الخارجية الأمريكية تشرع في إنهاء خدمات 1300 موظف في إطار إصلاحات شاملة.. التفاصيل الكاملة

الخارجية الأمريكية تشرع في إنهاء خدمات 1300 موظف في إطار إصلاحات شاملة.. التفاصيل الكاملة

في خطوة وصفها مسؤولون بأنها “ضرورية” لتحسين كفاءة وزارة الخارجية الأمريكية، أعلنت الوزارة الجمعة بدء تسريح أكثر من 1300 موظف ضمن خطة إصلاحية واسعة النطاق تهدف إلى إعادة تنظيم البنية الإدارية والدبلوماسية للوزارة، وسط انتقادات واسعة من موظفين ودبلوماسيين مخضرمين يخشون أن يؤثر هذا الإجراء على قدرة الولايات المتحدة على التعامل مع الأزمات العالمية المتصاعدة.

التفاصيل: الأعداد، الفئات، والإجراءات

وفقًا لإشعار داخلي اطلعت عليه شبكة CNN، فإن عمليات التسريح ستشمل 1107 موظفين من الخدمة المدنية داخل الولايات المتحدة، بالإضافة إلى 246 موظفًا من الخدمة الخارجية، منهم دبلوماسيون وخبراء يعملون في بعثات ومكاتب الوزارة حول العالم. وقالت الوزارة إن العملية تأتي ضمن “إصلاح جذري” أعلنه وزير الخارجية في أبريل 2025، وتهدف إلى تبسيط الهيكل التنظيمي للوزارة وتحسين تركيزها على أولويات السياسة الخارجية التي وضعتها إدارة الرئيس دونالد ترامب.

كما سيتم إلغاء أو دمج مئات المكاتب الإدارية والدبلوماسية في إطار هذه الخطوات، مع منح معظم الموظفين المتأثرين إجازة مدتها 60 يومًا قبل تنفيذ قرار الفصل. ويشمل هذا العدد الموظفين الذين يغادرون طواعية بالإضافة إلى الذين سيتم تسريحهم رسميًا.يأتي ذلك في وقت يغادر فيه وزير الخارجية ماركو روبيو واشنطن في رحلة عمل إلى ماليزيا، بينما تثار تساؤلات عديدة حول مدى التأثير المستقبلي لهذه الخطوة على قدرة وزارة الخارجية في التصدي للتحديات العالمية.

دوافع الإصلاح: تعزيز الكفاءة وتوجيه الموارد

تدافع إدارة ترامب عن هذا التوجه، معتبرة أن وزارة الخارجية أصبحت “مكتظة وغير فعالة”، وأن هذا الإصلاح ضروري لإعادة توجيه الموارد والطاقات نحو أولويات السياسة الخارجية التي تحددها الإدارة، مثل مكافحة الهجرة غير الشرعية، تعزيز الأمن الاقتصادي، وتركيز أقل على قضايا مثل حقوق الإنسان والديمقراطية في الخارج.وقال وزير الخارجية ماركو روبيو إن إعادة التنظيم تُنفّذ “على الأرجح بطريقة أكثر تنظيمًا وفعالية من أي وقت مضى”. كما أشار مسؤول كبير في الوزارة إلى أن هدف الخطة هو التركيز على الوظائف التي تحتاجها الوزارة مستقبلاً وليس استهداف الأشخاص، وأن “الوظائف التي لم تعد متوافقة مع الخطة الجديدة سيتم إلغاؤها”.وأضاف المسؤول أن الخطة ستوفر مبالغ كبيرة في الميزانية المقبلة، إلا أنه لم يتم تحديد رقم محدد حتى الآن.

 مخاوف عميقة من ضعف القدرة الدبلوماسية

على الرغم من تبرير الإدارة، أثارت هذه الخطوة قلقًا كبيرًا بين الدبلوماسيين والموظفين الحاليين والسابقين، الذين يعتقدون أن تسريح هذا العدد الكبير من الموظفين سيضعف القدرة الأمريكية على التعامل مع ملفات حساسة ومتداخلة في الشرق الأوسط، أوكرانيا، إيران، وغيرها من مناطق التوتر.قال توماس يزدجردي، رئيس جمعية الخدمة الخارجية الأمريكية، وهي النقابة التي تمثل دبلوماسيي وزارة الخارجية، في تصريحات لشبكة CNN:
“في الوقت الذي يشهد فيه العالم أزمات معقدة، يجب أن تمتلك وزارة الخارجية قوة عاملة دبلوماسية متخصصة وذات خبرة. تخفيضات كهذه في هذه المرحلة يُهدد قدرة الولايات المتحدة على التفاعل بشكل فعال.”وأضاف: “هذه الخطوة تؤثر على الروح المعنوية للموظفين، وستؤثر أيضًا على قدرتنا في الاحتفاظ بكفاءات حيوية تجلبها الخدمة الخارجية منذ سنوات.”كما أصدرت الجمعية بيانًا رسميًا شددت فيه على أن التسريحات تأتي في وقت بالغ الحساسية، موضحة أن نحو 20% من القوة الدبلوماسية قد غادرت الوزارة في الأشهر الستة الماضية بسبب التسريحات أو الاستقالات. وأكدت الجمعية أن عملية التسريح تتم بشكل غير عادل حيث تُقيّم الوظائف بناءً على أماكن العمل وليس الكفاءة أو الخبرة، مما يثير تساؤلات حول المعيارية والشفافية.

هل الوزارة جاهزة؟

تأتي عملية الإصلاح في وقت يشهد فيه العالم سلسلة من الأزمات التي تتطلب استجابة دبلوماسية سريعة ومتعددة الأبعاد. من الحرب المستمرة في أوكرانيا، التصعيد في قطاع غزة، ملف إيران النووي، إلى تصاعد النفوذ الصيني والروسي، تلعب وزارة الخارجية دورًا حاسمًا في إدارة هذه الملفات من خلال شبكة واسعة من الدبلوماسيين والبعثات في جميع أنحاء العالم.ويقول مراقبون إن تقليص عدد الموظفين قد يعيق التواصل الميداني، ويفقد الوزارة مرونة في التكيف مع المتغيرات المتسارعة، خاصة في ظل تصاعد التوترات الدولية.

الجدال حول الميزانية وأولويات السياسة الخارجية

يُعتقد أن وراء هذه الخطة دوافع مالية واضحة لتقليص النفقات الحكومية، حيث يسعى الرئيس ترامب إلى تقليل حجم الحكومة الفيدرالية وخفض الإنفاق. ويرى بعض المحللين أن هذا ينعكس في تقليل التمويل لوكالات أساسية مثل هيئة الأرصاد الجوية الوطنية ووكالة إدارة الطوارئ الفيدرالية، الأمر الذي أثار جدلاً سابقًا حول جدوى الاستعداد للكوارث والأزمات.كما تركز الخطة الجديدة على دفع أجندة ترامب في مجال الهجرة والأمن القومي، مع تقليل التركيز على القضايا الإنسانية وحقوق الإنسان، وهو تحول قد يُنتقد بأنه يقوض الدور التقليدي لوزارة الخارجية في تعزيز القيم الديمقراطية في الخارج.

كيفية تطبيق الخطة وتأثيرها المستقبلي

تشير المصادر في الوزارة إلى أن الخطة ستُطبق على مراحل، مع مراقبة دقيقة للنتائج. وعلى الرغم من عدم وجود خطط حالية لخفض عدد موظفي البعثات الخارجية، فإن هناك تخوفات من أن تسريح الموظفين في المكاتب المركزية قد يؤدي إلى تقليل الدعم للبعثات الخارجية، خاصة في مناطق الأزمات.ويوضح مسؤول كبير أن الوزارة تعمل على تقليل الارتباط البيروقراطي بين مكاتب واشنطن ومراكز القرار في الخارج، مع تعزيز القدرة على اتخاذ القرارات بشكل أكثر سرعة وفعالية، ولكن تبقى الأسئلة حول مدى قدرة هذه الإجراءات على تعويض النقص في الأفراد والمهارات.

بين الكفاءة والفعالية، هل تفرّط الخارجية الأمريكية في رأس مالها البشري؟

لا شك أن إصلاح وزارة الخارجية هو أمر ضروري لتعزيز الكفاءة والتكيف مع أولويات إدارة جديدة، لكن التسريحات الجماعية في هذا التوقيت تثير تساؤلات كبيرة حول مدى جاهزية الوزارة للرد على تحديات عالمية متزايدة التعقيد.في حين ترى إدارة ترامب أن تقليص حجم الوزارة يعزز من تركيزها وفاعليتها، فإن معارضي الخطة يحذرون من أن فقدان خبرات عميقة ومتخصصة قد يُضعف قدرة الولايات المتحدة على ممارسة نفوذها الدبلوماسي في الخارج، مما يفتح الباب أمام منافسين دوليين لاستغلال الفراغ.يبقى السؤال الأكبر: هل يمكن للوزارة أن تعيد بناء نفسها على قواعد جديدة من دون خسارة قيمة الأفراد الذين يمثلون قلب الدبلوماسية الأمريكية؟ الجواب سيتكشف في الأشهر المقبلة، وسط ترقب دولي لمدى تأثير هذه الخطوة على السياسة الخارجية الأمريكية.