انسحاب جناحي يهدوت هتوراة يثير أزمة جديدة تهدد استقرار حكومة نتنياهو

في تطور مفاجئ يعمق الأزمة السياسية داخل إسرائيل، أعلن جناحا تكتل “يهدوت هتوراة” الحريدي، حزبَا “ديجيل هاتوراة” و”أغودات يسرائيل”، انسحابهما من حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، احتجاجاً على عدم التوصل إلى اتفاق بشأن قانون إعفاء طلاب المدارس الدينية من الخدمة العسكرية. الخطوة التي تقلص الأغلبية البرلمانية، تضع مستقبل الحكومة في مهب الريح.
شرخ داخل التكتل الحريدي
بدأت الأزمة حين أعلن حزب “ديجيل هاتوراة”، الذي يمتلك أربعة مقاعد في الكنيست، انسحابه من الائتلاف، ما خفّض عدد نواب الحكومة إلى 63 فقط. وسرعان ما تبعه حزب “أجودات يسرائيل”، الذي يمتلك ثلاثة مقاعد، ليهبط عدد المقاعد المؤيدة للحكومة إلى 60، ويُفقد نتنياهو أغلبية الكنيست الحرجة (من أصل 120 مقعدًا).
السبب: قانون التجنيد يهدد هوية الحريديم
الانسحاب جاء احتجاجًا على عدم صياغة قانون جديد يضمن إعفاء طلاب المدارس الدينية من التجنيد الإجباري، وهو مطلب رئيسي للحريديم. وكانت المحكمة العليا الإسرائيلية قد أصدرت، في 25 يونيو 2024، قرارًا يلزم الحريديم بالخدمة العسكرية، ويمنع تمويل المدارس التي لا يلتزم طلابها بالتجنيد، ما فجّر موجة غضب عارمة في أوساطهم.
أزمة ائتلاف وهشاشة حكومية
بحسب صحيفة يسرائيل هيوم، فإن انسحاب الحزبين يضع الحكومة في وضع بالغ الهشاشة، وقد يؤدي إلى إسقاطها في حال عدم التوصل إلى تفاهمات عاجلة. وقد تلوح في الأفق احتمالات إجراء انتخابات مبكرة أو إعادة تشكيل التحالفات البرلمانية.
المجتمع الحريدي يرفض “الاندماج العسكري”
يشكل الحريديم نحو 13% من سكان إسرائيل، ويعتبرون التجنيد العسكري تهديدًا صريحًا لهويتهم الدينية، إذ يرون في التفرغ لتعلم التوراة فريضة مقدسة. وبالنسبة لهم، فإن الاندماج في الجيش، الذي يُنظر إليه كأداة للانصهار في المجتمع العلماني، يعد خطرًا وجوديًا على عقيدتهم ونمط حياتهم.انسحاب جناحي “يهدوت هتوراة” لا يمثل فقط أزمة داخل الائتلاف الحكومي، بل يكشف عن الصدع العميق بين المجتمع الحريدي والمؤسسات السياسية والعسكرية في إسرائيل. ما يبدو للعلمانيين قضية مساواة وعدالة في التجنيد، تراه الحريديم معركة بقاء ديني وثقافي.القرار الذي أصدرته المحكمة العليا لم يكن مجرد حكم قانوني، بل قنبلة سياسية فجرت ائتلاف نتنياهو من الداخل، وربما تكتب بداية نهايته.في الأيام القادمة، ستواجه إسرائيل أحد أكثر مفترقات الطرق حساسية في تاريخها السياسي الحديث: هل تنحني الحكومة لضغوط الحريديم وتعيد صياغة قانون التجنيد؟ أم تمضي قدمًا وتخاطر بسقوط حكومتها؟
في كلتا الحالتين، بات من المؤكد أن العلاقة المتوترة بين الدين والدولة في إسرائيل ستستمر في توليد أزمات سياسية متكررة، قد تعصف بأي ائتلاف لا يوازن بين الانتماء العقائدي ومتطلبات الدولة الحديثة.