إسرائيل تستعد لخطة بديلة لـ”المدينة الإنسانية” في حال تعثرت المفاوضات في غزة.

بين تعثر المفاوضات وتضاؤل فرص التوصل إلى اتفاق دائم، بدأت إسرائيل الاستعداد لتنفيذ خطة بديلة في قطاع غزة، تحمل ملامح تصعيد جديد يعيد خلط أوراق الميدان، ويضع مستقبل القطاع أمام سيناريو مفتوح.القناة 12 الإسرائيلية كشفت، نقلاً عن مصادر أمنية وسياسية، أن رئيس أركان جيش الإحتلال الإسرائيلي عرض خطة بديلة لـ”المدينة الإنسانية“، تحظى بقبول واسع في الحكومة الإسرائيلية، وتقوم على توسيع نطاق السيطرة الميدانية في غزة، حال فشل جهود الوسطاء أو تعثرت مفاوضات التهدئة.
خطة السيطرة الموسعة: ما الذي تعنيه؟
الخطة الجديدة، وفق المصادر، تستند إلى توسيع مساحة السيطرة العسكرية في القطاع بشكل كبير مقارنة بالوضع الحالي، وترتكز على السيطرة على محاور إضافية ونقاط استراتيجية، ما يعني فعليًا تقسيمًا جديدًا للقطاع وفرض وقائع أمنية جديدة على الأرض.ويبدو أن هذه الخطة ليست مجرد “بديل احتياطي”، بل سيناريو جاهز للتنفيذ، في حال لم تُفضِ مفاوضات الدوحة إلى اتفاق يتضمن وقفًا دائمًا لإطلاق النار وصفقة تبادل أسرى تشمل إنهاء الحرب خلال فترة الـ60 يومًا المحددة في الطرح الأمريكي الأخير.
مفاوضات على حافة الانهيار
المصادر ذاتها أكدت أن الوسطاء المصريين والقطريين، إلى جانب واشنطن، يضغطون حاليًا على حركة “حماس” لتقديم رد واضح على المقترح الأخير. وعلى الرغم من ميل بعض قادة الحركة في الدوحة إلى دعم الاتفاق، فإن قيادة جناحها العسكري في غزة ما زالت مترددة، وتتمسك، حسب القناة الإسرائيلية، بـ”قضايا صغيرة وغير جوهرية”.ووفق تقييم أميركي نقلته القناة، فإن “الكرة الآن في ملعب حماس”، وفي حال لم يتم التوصل إلى اتفاق، فستقع المسؤولية – حسب رواية الإسرائيليين – على الحركة التي “تتصرف بعناد”، وفق تعبير مسؤول أميركي رفيع.
“المدينة الإنسانية”: ما الذي تخشاه إسرائيل؟
الخطة البديلة تأتي على خلفية ضعف القبول الدولي بخطة “المدينة الإنسانية”، التي قدمها وزير الدفاع يسرائيل كاتس، ويدعمها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.هذه الخطة، المثيرة للجدل، تقوم على نقل ما لا يقل عن 700 ألف إلى مليون فلسطيني من شمال ووسط القطاع إلى منطقة ضيقة قرب الحدود المصرية، بذريعة حمايتهم من المعارك.لكنها تواجه انتقادات أممية وحقوقية باعتبارها تشكل تهجيرًا قسريًا ممنهجًا، ومحاولة لصياغة “واقع إنساني مزيف”، في ظل دمار شبه كامل للبنية التحتية ومجاعة متفاقمة.
حسابات سياسية وأمنية
الرهان الإسرائيلي على نجاح خطة “السيطرة البديلة” يبدو مرتبطًا بعدة عوامل:استغلال حالة الإنهاك في غزة: بعد أشهر من الحرب والحصار، تراهن إسرائيل على ضعف القدرة العسكرية والتنظيمية لدى المقاومة.الضغط الأميركي وتآكل الدعم العربي لحماس: يُستخدم كأداة لفرض شروط تفاوضية أكثر تشددًا.خشية إسرائيل من انهيار التهدئة دون بديل جاهز: ما قد يُعيد التصعيد إلى نقطة الصفر ويضر بالوضع الأمني في الجبهة الجنوبية.
المستقبل: مفترق طرق
مع كل ساعة تأخير في الرد من حماس، تزداد احتمالية تنفيذ الخطة البديلة. إسرائيل لا تخفي استعدادها للعودة إلى العمليات البرية، ولو على نطاق أوسع. في المقابل، قد تجد المقاومة الفلسطينية نفسها أمام خيار صعب: إما التنازل في ظل ضغط شعبي وأممي، أو الدخول في مواجهة جديدة بنتائج غير مضمونة.وبين هذا وذاك، يقف أكثر من مليوني فلسطيني في غزة عند مفترق طريق. خياراتهم ليست بأيديهم، ولكن ثمن أي قرار سيتحملونه وحدهم.