تراجع تدريجي: إسرائيل تتيح فرصة جديدة للتهدئة في غزة مع شروط غير محددة

تراجع تدريجي: إسرائيل تتيح فرصة جديدة للتهدئة في غزة مع شروط غير محددة

وسط أروقة المفاوضات المغلقة في العاصمة القطرية الدوحة، تتواصل الجهود الدولية المكثفة لانتزاع هدنة جديدة في قطاع غزة، بينما دخلت المحادثات أسبوعها الثاني دون تحقيق تقدم ملموس، إلا أن بصيص أمل لاح في الأفق، بعد ما كشفته قناة “13” الإسرائيلية عن “انفراجة” مفاجئة، تمثلت في موافقة إسرائيل على انسحاب أوسع من قطاع غزة خلال فترة وقف إطلاق النار.

تل أبيب تعيد رسم خرائطها العسكرية

وبحسب ما نقلته القناة، عن مسؤول إسرائيلي رفيع مشارك في المفاوضات الجارية في قطر، أبدت تل أبيب “مرونة استثنائية” في خارطة الانتشار العسكري داخل القطاع، وقدمت يوم الثلاثاء “خريطة ثالثة” توضح مواقع تمركز القوات الإسرائيلية خلال هدنة مؤقتة مدتها 60 يوماً.وتشير مصادر لصحيفة “جيروزاليم بوست”، إلى أن الخريطة الجديدة تتضمن تقليص الوجود العسكري الإسرائيلي إلى منطقة عازلة بعرض كيلومترين على طول الحدود الجنوبية لغزة قرب رفح، مع الاستعداد لسحب عدد أكبر من القوات مقارنة بالمقترحين السابقين.

نتنياهو يوازن بين الانسحاب وعدم إنهاء الحرب

رغم هذا التحرك التكتيكي، أفادت القناة الإسرائيلية بأن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لا يزال يرفض فكرة إنهاء الحرب حتى بعد انقضاء فترة الستين يوماً المقترحة. ويرى مراقبون أن موافقة إسرائيل على إعادة الانتشار ليست بالضرورة إشارة إلى تغيير استراتيجي، بل محاولة لتهدئة الأوضاع الميدانية وامتصاص الضغوط الدولية.

انسحاب ومساعدات

وتظل نقطتا الخلاف الرئيسيتان بين إسرائيل وحركة حماس متمثلتين في كيفية انسحاب القوات خلال الهدنة، وآلية توزيع المساعدات الإنسانية داخل القطاع المحاصر. فبينما تطالب حماس بضمانات صريحة لانسحاب كامل وممرات آمنة لإدخال الإغاثة، ترفض إسرائيل منح أي تعهدات دائمة بشأن وجودها العسكري أو مستقبل العمليات في الجنوب.

لا انفراجة مؤكدة بعد

من جانبه، صرّح المتحدث باسم وزارة الخارجية القطرية، ماجد الأنصاري، أن المفاوضات لا تزال في “مرحلتها الأولى”، مشيراً إلى أن الهدف الحالي يتمثل في التوصل إلى “اتفاق مبادئ” يمهد الطريق إلى اتفاق شامل.وقال الأنصاري في مؤتمر صحفي، الثلاثاء، إن “الوفود لا تزال تجتمع بشكل مكثف في الدوحة، بالتنسيق المستمر مع الأشقاء في مصر والولايات المتحدة”، مضيفاً: “لا يمكننا أن نجزم بأن الاتفاق سيتم غداً، ولا أن المفاوضات ستنهار غداً… هذا أمر تحكمه المعطيات المتغيرة لحظة بلحظة”.

هدنة مرهونة… وحرب لا تعرف نهاية

رغم الإشارات الإيجابية التي حملتها التصريحات الإسرائيلية، فإن واقع الأرض يقول شيئاً آخر: هدنة محتملة، لكنها مشروطة… وسلام هش تُثقل كاهله البنادق والمصالح. فالانسحاب الذي وافقت عليه إسرائيل هو إعادة تموضع أكثر منه تراجع، وموافقتها “المؤقتة” لا تبدد المخاوف من عودة دوامة النار في أي لحظة.وفي الدوحة، لا تزال الطاولة مثقلة بالتعقيدات، بين أوراق الميدان ومفاتيح السياسة، فيما تترقب غزة – التي أنهكتها الحرب – خبراً حقيقياً عن سلام لم يأتِ بعد.