رسائل متزامنة من الولايات المتحدة وتركيا: لا اعتراف بدولة لقسد ولا تزويد بالسلاح لحزب العمال الكردستاني

نفى السفير الأمريكي لدى تركيا والمبعوث الخاص إلى سوريا، توماس باراك، أن تكون بلاده تدعم إقامة كيان مستقل لقوات سوريا الديمقراطية (قسد) في شمال سوريا، مشدداً على أن واشنطن لا تؤيد إقامة “كردستان حرة” أو أي كيان منفصل عن الدولة السورية.وفي تصريحات أدلى بها لمجموعة من الصحفيين في نيويورك، ونقلتها وكالة “الأناضول”، أكد باراك أن “قسد مشتقة من حزب العمال الكردستاني”، المصنف تنظيماً إرهابياً من قبل أنقرة، مشيراً إلى وجود “تعاطف في بعض الأوساط داخل الكونجرس الأمريكي تجاه قسد”، لكن ذلك لا يعني تبني خيار الانفصال.
لا دعم أمريكي لكيان كردي مستقل
وأوضح باراك أن الموقف الأمريكي يتمثل في دمج قسد داخل هيكل الدولة السورية، في إطار حل سياسي شامل، وقال: “هذا لا يعني إقامة دولة لقسد، أو دولة كردية، أو دولة علوية أو درزية، بل الجميع سيكونون تحت مظلة سوريا موحدة، لها دستورها وبرلمانها الخاص”.وأشار إلى أن تحالف بلاده مع قوات “قسد” جاء في إطار الحرب على تنظيم داعش، وهو ما خلق انطباعاً بأن هناك التزاماً أميركياً تجاههم، لكنه استدرك: “لكن السؤال هو: بماذا ندين لهم؟ نحن لسنا مدينين لهم بحق إقامة إدارة مستقلة داخل دولة”.
أنقرة ترحب بخطوة نزع السلاح في شمال العراق
في سياق متصل، رحبت تركيا بخطوة رمزية بارزة، تمثلت في إلقاء 30 مقاتلاً من حزب العمال الكردستاني أسلحتهم علناً في شمال العراق، خلال مراسم أقيمت قرب مدينة السليمانية، الجمعة، ووصفتها أنقرة بأنها “علامة فارقة” في مسار إنهاء أربعة عقود من العنف المسلح.وأشاد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بهذه الخطوة قائلاً: “آمل أن تكون الخطوة المهمة اليوم نحو تحقيق هدفنا المتمثل في تركيا خالية من الإرهاب، مباركة”، معتبرًا أنها بداية طريق نحو السلام الداخلي.يُذكر أن هذه المراسم جاءت بعد شهرين من إعلان حزب العمال الكردستاني رغبته في إنهاء النزاع المسلح ضد الدولة التركية، الذي خلف عشرات الآلاف من القتلى منذ ثمانينيات القرن الماضي.
تحول في نهج الإدارة الأمريكية؟
يرى مراقبون أن تصريحات باراك تمثل محاولة لطمأنة تركيا، الحليف المهم في الناتو، في ظل توترات مستمرة بسبب الدعم الأميركي السابق لـ”قسد”، خاصة في ظل موقف أنقرة المتشدد من أي مشروع انفصالي قرب حدودها الجنوبية.ويأتي هذا في وقت حساس سياسيًا، حيث تسعى واشنطن إلى إعادة التوازن في علاقاتها مع أنقرة ودمشق، مع دعم عملية سياسية سورية شاملة لا تستثني أحدًا، لكنها في الوقت ذاته لا تدعم تقسيم البلاد.
رسائل مزدوجة من واشنطن وأنقرة
من جهة، تؤكد واشنطن أنها لا تدعم مشروع “قسد” كدولة مستقلة، ومن جهة أخرى، تُظهر تركيا استعدادها لاحتواء ملف العمال الكردستاني عبر قنوات سياسية وسلمية، وهو ما يفتح الباب أمام مرحلة جديدة من التهدئة المشروطة، محليًا وإقليميًا، في ملف طالما كان مصدر توتر دائم في العلاقات الدولية.