روبيو يوضح كافة التفاصيل حول إزالة جبهة النصرة من قوائم الإرهاب الأمريكية

روبيو يوضح كافة التفاصيل حول إزالة جبهة النصرة من قوائم الإرهاب الأمريكية

أعلن وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو، الإثنين، عن رفع “جبهة النصرة“، المعروفة لاحقاً باسم “هيئة تحرير الشام”، من قوائم المنظمات الإرهابية الأجنبية، في خطوة أثارت جدلاً واسعاً واعتُبرت تحوّلاً لافتاً في السياسة الأمريكية تجاه الملف السوري.القرار الذي يدخل حيّز التنفيذ في 8 يوليو الجاري، جاء وفقاً لما ذكره روبيو، في إطار تعهد الرئيس دونالد ترامب بتخفيف العقوبات على سوريا، والإقرار بالتغيرات التي طرأت في بنيتها السياسية والأمنية بعد الإطاحة بالرئيس السابق بشار الأسد أواخر العام الماضي.

من القاعدة إلى “الحكم المحلي”: تحولات جبهة النصرة

تأسست جبهة النصرة عام 2012 على يد أحمد الشرع، الملقب بـ”أبو محمد الجولاني”، كفرع رسمي لتنظيم القاعدة في سوريا. وتم تصنيفها كمنظمة إرهابية من قبل الولايات المتحدة في ديسمبر 2012 بسبب علاقاتها الوثيقة بالقاعدة ومشاركتها في عمليات مسلحة واسعة النطاق خلال الحرب السورية.لكن الجبهة شهدت تحوّلات متسارعة منذ 2016، حين أعلنت فك ارتباطها بالقاعدة، قبل أن تُعيد تشكيل نفسها لاحقاً تحت اسم “هيئة تحرير الشام”. ومنذ عام 2017، عززت الهيئة من سيطرتها في شمال غرب سوريا، لا سيما في محافظة إدلب، وقدّمت نفسها كسلطة “مدنية محلية” تدير المؤسسات والخدمات بعيداً عن الفكر الجهادي العالمي. 

حكومة جديدة في دمشق.. وقرار سياسي بدفع أمريكي

قرار رفع التصنيف – بحسب روبيو – لا يأتي فقط نتيجة تفكك الهيئة، بل أيضاً نتيجة ظهور حكومة سورية انتقالية جديدة برئاسة أحمد الشرع، التزمت علنًا بمحاربة الإرهاب، وقدّمت إشارات إلى انفتاح سياسي داخلي وخارجي، وهو ما دفع إدارة ترامب إلى الاعتراف بها كـ”شريك قابل للتعاون”.وأضاف روبيو أن القرار تم بالتنسيق مع وزارتي الخزانة والعدل الأمريكية، بناءً على أمر تنفيذي صدر في 30 يونيو، قضى بإلغاء العقوبات المفروضة على سوريا، ضمن مقاربة جديدة لتحقيق استقرار دائم.

إشعار فيدرالي وإجراءات تنفيذية

ورغم أن الإشعار الرسمي الذي نُشر على موقع “السجل الفيدرالي” جاء مقتضباً، إلا أن مصادر دبلوماسية أكدت أن القرار جاء بعد تقييم استخباراتي شامل لما وصِف بـ”التحول الجذري في سلوك الهيئة”، مشيرة إلى أن عناصرها لم يعودوا يشكلون تهديداً مباشراً للمصالح الأمريكية، كما لم يتم رصد علاقات تنظيمية مباشرة بينهم وبين القاعدة أو داعش منذ أكثر من عامين.

سياق سياسي أوسع… ورسائل للمنطقة

بحسب مراقبين، فإن هذه الخطوة تعكس سياسة أمريكية جديدة تهدف إلى إعادة تموضع واشنطن داخل الملف السوري، عبر دعم الأطراف التي تظهر استعداداً للانخراط في حل سياسي، خاصة بعد سقوط نظام الأسد.كما يرى البعض أن واشنطن تستهدف أيضاً قطع الطريق أمام النفوذ الإيراني والروسي، من خلال بناء علاقات مباشرة مع مكونات سورية جديدة، حتى تلك التي كانت مصنفة سابقاً كمعادية.

ما القادم؟

القرار يفتح الباب أمام إعادة إدماج بعض الفصائل السورية المسلحة السابقة في المشهد السياسي، وربما الأمني، ضمن استراتيجية أميركية – إقليمية لإعادة التوازن في سوريا، خاصة في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام السابق.لكن الخطوة لن تمر دون تداعيات، إذ من المتوقع أن تواجه انتقادات من بعض الحلفاء الإقليميين، خصوصًا إسرائيل وبعض دول الخليج، التي تعتبر “هيئة تحرير الشام” تهديدًا أمنيًا مستمرًا.
من جماعة ولدت من رحم القاعدة إلى فصيل سوري محلي يشق طريقه نحو “الشرعية السياسية”، تمثّل جبهة النصرة/هيئة تحرير الشام واحدة من أكثر التحولات تعقيدًا في تاريخ الصراع السوري، والقرار الأميركي الأخير قد يكون بداية فصل جديد، تتداخل فيه المصالح الأمنية، والمساومات السياسية، والاعترافات المشروطة.