العراق يكشف عن إفشال محاولات “تخريبية” مرتبطة بحزب البعث واعتقال 40 مشتبهاً بهم

في خطوة أمنية لافتة تزامنت مع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية، أعلن جهاز أمني عراقي رفيع، الاثنين، إحباط ما وصفها بـ”محاولات تخريبية” في ثلاث محافظات، قال إنها تقف خلفها فلول مرتبطة بنظام حزب البعث المحظور، ومجموعات مدعومة من الخارج، مؤكداً اعتقال 40 شخصاً ضمن عمليات وصفت بـ”النوعية”.
بيان رسمي يتحدث عن “جهود استخبارية دقيقة”
وقال الجهاز، في بيان رسمي، إن إحباط هذه المحاولات جاء بعد “جهد استخباري متواصل”، متهماً المتورطين بـ”محاولة تأليب الرأي العام والتحريض على الدولة عبر الترويج لأفكار ومفاهيم النظام السابق، تحت شعارات كاذبة ومضللة”.وأضاف البيان أن العمليات جرت في بغداد والأنبار ونينوى، وهي مناطق كانت تاريخياً تشهد نشاطاً سابقاً لحزب البعث، مشيراً إلى أن “المتهمين كانوا يسعون لإعادة إنتاج خطاب البعث المحظور، مستغلين المناخ السياسي المفتوح، ووسائل التواصل الاجتماعي”.
“لواء 66”.. اسم جديد يعود إلى الواجهة
وفي سياق متصل، لفت البيان إلى أنه تم “رصد أنشطة موجهة من الخارج للترويج لما يسمى بـ(لواء 66)، وهو كيان افتراضي يستخدم الإنترنت كمنصة لبث محتوى تحريضي ومؤدلج يرتكز على مفاهيم بعثية وممارسات تحريضية ضد الدولة ومؤسساتها”.ويُتداول اسم “لواء 66” مؤخراً في الفضاء العراقي بوصفه تشكيلًا إلكترونيًا يُحاكي رموز حزب البعث المنحل، عبر منصات التواصل الاجتماعي، مع مزاعم بوجود ارتباط تنظيمي خارجي به، رغم غياب تأكيدات مستقلة حول حجمه أو فاعليته الميدانية.وأكد الجهاز أن بعض الموقوفين “اعترفوا بتلقي توجيهات ودعماً مادياً من شخصيات مطلوبة تقيم خارج العراق”، وأن محتوى التحقيقات يشير إلى وجود محاولات لإثارة اضطرابات أمنية محدودة كخطوة أولى قبل “التحرك نحو الفوضى الإعلامية والسياسية”.
أسئلة حول التوقيت والجدية
إلا أن هذا الإعلان لم يمر دون إثارة تساؤلات سياسية وشعبية حول التوقيت والسياق. فمع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية المقررة في تشرين الثاني/نوفمبر المقبل، يرى مراقبون أن توظيف ملف “التهديد البعثي” يعود إلى الواجهة في لحظات التوتر السياسي كأداة لتبرير إجراءات أمنية أو لإحكام السيطرة على الخطاب العام.ويقول الصحفي والباحث في الشأن الأمني، رائد عبد الستار، إن “الحديث المتكرر عن خلايا نائمة تابعة للبعث لم ينقطع منذ 2003، لكنه غالباً ما يظهر في توقيتات سياسية حساسة، دون وجود أدلة دامغة على وجود بنية تنظيمية حقيقية قادرة على التأثير”.
قانون “حظر البعث” يمنح الأجهزة صلاحيات واسعة
وكان البرلمان العراقي قد أقر عام 2016 قانوناً خاصاً بحظر حزب البعث والكيانات المنحلة، يجرّم بموجبه الترويج لأي من أفكار الحزب أو شعاراته أو رموزه، مانحاً الأجهزة الأمنية صلاحيات موسعة للملاحقة والمتابعة، حتى على منصات التواصل.ورغم هذه الإجراءات، يشتكي ناشطون من أن تطبيق القانون كثيراً ما يتحول إلى “سيف مسلط” على رقاب المعارضين، ويتم استخدامه كغطاء لاعتقالات أو استدعاءات سياسية تحت ذريعة “تمجيد البعث”.
بين الحقيقة والتسييس
في بلدٍ لا يزال يعاني من هشاشة أمنية وتحديات سياسية حادة، تبقى أي تحركات أمنية ذات طابع سياسي محل جدل واسع. وبين الحديث عن تهديدات فعلية وأجندات انتخابية، يتجه المشهد العراقي نحو مرحلة حساسة قد تحمل معها استحقاقات أمنية لا تقل خطورة عن تلك السياسية.