انهيار عقار السيدة زينب.. مأساة جديدة تسلط الضوء على معاناة البناء غير المنظم في وسط القاهرة

تصدر خبر انهيار عقار في منطقة السيدة زينب بالقاهرة، محركات البحث ومواقع التواصل الاجتماعي، بعدما تحوّل فجر الأربعاء إلى مأساة إنسانية مؤلمة، أسفرت عن وفاة 8 أشخاص وإصابة 7 آخرين، إلى جانب حالة من الذعر والقلق بين سكان الحي الشعبي العريق.
الواقعة لم تكن مجرد حادث عابر، بل فتحت من جديد ملف العقارات القديمة الآيلة للسقوط، في وقت لا يزال فيه آلاف المواطنين يعيشون تحت أسقف مهددة بالانهيار في أي لحظة.
تفاصيل الحادث: انهيار مفاجئ لعقار من 5 طوابق
وقع الحادث في الساعات الأولى من صباح اليوم الأربعاء، حين انهار عقار السيدة زينب المنهار والمكوّن من طابق أرضي و4 طوابق علوية، وسط منطقة سكنية مكتظة بالسكان.
وفور تلقي البلاغ من الأهالي، هرعت قوات الحماية المدنية والإنقاذ البري إلى مكان الحادث، وبدأت عمليات رفع الركام والبحث عن ناجين أو جثث تحت الأنقاض.
وأكدت مصادر أمنية أن الأجهزة المعنية فصلت التيار الكهربائي عن المنطقة المحيطة بموقع الانهيار، وذلك لتسهيل عمليات الإنقاذ ومنع وقوع حرائق أو صعق كهربائي أثناء إزالة الحطام.
ضحايا ومصابون تحت الأنقاض: مأساة بشرية
أعلنت وزارة الصحة نقل 8 جثامين إلى المشرحة، بينهم سيدة، بينما أُصيب 7 آخرون بإصابات متفرقة بين كسور واختناق وكدمات، وتم إسعافهم في المستشفيات القريبة من موقع الحادث.
وما تزال التحقيقات مستمرة للتعرف على هويات الضحايا وتحديد أسباب الوفاة بدقة.
وفي مشهد مؤثر، استمر رجال الحماية المدنية لساعات في عمليات البحث تحت الركام، مستخدمين المعدات الثقيلة وكلاب الكشف عن الأحياء، وسط حضور كثيف من الأهالي الذين وقفوا في صمت يترقبون مصير ذويهم.
الإجراءات العاجلة من الدولة: إخلاء العقارات المجاورة
تحركت أجهزة محافظة القاهرة فور وقوع الحادث، حيث تم إخلاء العقارات المجاورة لموقع عقار السيدة زينب المنهار كإجراء احترازي، خاصة بعد ظهور بعض التصدعات نتيجة الانهيار.
كما تم تشكيل لجنة هندسية عاجلة لمعاينة وضع العقارات المحيطة وتحديد مدى سلامتها الإنشائية.
وأكد مصدر بمحافظة القاهرة، أن العقار المنهار لم يكن مُدرجًا على قوائم الصيانة أو الإزالة، ما يطرح تساؤلات جديدة حول كفاءة المتابعة الدورية وسرعة الاستجابة للبلاغات الخاصة بسلامة المنشآت القديمة.
النيابة العامة تبدأ التحقيقات
باشرت النيابة العامة تحقيقاتها في الحادث، حيث أمرت بندب لجنة من الإدارة الهندسية لفحص العقار المنهار، ومراجعة الرخص وملفات الصيانة إن وجدت.
كما استمعت النيابة إلى أقوال عدد من شهود العيان والمصابين الناجين من الحادث.
ووفقًا لمصدر قضائي، سيتم فحص أي شكاوى سابقة تم تقديمها بشأن العقار، وإن ثبت وجود تقاعس من مسؤولي الحي أو الإدارة المحلية، فسيتم اتخاذ الإجراءات القانونية ضدهم.
السيدة زينب.. حي عريق يعاني الإهمال
ليست هذه المرة الأولى التي يشهد فيها حي السيدة زينب انهيار عقار سكني، فالمنطقة التاريخية تضم عددًا كبيرًا من المباني التي تجاوز عمرها 70 عامًا، دون ترميم فعلي أو دعم إنشائي.
وفي ظل الكثافة السكانية المرتفعة، تصبح أي كارثة محتملة ذات طابع مأساوي واسع.
ويؤكد خبراء أن السبب الرئيسي لانهيار العقارات في أحياء القاهرة القديمة يرجع إلى:
ضعف البنية التحتية.
غياب الصيانة الدورية.
البناء العشوائي بدون تراخيص.
التعديلات غير القانونية داخل العقارات القديمة.
مأساة يجب ألا تتكرر
حادثة عقار السيدة زينب المنهار ليست مجرد عنوان إخباري، بل جرس إنذار يدق بقوة في وجه المؤسسات المحلية والمواطنين معًا.
فالمشكلة لم تعد تحتمل التأجيل، ولا يجوز الاستمرار في تجاهل بيوت متهالكة تأوي آلاف الأسر، بينما خطر الموت يلوح فوق رؤوسهم في أي لحظة.
ومع تصاعد الدعوات للمحاسبة، والأمل في تنفيذ سريع لخطط الإزالة والترميم، يبقى السؤال قائمًا: هل نستطيع أن نمنع العقار القادم من الانهيار قبل أن تتحوّل المأساة إلى كارثة وطنية جديدة؟