ترامب وباول: صراع قوي حول مسار السياسة النقدية في الولايات المتحدة

ترامب وباول: صراع قوي حول مسار السياسة النقدية في الولايات المتحدة

تشهد الولايات المتحدة حالة توتر متصاعدة بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول، بسبب اختلافات جوهرية حول كيفية إدارة السياسة النقدية، خصوصًا في ما يتعلق بخفض أسعار الفائدة لمواجهة التحديات الاقتصادية الراهنة.

غضب ترامب من بطء الاحتياطي الفيدرالي في خفض الفائدة

يدفع استياء ترامب من بطء الاحتياطي الفيدرالي في خفض أسعار الفائدة إلى التفكير في تسريع تعيين بديل لباول، الذي تستمر ولايته حتى مايو 2026. أفادت تقارير بأن ترامب يدرس الإعلان عن مرشحه الجديد خلال شهري سبتمبر أو أكتوبر المقبلين، بهدف توجيه مسار السياسة النقدية بما يتماشى مع رؤيته الاقتصادية.في المقابل، يرفض باول فكرة الإقالة المبكرة، مؤكدًا على استقلالية الاحتياطي الفيدرالي عن السياسة التنفيذية، وهو المبدأ الذي يدافع عنه منذ تعيينه. ويرى أن محاولات الإقالة ستقابَل بمعركة قضائية قد تصل إلى المحكمة العليا.

استقلالية البنك المركزي والتحديات السياسية

يرى كثير من الخبراء أن استقلالية الاحتياطي الفيدرالي تعد من الركائز الأساسية لاستقرار الاقتصاد الأميركي. فقد تعرض البنك لضغوط سياسية متكررة عبر التاريخ، من بينها فترة رئاسة نيكسون، الذي فرض ضغوطًا على البنك للحفاظ على أسعار فائدة منخفضة قبل انتخابات 1972، مما أدى إلى تفاقم التضخم على مدى سنوات.أما ترامب، فلطالما أبدى عدم رضاه عن سياسات باول، وهدد مرارًا بإقالته. وفي حملته الانتخابية الأخيرة، اقترح فريقه أن يكون للرئيس دور أكبر في اتخاذ قرارات السياسة النقدية، وهو ما يُعد خروجًا عن التقاليد المتبعة في الولايات المتحدة.

محاولة تعيين “رئيس ظل” وخطط ترامب للسيطرة

اقترح بعض مقربي ترامب فكرة تعيين “رئيس ظل” للاحتياطي الفيدرالي، بحيث يُعلن عن خليفة لباول قبل انتهاء ولايته في 2026. لكن باول رفض هذه الخطوة، مؤكداً أنه سيكمل ولايته كاملة. رغم ذلك، يظل هذا المقترح علامة على رغبة ترامب في السيطرة على السياسة النقدية بطرق غير تقليدية.

الفرص المستقبلية لتشكيل مجلس الاحتياطي الفيدرالي

حتى إن لم ينجح ترامب في إقالة باول، بإمكانه التأثير في مستقبل السياسة النقدية عبر تعيين محافظين جدد في مجلس الاحتياطي الفيدرالي مع انتهاء ولايات بعض الأعضاء في 2026، مثل أدريانا كوغلر ومايكل بار. تلك التعيينات ستكون فرصته لتوجيه توجهات البنك المركزي نحو سياسات تفضل النمو الاقتصادي السريع وخفض الفائدة.

تداعيات الصراع على الاقتصاد الأميركي والعالمي

يمثل الصراع بين ترامب وباول انعكاسًا لتوتر أعمق بين السياسة والاقتصاد في أميركا. تدخل السياسيين في قرارات السياسة النقدية قد يؤدي إلى تقلبات في الأسواق وزيادة في معدلات التضخم أو الركود، مما يؤثر سلبًا على الاقتصاد الأميركي والعالمي.يبقى السؤال الأهم حول مدى قدرة المؤسسات الأميركية، وخصوصًا الاحتياطي الفيدرالي، على الحفاظ على استقلاليتها بعيدًا عن الضغوط السياسية، وذلك لضمان استقرار الاقتصاد وتحقيق النمو المستدام.مع استمرار ولاية باول حتى مايو 2026، يبقى المشهد السياسي والاقتصادي في الولايات المتحدة مفتوحًا على احتمالات عدة، وسط ترقب لإجراءات قد يتخذها ترامب لتغيير خريطة السياسة النقدية. الصراع بين الرجلين لا يقتصر على خلاف إداري، بل يعكس صدامًا بين رؤى اقتصادية وسياسية متباينة ستؤثر على مستقبل الاقتصاد الأميركي في السنوات القادمة.