هدنة زمنية في جنوب سوريا.. إسرائيل تستجيب لضغوط أمريكية وتتجنب قصف الجيش السوري

هدنة زمنية في جنوب سوريا.. إسرائيل تستجيب لضغوط أمريكية وتتجنب قصف الجيش السوري

في تحول لافت في مجريات التوتر المتصاعد جنوب سوريا، كشفت مصادر إعلامية أمريكية أن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب طلبت من إسرائيل التوقف عن استهداف قوات الجيش السوري المنتشرة في محافظة السويداء. وبحسب ما نقله موقع “أكسيوس” الإخباري عن مسؤول أمريكي رفيع، فإن إسرائيل وافقت على وقف الغارات بدءاً من مساء الثلاثاء، في استجابة مباشرة لطلب واشنطن.

رسائل طمأنة من دمشق… والرد الإسرائيلي لم يتأخر

وبحسب نفس المصدر، فإن الحكومة السورية كانت قد أبلغت إسرائيل مسبقاً بتحرك دباباتها باتجاه منطقة السويداء، مشددة على أن التحرك لا يحمل نوايا عدائية تجاه إسرائيل، بل يهدف إلى “فرض النظام” وسط الانفلات الأمني المتصاعد في المنطقة.ورغم تلك الرسائل، لم تمر ساعات قليلة حتى شنت الطائرات الإسرائيلية غارات جوية استهدفت مواقع داخل مدينة السويداء، حسب ما أكدته وكالة الأنباء السورية (سانا)، التي وصفت العملية بـ”عدوان من طيران الاحتلال الإسرائيلي”.

نتنياهو وكاتس: الدروز خط أحمر

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ووزير الحرب يسرائيل كاتس، أكدا في بيان مشترك أن الهجمات جاءت في إطار حماية الطائفة الدرزية في سوريا، والتي ترتبط “بروابط تاريخية وعائلية عميقة” مع الدروز داخل إسرائيل، وفق وصف البيان. وأضافا أن إسرائيل “ملتزمة بعدم السماح بإلحاق الأذى بهم”، مع التشديد على ضرورة “نزع السلاح في المناطق المتاخمة للحدود”.

الولايات المتحدة تدخل على خط الوساطة

وفي سياق متصل، أعلن توم باراك، المبعوث الأمريكي الخاص إلى سوريا، أن واشنطن “منخرطة بعمق” في جهود الوساطة بين الأطراف المختلفة، مؤكداً أن الاشتباكات الأخيرة “تثير قلقاً بالغاً”. وأشار إلى أن الإدارة الأمريكية تسعى إلى “حل سلمي يخدم كل المكونات، من دروز وقبائل بدوية إلى الحكومة السورية والقوات الإسرائيلية”، وحذر من أن جهود التهدئة تعاني من تحديات حقيقية أبرزها “التضليل الإعلامي، وضعف التواصل، والارتباك الميداني”.

اشتباكات دامية وحصيلة متصاعدة

محافظة السويداء، التي كانت تعد من أكثر المناطق السورية استقراراً خلال سنوات الحرب، شهدت خلال الأيام الأخيرة توتراً غير مسبوق. فمنذ يوم الأحد، اندلعت مواجهات مسلحة بين فصائل درزية ومجموعات قبلية، على خلفية عمليات خطف متبادلة، ما أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 30 شخصاً وإصابة نحو 100 آخرين، بينهم نساء وأطفال.المرصد السوري لحقوق الإنسان، أعلن أن حصيلة القتلى ارتفعت إلى 203، مع تصاعد الاشتباكات ودخول الجيش السوري على الخط. وأفادت تقارير بأن مجموعة مسلحة هاجمت قوات من الجيش السوري على أطراف المدينة، ما أسفر عن مقتل 18 جندياً واعتقال آخرين.

وقف إطلاق نار هش.. تحت نيران متقاطعة

وفي محاولة لاحتواء الانفجار الأمني، أعلن وزير الدفاع السوري اللواء مرهف أبو قصرة، الثلاثاء، عن وقف كامل لإطلاق النار داخل المدينة. لكن مراقبين حذروا من هشاشة هذه التهدئة، خصوصاً في ظل بقاء جذور النزاع دون معالجة، واستمرار التوتر على الأرض.

سلام تحت فوهة البندقية

في الوقت الذي تتراجع فيه إسرائيل مؤقتاً عن القصف، وتعلن دمشق عن هدنة داخلية، تبقى الأسئلة الكبرى معلقة في سماء السويداء. هل هي استراحة محارب؟ أم مقدمة لجولة أعنف من الصراع؟ ما بين طموحات سياسية، ودماء سالت، ومصالح إقليمية متشابكة، يبدو أن السلام في الجنوب السوري لا يزال يكتب تحت فوهة البندقية.