راندا حامد لـ«الحرية»: وجهة نظري حول انتخابات البورصة.. نحو سوق مالي أكثر جاذبية واستقرارًا

في رؤية استشرافية تهدف إلى النهوض بسوق المال المصري، أكدت السيدة راندا حامد، رئيس مجلس إدارة شركة عكاظ، على جملة من المحاور الاستراتيجية التي من شأنها تعزيز كفاءة السوق وزيادة رأسماله السوقي، بهدف ترسيخ مكانة مصر ضمن المؤشرات العالمية المرموقة، وعلى رأسها مؤشر الأسواق الناشئة (Emerging Markets). جاء ذلك في تصريحات موسعة أدلت بها راندا حامد لـ«الحرية»: وشددت حامد على أن تحقيق هذه الأهداف الطموحة يتطلب عملاً دؤوباً ومتكاملاً، يبدأ من تطوير الآليات والأدوات الاستثمارية المتاحة في السوق، لتقديم خيارات أكثر جاذبية وتنوعاً للمستثمرين المحليين والأجانب، مما سينعكس إيجاباً على سيولة السوق وعمقه.
راندا حامد توضح مواصفات رئيس البورصة القادم وتدعو لتهيئة السوق لاستقبال طروحات الشركات
قدمت السيدة راندا حامد، رئيس مجلس إدارة شركة عكاظ، رؤيتها لمواصفات رئيس مجلس إدارة البورصة المصرية الأمثل للفترة القادمة، مشددة على ضرورة أن يمتلك هذا المنصب الكفاءة القيادية والقدرة على التكيف مع المتغيرات المستمرة.
أوضحت حامد أن رئيس البورصة يجب أن يكون “مُستمعًا لكل ما هو جديد” ومُتبعًا “النهج العلمي” في اتخاذ القرارات. وأضافت أن القدرة على “بحث الجمهور ونقد الأفكار” بشكل بناء، بالإضافة إلى “الخبرة الكافية” في مجال أسواق المال، تُعد ركائز أساسية لمساعدة مجلس البورصة على تحقيق أهدافه. كما أكدت على أهمية أن يكون رئيس المجلس “مستمعاً ويداً للأفراد الذين يمثلهم” السوق.
توسيع قاعدة الشركات: مفتاح إنعاش سوق المال
وفي سياق الملفات ذات الأولوية التي يجب على البورصة المصرية التركيز عليها في الفترة القادمة، أشارت حامد إلى أن “أكثر ما يعاني منه سوق المال حاليًا هو صغر رأس المال، نظراً لقلة عدد الشركات المدرجة”.
ودعت إلى أهمية “طرح الشركات” كآلية رئيسية لجذب المزيد من الاستثمارات وزيادة عمق السوق. وأكدت على تفضيلها للتركيز على “الطرح العام” في المرحلة الراهنة. وأرجعت ذلك إلى أن الفترة السابقة شهدت تركيزًا أكبر على المستثمر الاستراتيجي لسد الحاجة الملحة للعملة الصعبة، بينما ترى الآن ضرورة إعادة التوازن والتوجه نحو الطرح العام لفتح المجال أمام شريحة أوسع من المستثمرين.
دور البورصة في برنامج الطروحات: تهيئة السوق وتسهيل الإجراءات
ولتحقيق أقصى استفادة من برنامج الطروحات الحكومية وغير الحكومية المرتقبة، أكدت السيدة راندا حامد على أن “دور البورصة يجب أن يبدأ بتهيئة السوق لاستقبال هذه الطروحات”. فكلما كان السوق أكثر جاذبية وكفاءة، كلما زادت فرص نجاح هذه الطروحات في جذب الاستثمارات.
واقترحت في هذا الصدد “تعديل بعض قوانين التداول والقيد” بما يسمح بتسهيل دخول هذه الشركات إلى السوق، وتبسيط إجراءات الاستثمار والاندماج فيها، مما يضمن تدفقًا سلسًا لرؤوس الأموال ويعزز مكانة البورصة كمنصة رئيسية لتمويل النمو الاقتصادي.
وفي تحليل معمق لوضع البورصة المصرية خلال العقد الأخير، أقرت السيدة راندا حامد، رئيس مجلس إدارة شركة عكاظ، بأن السوق مر بـ “مواقف عصيبة” وفترات “هروب رؤوس أموال”، وهي سمات طبيعية لأسواق المال التي تتسم بالتذبذب المستمر. وأشارت إلى أن السوق “لا يعرف حالة مستدامة من الاستقرار”، ففترات الانخفاض قد تمثل “فرصًا واعدة” للمستثمرين الجدد، بينما تتطلب فترات الارتفاع “جني الأرباح”.
وفي رؤيتها للمستقبل، شددت حامد على أن التحدي الأبرز يكمن في “تأمين السوق” وزيادة عدد المستثمرين، مؤكدة أن “الثقافة المالية” أصبحت ضرورة حتمية. وأوضحت أن استراتيجية البورصة 2030، التي تتكون من سبعة محاور رئيسية، تضع “زيادة عدد المستثمرين” في صدارة أولوياتها، لضمان استقرار السوق. كما أكدت على ضرورة جذب “المؤسسات والكيانات الكبيرة” لدخول السوق، لتعزيز عمقه وتقليل اعتماده على المستثمرين الأفراد.
وفي سياق متصل، طالبت حامد بـ “تعديل قواعد القيد” لتسهيل انضمام الشركات للبورصة، مشيرة إلى أن الإجراءات الحالية وطول مدتها وكثرة التزاماتها تنفر الشركات. واقترحت “تخفيض الضرائب” وتيسير الالتزامات لتقديم حوافز حقيقية للشركات الراغبة في القيد.
وعلى صعيد الجدل الدائر حول ضريبة الأرباح الرأسمالية التي استُبدلت بضريبة الدمغة، انتقدت حامد “عدم استقرار التشريع” على مدار السنوات العشر الماضية. ورغم اعترافها بأن ضريبة الأرباح الرأسمالية “أكثر عدلاً” لأنها تُطبق على الأرباح المحققة فقط، إلا أنها اعتبرت ضريبة الدمغة “أفضل حاليًا” لسهولة تطبيقها مقارنة بـ “البلبلة وعدم اليقين” الذي صاحب محاولات تطبيق ضريبة الأرباح الرأسمالية سابقًا.
فهم المستثمر: ركيزة أساسية لتنمية السوق:
تناولت السيدة راندا حامد في حديثها أهمية فهم سلوكيات وأنواع المستثمرين في سوق المال، مقسمة إياهم إلى فئتين رئيسيتين:
المستثمر المباشر وصانع القرار: وهو المستثمر الذي يتميز برغبته في الانخراط المباشر في عملية الاستثمار، ويحرص على تحليل التقارير المالية والاقتصادية بشكل مستفيض قبل اتخاذ أي قرار استثماري. وأكدت حامد على ضرورة تمكين هذا النوع من المستثمرين بالمعلومات الدقيقة والشفافة، لما له من دور حيوي في ضخ رؤوس الأموال الذكية في السوق.
المستثمر المعتمد على الخبرة المتخصصة: ويشمل المستثمرين الذين يؤمنون بجدوى الاستثمار في سوق المال ولديهم استعداد لتقبل المخاطر الكامنة فيه، لكنهم يفضلون تفويض إدارة استثماراتهم لجهات متخصصة. هنا، أشارت حامد إلى خيارين رئيسيين:
إدارة المحافظ الاستثمارية: وأوضحت أن هذه الخدمة توفر ميزة بالغة الأهمية للمستثمر، تتمثل في التواصل المباشر والمستمر مع مدير الاستثمار. هذا التواصل يتيح للمستثمر تحديد المحفظة الاستثمارية التي تتناسب تماماً مع أهدافه المالية ومستوى تحمله للمخاطر. كما يمكنه الاستفادة من التقارير الدورية المفصلة، والحصول على إجابات فورية لاستفساراته، مما يساهم بشكل فعال في تعليم المستثمر وتنمية وعيه بآليات السوق.
الصناديق الاستثمارية: وفيما يخص الصناديق، أكدت حامد على ضرورة أن تسعى إدارات هذه الصناديق إلى تحقيق أفضل أداء ممكن. فوجود ما يزيد عن 20 أو 30 صندوقاً استثمارياً يتطلب من كل صندوق إثبات كفاءته وتميزه لجذب ثقة المستثمرين، الذين يكتفون غالباً بمعرفة سعر الوثيقة، مما يجعل الأداء هو المعيار الأهم في جذب الاستثمارات إلى هذه الصناديق.
الاستثمار طويل الأجل: مفتاح الثروة المستدامة:
لم يفت السيدة راندا حامد التأكيد على مبدأ أساسي في عالم الاستثمار، وهو أن “جميع الأبحاث والدراسات العالمية تثبت بما لا يدع مجالاً للشك أن الاستثمار في الأسهم، على المدى الطويل، هو الاستثمار الأفضل والأكثر تحقيقاً للعوائد”. ودعت المستثمرين إلى تبني هذه الرؤية الاستراتيجية لتحقيق أقصى استفادة من الفرص المتاحة في السوق.
محاور استراتيجية لتعزيز قوة البورصة المصرية:
قدمت رئيس مجلس إدارة “عكاظ” رؤية متكاملة تتضمن أربعة محاور استراتيجية محددة لتحقيق النهضة المأمولة لسوق المال المصري:
تعظيم كفاءة السوق وزيادة رأسماله السوقي:
تطوير آليات وأدوات جديدة: شددت حامد على الحاجة الملحة لإدخال أدوات مالية مبتكرة وآليات تداول حديثة، تساهم في جذب شرائح جديدة من المستثمرين وتوسيع قاعدة المتعاملين في السوق.
جذب الاستثمارات: أكدت أن الهدف الأسمى هو زيادة حجم السيولة في السوق وجذب الاستثمارات المحلية والأجنبية، مما يعزز مكانة مصر في المؤشرات العالمية ويجعلها وجهة مفضلة لرؤوس الأموال.
تشجيع الاستثمار المؤسسي وجذب الشركات الكبرى للقيد:
استعادة جاذبية الشركات العملاقة: طالبت حامد بضرورة استعادة البورصة المصرية لدورها السابق كجاذب للشركات الكبرى والكيانات الاقتصادية العملاقة التي كانت مدرجة بها في السابق، مثل “موبينيل”.
تقديم حوافز وتسهيل الإجراءات: اقترحت تقديم حوافز مجزية لهذه المؤسسات، وتبسيط وتجسيد الإجراءات الخاصة بقيدها وتداول أسهمها، لما توفره هذه الشركات من استقرار وثبات لسوق المال، وجذب كبير للمستثمر الأجنبي.
نشر ثقافة الاستثمار والوعي المالي:
محو الأمية المالية: أكدت حامد على أن هناك فجوة كبيرة في الوعي المالي لدى قطاع عريض من المجتمع، حيث يقتصر فهمهم للاستثمار على الادخار التقليدي أو شهادات الاستثمار البنكية.
استراتيجية تثقيفية شاملة: دعت البورصة إلى تبني استراتيجية وطنية لنشر ثقافة الاستثمار، تتضمن:
التوجه للجامعات والمدارس: إطلاق برامج تثقيفية موجهة للشباب في مراحل التعليم المختلفة، لتعريفهم بأساسيات سوق المال وأهمية الاستثمار.
تفعيل دور الإعلام: تكثيف التعاون مع وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمكتوبة لإبراز دور البورصة، وشرح آليات عملها، وعرض قصص نجاح المستثمرين.
توضيح الفرص الوظيفية: تعريف الشباب بالمهارات المطلوبة للعمل في شركات الاستثمار والوساطة المالية، والوظائف المتاحة في هذا القطاع الحيوي.
إنشاء نقابة مهنية للعاملين في سوق المال:
مظلة حماية ورعاية: اقترحت السيدة حامد إنشاء نقابة مهنية مستقلة للعاملين في سوق المال، على غرار نقابات الصحفيين والأطباء.
أهمية كبرى للعاملين: أكدت على أهمية هذه الخطوة، خاصة في ظل بلوغ العديد من العاملين سن التقاعد، مما سيضمن لهم حقوقهم ويوفر لهم مظلة اجتماعية ومهنية.
رسالة تحدٍ وشراكة للمجلس الجديد:
وفي ختام حديثها، وجهت السيدة راندا حامد رسالة قوية وملهمة إلى المجلس الحالي [إذا كان سياق الحديث يشير إلى مجلس إدارة معين أو جهة حكومية معينة، يفضل تحديدها هنا، مثلاً: “للمجلس الحالي للبورصة المصرية”]. وصفت المرحلة الراهنة بأنها “رحلة تحدٍ” شيقة وملهمة، تجعلها “تتوقع وتجعلها إيجابية”. وأعربت عن خالص أمنياتها بالمشاركة الفعالة في هذه الرحلة المليئة بالتحديات إلى جانب المجلس الجديد، مؤكدة على أهمية تضافر الجهود والتعاون المشترك لتحقيق الأهداف الطموحة لسوق المال المصري ودعم الاقتصاد الوطني.