في اليوم العالمي للرقص.. حين يتحوّل الرقص إلى أحد أشكال المقاومة

يوافق اليوم 29 أبريل، اليوم العالمي للرقص، وهو مناسبة أُطلقت للاحتفال بهذا الفن الإنساني العابر للثقافات واللغات، لكن بعيدًا عن كونه مجرّد وسيلة للترفيه أو الأداء الجسدي كما ارتبط في أذهاننا، تحوّل الرقص في بعض مناطق العالم إلى أداة نضال وصوتٍ للتعبير والاحتجاج حين تُقمع الكلمات.في فلسطين، لم تعد “الدبكة” مجرد رقصة شعبية تُؤدى في المناسبات، بل أصبحت رمزًا للصمود والهوية، تعبر عن النضال. شبابٌ وفتيات يرقصون في الساحات، بين الأنقاض، وفي الجنازات والأفراح، ليقولوا للعالم: “نحن هنا.. رغم كل شيء.”وفي شوارع الولايات المتحدة، وُلد رقص “الهيب هوب” من رحم الغضب والتمييز، ليجسّد احتجاجًا صامتًا ضد العنصرية والعنف والفقر، أصبح الرقص هناك لغة جريئة، تنطق بما لا يُقال في المؤتمرات أو البيانات.
الرقص في إيران تمرد صامت
وفي إيران يصبح الرقص هناك أداة تعبر عن التمرد الصامت، وفي دولةٍ تُقيد التعبير، يصبح الرقص فعل للمقاومة، ورغم حظره في الأماكن العامة، يصرّ الشباب الإيراني على الرقص، أحيانًا في الخفاء، وأحيانًا في وضح النهار، متحدّين القوانين الصارمة، والمقاطع المصوّرة التي تنتشر على منصّات التواصل لا تثير الجدل فقط بل توقظ الأمل.أما في أوكرانيا فكان إصرار على الحياة، في بلدٍ تمزّقه الحرب، خرج مدنيون وجنود يرقصون في الساحات، الملاجئ، وحتى خطوط النار، رقصة بسيطة قد تكون لحظة هروب من القصف، أو تأكيدًا أن الحرب لن تسرق أرواحهم بالكامل، مشاهد الرقص وسط الدمار تعكس التمسك بالحياة، في أقسى ظروف الموت.

الرقص في جنوب أفريقيا تحدٍّ للتمييز
في زمن الفصل العنصري، لجأ السود إلى الرقص الشعبي ليحافظوا على ثقافتهم، متحدّين محاولات الطمس. كانت خطوات الرقص في الأزقة والبيوت، رسائل مشفّرة تقول: “نحن لا نخاف.. نحن موجودون”، وكان الرقص بالنسبة لهم وطنًا مصغّرًا حين غُيّب الوطن الكبير.في هذا اليوم العالمي، نتذكر أن الرقص ليس دائمًا رفاهية، بل قد يكون شكلاً من أشكال المقاومة، وصوتًا لِمن لا صوت لهم.في اليوم العالمي للرقص، لا نحتفي فقط بجمال الحركة، بل بقوّتها، فالرقص لم يكن يومًا ترفًا، بل في كثير من الأحيان كان وسيلة للبقاء، وللصراخ في وجه القهر حين يخفت الصوت، من فلسطين إلى نيويورك، من شوارع طهران إلى ساحات أوكرانيا، وكانت الخطوة الراقصة أبلغ من الخطاب، وكانت الأجساد المتحركة أعظم من كل المنابر، لذلك، حين نرى أحدهم يرقص اليوم فلنتساءل: ماذا يريد أن يقول؟ وما الذي يحاول العالم أن يمنعه من قوله؟