مئات الضحايا في مواجهات السويداء.. ودمشق تبدأ سحب قواتها عقب اتفاق لوقف إطلاق النار

تئن محافظة السويداء تحت وطأة العنف الطائفي الذي استباح أراضيها ودماء أبنائها، في مشهد مأساوي يحبس الأنفاس ويعيد إلى الأذهان أفظع صور الحرب السورية.اشتباكات دامية دمرت الأمل وزرعت الموت بين الأسر، وسط صراع دموي يعصف بوحدة النسيج الاجتماعي ويهدد مستقبل هذه البقعة التي طالما كانت رمزًا للتعايش.شهدت محافظة السويداء جنوبي سوريا تصاعدًا حادًا في أعمال العنف الطائفية، التي اندلعت منذ الأحد الماضي، وأسفرت عن مقتل أكثر من 350 شخصًا خلال 90 ساعة من الاشتباكات.وأعلنت السلطات السورية بدء انسحاب قواتها من المحافظة بعد توقيع اتفاق لوقف إطلاق النار برعاية الدولة وشيوخ الطائفة الدرزية، وذلك في ظل ضغوط دولية وغارات جوية إسرائيلية متكررة على مواقع عسكرية في المنطقة.
تفاصيل الحصيلة البشرية
أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بأن الحصيلة الأخيرة للقتلى بلغت أكثر من 350، بينهم 79 مقاتلاً درزياً، و55 مدنياً، إلى جانب 189 قتيلاً من القوات الحكومية، و18 مسلحاً من البدو. كما قتل 15 عنصراً من القوات الحكومية جراء الغارات الإسرائيلية التي استهدفت مواقعهم في المحافظة.
أسباب الاشتباكات وتصاعدها
بدأت المواجهات المسلحة بين مسلحين من الطائفة الدرزية والبدو بعد حادثة خطف تاجر خضار درزي، تلتها عمليات خطف متبادلة.حاولت القوات الحكومية التدخل لفض النزاع، لكنها انحازت بحسب مصادر محلية وناشطين إلى جانب البدو، ما أدى إلى تصاعد المواجهات وزيادة عدد الضحايا.
اتفاق وقف إطلاق النار والانسحاب
أعلنت وزارة الداخلية السورية مساء الأربعاء التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار يشمل 14 بنداً، أبرزها وقف العمليات العسكرية فوراً، وتشكيل لجنة مراقبة مشتركة من الدولة وشيوخ الطائفة الدرزية للإشراف على التنفيذ. وبموجب الاتفاق، بدأت القوات الحكومية الانسحاب من المحافظة استجابةً لضغوط أمريكية ودولية.
ردود الفعل الدولية والقصف الإسرائيلي
أكد وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو التوصل إلى توافق يهدف إلى إنهاء العنف، داعياً جميع الأطراف إلى الالتزام بتعهداتهم.في المقابل، استمرت إسرائيل في تنفيذ غارات جوية على مواقع القوات الحكومية في السويداء، مهددة بتكثيف ضرباتها إذا لم تنسحب القوات السورية من المنطقة، مما يزيد من تعقيد الوضع الإقليمي.في قلب هذه الدوامة الدامية، تبدو السويداء على مفترق طرق بين استمرار النزيف أو بدء صفحة جديدة من السلام المفقود. بينما تظل أصوات الأبرياء المكلومين تنادي بالرحمة والعدل، يبقى السؤال المؤلم: هل ستسود إرادة الحياة على منطق السلاح؟ أم أن هذه الأرض ستظل ميدانا لصراعات لا تنتهي؟