تل أبيب في دائرة الخطر: ثلاث خيارات لوقف هجمات الحوثيين من اليمن

في الوقت الذي تتّجه فيه أنظار العالم نحو غزة، تتسع رقعة الخطر من السماء اليمنية. طائرات مسيّرة وصواريخ طويلة المدى تتسلل من عمق الجنوب، تضرب المجال الإسرائيلي وتفتح جبهة جديدة في حرب لم تعد تقتصر على حدود القطاع. في تل أبيب، تُعقد الاجتماعات خلف أبواب مغلقة، والسيناريوهات تُرسم بأعصاب مشدودة. بين دبلوماسية معقّدة، وتحذيرات من تصعيد إقليمي، تبحث إسرائيل عن مفتاح لإسكات صدى الحوثيين القادم من بعيد… فهل تنجح في كسر هذه المعادلة المتفجرة؟تبحث الحكومة الإسرائيلية في ثلاثة سيناريوهات رئيسية لوقف هجمات جماعة الحوثي اليمنية، التي استهدفت إسرائيل مؤخرًا بالصواريخ والطائرات المسيّرة، على خلفية الحرب الدائرة في قطاع غزة. ووفقًا لما نقلته صحيفة هآرتس عن مصادر سياسية إسرائيلية، فإن الخيارات المطروحة تتفاوت بين الدبلوماسية والعمل العسكري والتنسيق الإقليمي.
السيناريو الأول: تفاهم غير مباشر عبر حماس أو إيران
الخيار الأول يتمثل في ترتيب دبلوماسي مباشر أو غير مباشر مع حركة حماس أو إيران، قد يؤدي إلى تهدئة جبهة الحوثيين باعتبارهم أحد الأذرع العسكرية لطهران في المنطقة. ويعتمد هذا السيناريو على تصور مفاده أن إنهاء الحرب في غزة قد يزيل الذريعة الأساسية التي تستخدمها الجماعة لمهاجمة إسرائيل.
السيناريو الثاني: تصعيد عسكري واسع النطاق
الخيار الثاني يرتكز على مواصلة العمليات الجوية والاستخباراتية الإسرائيلية ضد الحوثيين، وربما بمشاركة من قوى إقليمية أو دولية، بهدف إضعاف قدراتهم الصاروخية والجوية تدريجياً. وتواصل إسرائيل بالفعل تنفيذ ضربات دقيقة ضد مواقع يُشتبه في استخدامها لإطلاق المسيّرات.
السيناريو الثالث: الضغط على الحكومة اليمنية
الخيار الثالث والأقل ترجيحاً يتمثل في تشجيع الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً على مواجهة الحوثيين عسكرياً. لكن مصادر إسرائيلية تعتبر أن هذا المسار ضئيل الفرص في ظل الواقع الميداني المعقد، وضعف سيطرة الحكومة على مناطق المواجهة.
اتفاق غزة قد يوقف الهجمات مؤقتاً
يرى مسؤولون إسرائيليون أن التوصل إلى اتفاق ينهي الحرب في غزة هو السيناريو الأقرب للنجاح في الوقت الراهن، إذ قد يدفع الحوثيين إلى وقف الهجمات، كما فعلوا مؤقتاً خلال فترات الهدنة وتبادل الأسرى. ومع ذلك، فإن القلق الإسرائيلي يتمثل في هشاشة هذا الخيار، وخطر استئناف الهجمات عند أول توتر في الضفة الغربية أو القدس.
هل مفتاح الحل في طهران؟
يراهن بعض صناع القرار في تل أبيب على إمكانية إدراج ملف الحوثيين في أي تفاهم مستقبلي مع إيران، لا سيما ضمن المساعي الأميركية لاستئناف الحوار مع طهران. إلا أن غياب أي ضمانات صلبة بشأن التزام الحوثيين بأي اتفاق، يجعل هذا المسار محفوفًا بالغموض، في ظل استمرار الهجمات وتعقيد المشهد الإقليمي.في ظل التصعيد الإقليمي المرتبط بغزة، تسعى إسرائيل لفك الاشتباك مع الحوثيين من خلال مقاربة تجمع بين الردع العسكري والحلول الدبلوماسية غير المباشرة. ومع أن التفاهم مع إيران أو إنهاء الحرب في غزة قد يوفران تهدئة مؤقتة، إلا أن الواقع المعقد في اليمن والمرونة الأيديولوجية للحوثيين يجعل الاستقرار بعيد المدى هدفاً صعب المنال. ومع غياب بدائل حاسمة، يبدو أن إسرائيل تُراهن على الوقت والضغط متعدد الاتجاهات لتقليص التهديد دون الانزلاق إلى جبهة حرب جديدة، لكنها تدرك أن الهجمات قد تعود عند أول شرارة جديدة في ساحات أخرى.