوازن بين الردع الدبلوماسي وتفادي الانزلاق إلى مواجهة شاملة قد تجر المنطقة والعالم إلى تداعيات غير محسوبة.
في ضوء التصعيد المتواصل بين إيران وإسرائيل، يبرز تباين واضح في لهجة ومضمون التصريحات الصادرة عن وزارة الخارجية الأمريكية مقارنة بما صدر عنها خلال فترات التوتر المباشر بين واشنطن وطهران في السنوات الماضية.
كيف تحول الخطاب الأمريكي
وضعت الأزمة الإيرانية– الإسرائيلية واشنطن أمام معادلة صعبة فهي من جهة الحليف الاستراتيجي الأبرز لإسرائيل، ومن جهة أخرى تدرك أن أي تصعيد عسكري واسع قد يفتح الباب أمام حرب إقليمية شاملة يصعب التحكم في تبعاتها، وقد تُعرض القوات والمصالح الأمريكية في الشرق الأوسط للخطر المباشر.
وظهر ذلك بوضوح في تصريحات وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو، الذي شدد في تصريحاته على أن الولايات المتحدة لم تشارك في الضربات الجوية الإسرائيلية التي استهدفت منشآت وعلماء نوويين داخل إيران، فجر الجمعة، مؤكدًا أن “إسرائيل اتخذت إجراءً أحادي الجانب”، وأن “الأولوية الأمريكية القصوى هي حماية القوات المنتشرة في المنطقة”.
وحذر روبيو طهران، قائلًا: “دعوني أكون واضحًا، فيجب ألا تستهدف إيران المصالح أو الأفراد الأمريكيين”، وفي الوقت الذي تصف فيه إسرائيل ضربتها على إيران بأنها “استباقية” وضرورية لـ”إزالة التهديد الوجودي”، وفقًا لما صرّح به رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، تلتزم واشنطن موقفًا أكثر تحفظًا، مكتفية بالتحذير الدبلوماسي والدعوة إلى التهدئة.
تصريحات الخارجية الأمريكية في الماضي
في المقابل، توضح تصريحات مسؤولي وزارة الخارجية الأمريكية في الماضي، وبالأخص خلال فترة تولي كونداليزا رايس المنصب، حجم التحول في الاستراتيجية الأمريكية الحالية تجاه إيران.
ففي عام 2007 وخلال الحرب الأمريكية الإيرانية أكدت رايس حينها أن واشنطن عازمة على مواجهة الأنشطة الإيرانية الضارة، معتبرة أن سلوك طهران يُشكّل تهديدًا مباشرًا لاستقرار الشرق الأوسط.
ولم تقتصر التقديرات الاستخباراتية حينها على توجيه ضربات محدودة للمنشآت النووية الإيرانية، بل شملت خططًا لتدمير شامل لقدرات إيران العسكرية، وهو ما كشفه واين وايت، كبير المحللين السابق في مكتب الاستخبارات والأبحاث بوزارة الخارجية الأمريكية.
وأشار واين وايت حينها إلى أن التصورات كانت تتضمن شن هجمات جوية واسعة واستخدام غواصات هجومية مضادة للسفن في الخليج، بهدف شلّ الدفاعات الإيرانية وإضعاف بنيتها التحتية العسكرية بشكل كبير.
اقرأ أيضًا: الجمعية العربية للعلوم السياسية تدين العدوان الإسرائيلي على إيران.. وتدعو لتحرك عربي وإسلامي عاجل