اليوم العالمي لمواجهة خطاب الكراهية في ظل تزايد المخاطر

قال مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف، إن اليوم العالمي لمكافحة خطاب الكراهية يجب ألا يكون مجرد شعارات أو بيانات موسمية، بل يجب أن يكون بداية لتحرك حقيقي ضد كل أشكال الكراهية والتمييز.
وأوضح المجمع أن هذا النوع من الخطاب يشكل خطرًا حقيقيًا، ليس فقط على الأفراد، بل على المجتمعات بالكامل، لأنه يفتح الباب أمام العنف والإقصاء ويُضعف فرص التعايش السلمي.
وأكد البيان أن الحفاظ على كرامة الإنسان، أيًّا كان دينه أو لونه أو عرقه، هو واجب لا يقبل المساومة أو التهاون، مشيرًا إلى أن العالم يشهد تزايدًا في مظاهر الكراهية، خاصة ضد المسلمين، في عدد من الدول الغربية، وهو أمر يدعو للقلق الشديد.
تصاعد الكراهية ضد المسلمين
أشار مجمع البحوث الإسلامية إلى أن هناك حملات ممنهجة في بعض الدول تُسهم في تشويه صورة المسلمين، سواء عبر الإعلام أو المنصات الرقمية، مما يؤدي إلى تكريس التمييز والعنف ضدهم.
وشدد البيان على أن هذه الحملات لا تُهدد فقط المسلمين، بل تهدد مفهوم المواطنة المتساوية والعدالة التي تنادي بها المجتمعات الحديثة.
وأكد أن بعض وسائل الإعلام أصبحت أدوات لنشر الكراهية، بدلًا من أن تكون وسائل لبناء التفاهم والتقارب، وهو ما يعد خطرًا حقيقيًا على وحدة المجتمعات وعلى العلاقات بين الشعوب المختلفة.
المؤسسات الدولية مطالبة بالتحرك
في هذا السياق، دعا المجمع المؤسسات الدولية، والهيئات الحقوقية، إلى اتخاذ مواقف أكثر صرامة تجاه خطاب الكراهية، وخصوصًا الذي يمارس ضد المسلمين.
وقال إن تجاهل هذا النوع من الخطاب يفتح المجال لمزيد من العنف والتمييز، مطالبًا بمراجعة السياسات الإعلامية والقانونية في الدول التي تُسهم بشكل مباشر أو غير مباشر في انتشار الكراهية.
كما شدد المجمع على أن احترام التعددية والاختلاف الديني والثقافي هو جزء أساسي من أي مجتمع إنساني متحضر، وأن العالم بحاجة إلى قوانين وآليات واضحة تجرّم التحريض على الكراهية، وتحاسب من يروج له، سواء عبر الإعلام أو شبكات التواصل الاجتماعي.
تقرير صادم عن التحريض ضد الفلسطينيين
عبّر مجمع البحوث الإسلامية أيضًا عن قلقه البالغ من المعلومات التي وردت في تقرير صادر عن “المركز العربي لتطوير وسائل التواصل الاجتماعي”، والذي وثق أكثر من 12 مليون منشور تحريضي ضد الفلسطينيين خلال عام 2024 فقط. وأوضح أن هذه المنشورات التي كُتبت باللغة العبرية، تتضمن دعوات صريحة للعنف والتمييز والتشفي، ما يُمثل خرقًا واضحًا لكل القوانين الدولية والإنسانية.
وأضاف أن هذا الكم الهائل من التحريض الرقمي يُعتبر شكلاً من أشكال الكراهية المنظمة، التي تستهدف شعبًا بأكمله، وتحرم الفلسطينيين من حقوقهم الإنسانية الأساسية، وتدعم سياسات الاحتلال والإقصاء والتمييز.
موقف عالمي مطلوب لمواجهة خطاب الكراهية
شدد المجمع في بيانه على أن التصدي لخطاب الكراهية يتطلب موقفًا عالميًا واضحًا وحازمًا، وليس مجرد بيانات شجب واستنكار.
وقال إن العالم بحاجة إلى تطبيق حقيقي للقيم التي يُنادي بها، مثل الحرية والتعددية والديمقراطية، مؤكدًا أن بعض الدول التي ترفع هذه الشعارات، أصبحت اليوم تتواطأ بالصمت أو تُسهِم في نشر الكراهية ضد المسلمين والفلسطينيين.
وأشار إلى أن صعود التيارات اليمينية المتطرفة في بعض الدول، وتبنّيها لسياسات الإقصاء، ساعد على تفاقم الوضع، وجعل منصات الإعلام والتواصل ساحة مفتوحة لنشر الكراهية والتحريض دون محاسبة.
دعوة إلى مراجعة السياسات الإعلامية
واختتم المجمع بيانه بالتأكيد على ضرورة مراجعة السياسات الإعلامية والرقمية، ووضع ضوابط واضحة تمنع التحريض على الكراهية، وتحمي الأقليات والمهمشين من التمييز، كما دعا المؤسسات التربوية والدينية إلى أداء دورها في تعزيز ثقافة الاحترام المتبادل وقبول الآخر.
وقال إن دور الأزهر الشريف، وغيره من المؤسسات الدينية الرصينة، يجب أن يستمر في التوعية بخطورة خطاب الكراهية، ونشر مبادئ التعايش والعدالة والرحمة، مشيرًا إلى أن المجتمعات لن تستقر إلا إذا سادت فيها روح المحبة والاحترام والتفاهم.