مجاعة غزة تودي بحياة الجرحى.. نقص الدم يعرقل جهود الإنقاذ في ظل الحصار

تشهد مستشفيات قطاع غزة أزمة متصاعدة في نقص إمدادات وحدات الدم، ما يهدد حياة آلاف المرضى والجرحى الذين يحتاجون إلى تدخلات جراحية طارئة وروتينية، وسط ظروف إنسانية وصحية متدهورة للغاية. ويأتي هذا النقص الحاد نتيجة عدة عوامل، أبرزها سوء التغذية والمجاعة التي تعصف بشريحة واسعة من سكان القطاع، مما يجعل غالبية المواطنين غير قادرين على التبرع بالدم بسبب ضعف أجسامهم وفقرهم الغذائي.
نقص حاد في وحدات الدم يعرقل عمل المستشفيات
قال ديب الراعي، رئيس قسم مختبرات الرعاية الأولية بوزارة الصحة في غزة، إن المستشفيات في القطاع تعاني من نقص حاد في وحدات الدم الضرورية لإنقاذ حياة المرضى والجرحى، مع وجود عدد قليل فقط من المتبرعين الذين يستوفون شروط التبرع. وأوضح أن “أغلب الراغبين في التبرع بالدم لا تتوفر لديهم الشروط الصحية اللازمة بسبب سوء التغذية المزمن”.وأشار الراعي إلى أن المختبرات تلجأ أحيانًا إلى سحب وحدات دم من متبرعين لا يستوفون المعايير الصحية المثالية، في محاولة لتلبية الاحتياجات المتزايدة، لكنه أكد أن هذه الجهود لا تكفي لتغطية حاجة المستشفيات اليومية للعمليات الجراحية، وإصابات الحروب، إضافة إلى مرضى السرطان، واللوكيميا، والثلاسيميا.وأكد أن “الغالبية العظمى من سكان غزة يعانون من ضعف عام بسبب نقص التغذية، وغياب اللحوم والفواكه، فضلاً عن نقص الفيتامينات والمعادن الأساسية مثل الحديد، الأمر الذي يجعل التبرع بالدم شبه مستحيل بالنسبة لهم”.
أزمة الوقود تزيد من تعقيد الوضع الصحي
تضافرت أزمة نقص الدم مع تحدي آخر هو ندرة الوقود، حيث تعاني مستشفيات وزارة الصحة في غزة من نقص حاد في مصادر الطاقة اللازمة لتشغيل الثلاجات الخاصة بحفظ الدم ووحداته المختلفة.وأوضح الراعي أن “وحدات الدم يجب أن تحفظ في ثلاجات تحافظ على درجة حرارة تتراوح بين 2 إلى 8 درجات مئوية، بينما تتطلب مكونات الدم مثل البلازما والصفائح الدموية تخزينًا في درجات حرارة منخفضة جدًا تصل إلى 20 درجة تحت الصفر”. وأضاف: “توقف عمل هذه الثلاجات يعني فقدان مئات أو آلاف الوحدات من الدم، ما يعرض حياة المرضى للخطر”.وحذر من أن استمرار انقطاع التيار أو عدم توفر الوقود قد يكون بمثابة حكم بالإعدام على آلاف المصابين الذين يعتمدون يوميًا على هذه الوحدات من الدم لإنقاذ حياتهم.
النقص يؤثر على العمليات الجراحية والمرضى المصابين
من جانبه، قال خليل الدقران، المتحدث باسم مستشفى شهداء الأقصى في وسط قطاع غزة، إن النقص الكبير في وحدات الدم أصبح يشكل خطراً كبيراً على حياة المصابين والمرضى، خصوصًا أولئك الذين يخضعون لعمليات جراحية طارئة أو روتينية.وأشار الدقران إلى أن “أقسام العناية المكثفة، التي تعنى بإنقاذ حياة الحالات الحرجة، تعمل في ظروف صعبة للغاية بسبب نقص الدم”. وأضاف أن “مرضى السرطان واللوكيميا الذين يحتاجون بشكل دائم إلى وحدات دم، باتوا في دائرة خطر شديد”.ولفت إلى أن المختبرات تتلقى أعدادًا كبيرة من المتبرعين المحتملين، خصوصًا من أقارب وأصدقاء المصابين جراء العدوان الإسرائيلي، إلا أن نتائج الفحوصات تظهر في أغلب الأحيان أن هؤلاء غير مؤهلين للتبرع بسبب سوء تغذيتهم.
منظومة صحية تواجه تحديات متعددة وسط حصار متواصل
يأتي هذا النقص ضمن سلسلة من التحديات الصعبة التي تواجهها المنظومة الصحية في غزة، والتي تعمل تحت وطأة استمرار الحرب، وفرض الحصار الذي يحد من دخول الوقود والمعدات الطبية والدوائية.وإلى جانب نقص الدم، تعاني المستشفيات من نقص حاد في الأدوية والمستلزمات الطبية الضرورية، ما يزيد من الضغط على الطواقم الطبية ويقلص قدرتها على تقديم خدمات صحية ملائمة للمرضى والجرحى.
دعوات لإنهاء الحصار وتوفير المساعدات الإنسانية
تطالب المؤسسات الطبية والإنسانية المجتمع الدولي بتحرك عاجل لإنهاء الحصار عن غزة، والسماح بدخول المساعدات الطبية والغذائية، خصوصًا المواد التي تعزز من قدرة سكان القطاع على التبرع بالدم والحفاظ على صحتهم.كما دعت وزارة الصحة في غزة إلى دعم خارجي عاجل لتوفير وحدات دم من الضفة الغربية والدول المجاورة، لتخفيف حدة الأزمة وإنقاذ حياة المرضى.تمثل أزمة نقص وحدات الدم في قطاع غزة مأساة إنسانية جديدة، حيث تتقاطع مشاكل المجاعة والحصار مع آثار النزاع المسلح، لتزيد من معاناة المدنيين والجرحى. ولا تزال جهود الطواقم الطبية مستمرة في تقديم أفضل رعاية ممكنة في ظل الظروف القاسية، وسط نداءات مستمرة للمجتمع الدولي لتقديم الدعم والإغاثة الفورية.