عز الدين الهواري يكتب لـ«الحرية»: هل آن الأوان لإنهاء كابوس واشنطن وتل أبيب؟ غروب الإمبراطورية المظلمة: هل هو قريب؟

عز الدين الهواري يكتب لـ«الحرية»: هل آن الأوان لإنهاء كابوس واشنطن وتل أبيب؟ غروب الإمبراطورية المظلمة: هل هو قريب؟

كأننا نعيش في كابوس لا ينقضي، كأن الزمان توقف عند لحظة الظلم الأعظم، حين تحالف الطغيان الأمريكي والصهيوني ليشكلا أخطر مشروع استعماري في تاريخ البشرية الحديث: مشروع لا يعرف الحدود، ولا يعترف بالقيم، ولا يقيم وزناً للقانون أو الإنسان.

لقد انهارت إمبراطوريات عظمى، من الفُرس إلى الرومان، من الأندلس إلى الدولة العثمانية، كلما انحرف حكامها عن جادة الحق، كلما جعلوا من سلطتهم وسيلة للنهب، ومن شعوبهم ضحايا لحماقاتهم. حتى الدولة الإسلامية، يوم أن انحرف خلفاؤها عن العدل، وركنوا إلى الاستبداد، تفتّتت وتفرقت، وسقطت بأيدي التتار والصليبيين. فكيف نُفسّر بقاء هذا الكابوس الأمريكي-الصهيوني حيًا، متغطرسًا، متحديًا نواميس الكون والتاريخ؟

الحقيقة أن هذا الكيان المزدوج – أمريكا والكيان الصهيوني – لم يكن يومًا مشروعًا بشريًا طبيعيًا. هو توأم من رحم الجريمة، ابن سفاح بين رأس المال الدموي، وبين العقيدة العنصرية القاتلة. توأم شياطين، لا ينتمي إلى معسكر الإنسان، بل إلى معسكر الخراب.

الولايات المتحدة، التي تُقدَّم للعالم على أنها “قائدة الحرية”، لا تُخفي اليوم أنها دولة مارقة، تنسحب من القوانين الدولية متى شاءت، وتستخدم المنظمات الأممية حين تخدم مصالحها فقط. 193 دولة في الأمم المتحدة تبدو وكأنها رهينة لدولة واحدة، أو قل، رهينة لمافيا دولية تقودها واشنطن وتُديرها تل أبيب.

فلماذا لا يُعزل هذا الكيان؟ ولماذا لا يُحاسب؟

لأن السلاح بأيديهم، والمال في مصارفهم، والإعلام في قبضتهم، وشبكات التجسس والتشويه والاغتيال تدور حول العالم كخيوط عنكبوت سام، يلتف على أي صوت حر، ويخنق أي محاولة للمقاومة.

ولأن الانقسام في صفوفنا، والتفكك في قياداتنا، والتبعية في سياساتنا، جعلتنا عاجزين عن اتخاذ أي موقف موحد ضد هذا الطغيان.

ولكن، ورغم كل شيء، هذا الكابوس ليس أبدياً.

فكما سقطت إسرائيل في بيروت 2000، وهربت من غزة 2005، وتلقت الضربات في لبنان 2006، وسوريا 2018، فإنها اليوم تتلقى الصواريخ من اليمن، والعراق، ولبنان، وغداً من حيث لا تحتسب. وتنهال صواريخ إيران منذ أول أمس، في تصعيد غير مسبوق، يؤكد أن الكيان لم يعد آمناً، وأن زمن الردع الإسرائيلي قد انتهى.

أما أمريكا، فاقتصادها بدأ يتآكل من الداخل، وصراعاتها العرقية تتصاعد، والانقسام السياسي فيها بلغ حداً بات ينذر بانفجار داخلي غير مسبوق.

إن هذا الكابوس سينتهي حين يتحرر العقل العربي من وهم الهيبة الأمريكية، وحين تعود الشعوب إلى امتلاك قرارها الوطني، وحين يُفهم أن هذا التحالف الشيطاني لا يُجابه إلا بوحدة الأمة، بوعيها، بمقاومتها، بتحالف الأحرار لا العبيد.

متى ينتهي هذا الكابوس؟

حين يُصبح الحلم العربي مشروعًا لا شعارًا، والمقاومة فكرًا لا ردة فعل، وعندما يدرك العالم أن القاتل لا يجب أن يُكافأ، بل يُحاكم.

وهذا اليوم آتٍ، ولو بعد حين