حماس تأمل في زيادة الضغط الأمريكي في ظل توقف مفاوضات الهدنة في غزة

بين جدران الغرف المغلقة في الدوحة، تستمر مفاوضات تثبيت هدنة جديدة في غزة، بينما يسود الميدان دمار ورماد، ويُحدّق شبح التهجير من خلف الأسلاك. ورغم صمت المدافع مؤقتًا، فإن صوت العرقلة السياسية لا يزال الأعلى، وسط اتهامات متبادلة وانتظار ثقيل لتدخل أمريكي فاعل يبدو حتى الآن أقل مما تتطلبه اللحظة.
الدوحة تنتظر واشنطن
باتت المفاوضات الجارية بين حركة “حماس” وإسرائيل في العاصمة القطرية، أقرب إلى حالة من “الجمود المُدار”، بحسب مصادر مطلعة . فبينما تستمر اللقاءات غير المباشرة للأسبوع الثاني على التوالي، لا تزال المسائل الجوهرية معلقة، مع تحميل الجانب الفلسطيني لإسرائيل مسؤولية “وضع عراقيل متعمدة” في وجه أي تقدم ملموس.مصادر من حركة “حماس” أوضحت أن الوفد الفلسطيني المفاوض متمسك بالعودة إلى “البروتوكول الإنساني” المتفق عليه سابقًا في هدنة يناير الماضي، والذي يضمن دخول مساعدات شاملة إلى قطاع غزة المنكوب، من دون وسطاء جدد متهمين بالتسبب في مآسٍ سابقة.وأضافت المصادر أن التحفظ الأساسي يتعلق بمحاولة إسرائيل فرض ما يُعرف بـ”مؤسسة غزة الإنسانية”، وهي جهة لا تحظى بثقة الفصائل الفلسطينية وتُتهم بارتكاب “جرائم في إدارة توزيع المساعدات”، بما في ذلك مسؤوليتها عن حادثة قتل لمواطنين أثناء انتظارهم تسلُّم المعونات.وأكدت المصادر أن «المفاوضات لم تنهَر لكنها متوقفة على انتظار تحرّك أميركي أكثر جدّية»، مشيرة إلى أن الوفد الفلسطيني يراهن على ضغط واشنطن لتليين الموقف الإسرائيلي، لا سيما فيما يتعلق ببنود إدخال المساعدات، ووقف إطلاق النار طويل الأمد، وضمانات بعدم استئناف العمليات العسكرية بعد انتهاء أي هدنة مؤقتة.
رفض مصري لـ”مخطط التهجير”
في تطور لافت، عبّر مصدر مصري رفيع عن “استهجان القاهرة الشديد” لما وصفه بـ”مخطط إسرائيلي ممنهج” لدفع الفلسطينيين إلى مغادرة قطاع غزة قسرًا نحو الحدود المصرية. وأوضح المصدر أن مصر ترى أن السياسات الإسرائيلية في المناطق الحدودية تهيئ الأرضية لتهجير قسري، من خلال استمرار الضغط الإنساني على السكان، وإغلاق سبل النجاة، ثم دفعهم نحو “الممر الوحيد المفتوح”، أي رفح.وأشار إلى أن هناك “تحركات إسرائيلية تهدف إلى إقامة مناطق خيام مؤقتة للفلسطينيين قرب الحدود المصرية”، وهو ما تعتبره القاهرة تجاوزًا خطيرًا لخطوطها الحمراء، التي طالما أكدت رفضها الحازم لأي شكل من أشكال التهجير خارج حدود قطاع غزة.بين تهديد التهجير وفشل المفاوضات، يعيش قطاع غزة لحظة حرجة، تتشابك فيها الحسابات السياسية بالمآسي الإنسانية. فالميدان يصرخ بحاجة إلى تهدئة شاملة، بينما تتباطأ الطاولة السياسية تحت ثقل الشروط والشروط المضادة. وما لم تتحرك واشنطن بثقلها السياسي الحقيقي، فإن المشهد مرشح لمزيد من الانفجار، لا لميلاد هدنة حقيقية.