هل يمكن الاستمرار في الزواج بلا تواصل من أجل مصلحة الأبناء؟ الإفتاء توضح.

أثار سؤال وجهته إحدى السيدات من محافظة الدقهلية، حول استمرار الحياة الزوجية رغم الخلافات المتكررة وانعدام التواصل بين الزوجين حفاظًا على الأبناء، تفاعلًا كبيرًا. وقال الدكتور هشام ربيع، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، في برنامج “مع الناس” المذاع عبر قناة الناس، أن الزواج إذا تم وفق الأطر الشرعية الصحيحة فهو عقد شرعي لا شبهة فيه، إلا أن استمرار الزوجين في العيش تحت سقف واحد دون حوار أو تواصل، بدافع الحفاظ على الأبناء فقط، يُعد أمرًا سلبيًا يحمل آثارًا نفسية واجتماعية خطيرة على جميع أفراد الأسرة، مشددًا على أن “هذه ليست عيشة كريمة وإنما نوع من المعاناة اليومية المستمرة”.
أهمية الحوار في العلاقة الزوجية: البداية من كلمة بسيطة
وتابع أمين الفتوى حديثه مؤكدًا أن الحل الأول والأكثر فعالية يكمن في المبادرة بالحوار، حتى لو كان ذلك في أبسط صوره، مثل دعوة أحد الزوجين للآخر للجلوس معًا بعد صلاة العشاء، بكلمة بسيطة: “تعالَ اقعد معايا شوية، ولفت إلى أن استعادة التواصل الإنساني بين الطرفين قد يكون بداية لحل جذري لمشكلة توتر العلاقة، وربما إنقاذ الأسرة بأكملها.وإذا لم تُجدِ هذه المحاولات نفعًا، أشار إلى التوجيه القرآني بإرسال حكم من أهل الزوج وحكم من أهل الزوجة، وهي مرحلة يمكن أن تسهم في معالجة الخلافات، لكن في بعض الأحيان قد تؤدي إلى تعقيد الأمور إذا لم تُدار بحكمة.أما عن الحكم الشرعي لاستمرار الحياة بين زوجين يعيشان معًا دون انسجام، فقد أكد الدكتور هشام ربيع أنه لا يوجد تحريم شرعي في ذلك ما دام العقد قائماً، لكنه أوضح في الوقت نفسه أن هذا الوضع غير مستحب شرعًا ولا اجتماعيًا، ولا يُنصح بالاستمرار فيه دون بذل محاولات جادة للإصلاح.وأضاف أن استمرار مثل هذه الحياة قد يؤدي إلى تداعيات نفسية خطيرة على الأطفال، الذين يتأثرون بشكل كبير بالخلافات الصامتة التي تملأ أجواء المنزل، مما ينعكس لاحقًا على استقرارهم النفسي وتكوينهم السلوكي.
مراكز الإفتاء والمصالحة الأسرية.. حلول واقعية للمشاكل الزوجية
في ختام حديثه، وجه أمين الفتوى دعوة صريحة للجوء إلى المراكز المتخصصة التابعة للمؤسسات الدينية، مثل وحدة “لَمّ الشمل” التابعة للأزهر الشريف أو مراكز دار الإفتاء المصرية، مشيرًا إلى أنها تقدم خدمات دعم نفسي وأسري مجانية، وتعتمد على كوادر مؤهلة لحل النزاعات الزوجية بشكل منهجي، مشيدًا بنجاح هذه المبادرات، موضحًا أن “ما بين 85% إلى 95% من الحالات التي تُعرض على هذه المراكز تنتهي بالصلح، ويخرج الطرفان مجبولَي الخاطر”، ما يدل على فعالية الدعم المؤسسي في معالجة الأزمات الزوجية بعيدًا عن الطلاق.