قمة بريكس 2025: تحالف الدول النامية يتصدى للهيمنة ويعيد تشكيل النظام الدولي

قمة بريكس 2025: تحالف الدول النامية يتصدى للهيمنة ويعيد تشكيل النظام الدولي

تسعى البرازيل، المضيفة للقمة، إلى إثبات نفسها كقوة دبلوماسية صاعدة في الجنوب العالمي، مستغلة منصة بريكس للدفع بإصلاحات تتجاوز انتقادات المعايير الغربية المزدوجة تجاه الشرق الأوسط وأوكرانيا، لا سيما مع وجود تباين واضح في مواقف الدول الأعضاء.وأبرزت تقارير مثل صحيفة “الجارديان” أن البرازيل ستطرح على القمة مجموعة من المقترحات المهمة، منها:الانتقال السريع إلى الطاقة الخضراء.تعزيز التعاون في مجال اللقاحات.توسيع معاملة “الدولة الأكثر رعاية” لتشمل جميع أعضاء منظمة التجارة العالمية.وتعكس هذه الخطوات الطموحات المتزايدة لـ”البريكس” التي توصف بديلاً قويًا لمجموعة الدول السبع الكبرى، مع توسعها المتسارع الذي يعكس بروز نظام عالمي متعدد الأقطاب.

مشاركة مصر في قمة بريكس.. صوت المنطقة في قلب الحوار الدولي

تمثل مشاركة مصر في القمة عبر رئيس مجلس الوزراء، الدكتور مصطفى مدبولي، فرصة مهمة للمنطقة العربية لعرض قضاياها الهامة على منصة دولية واسعة. ويشير الخبراء إلى أن مشاركة مصر تأتي في وقت حساس، خاصة مع الأزمات المتعددة في الشرق الأوسط، من الحرب الإسرائيلية الإيرانية إلى الأوضاع في قطاع غزة.وأوضح الدكتور مصطفى بدره، الخبير الاقتصادي، خلال مداخلة له أن القمة تجمع بين قوى كبرى مثل الصين وروسيا والبرازيل، ما يمنح مصر فرصة لطرح قضايا مثل تأثير الصراعات على الاقتصاد الإقليمي، خاصة ما يتعلق بتأثيرها على طريق الحرير الذي يمر عبر قناة السويس، أحد أهم ممرات التجارة العالمية.كما أكّد بدره أن القمة ستبحث تعزيز التبادل التجاري بين الدول الأعضاء باستخدام العملات المحلية، ما يعزز من الاستقرار الاقتصادي ويقلل الاعتماد على الدولار الأمريكي، وهو أمر في غاية الأهمية لمصر والدول النامية.

تأثير سياسات ترامب على النظام الدولي

يرى أنطونيو باتريوتا، وزير الخارجية البرازيلي السابق والسفير في لندن، أن سياسة “أمريكا أولاً” التي انتهجها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تسرّع من التحول نحو نظام عالمي متعدد الأقطاب يبتعد عن الهيمنة الأمريكية.وقال باتريوتا في حديث بمعهد التنمية الخارجية:“إن الولايات المتحدة من خلال سياساتها، بما في ذلك التعريفات الجمركية والسيادة، تُسرّع الانتقال إلى التعددية القطبية بطرق مختلفة.”وأضاف أن تحالفات جديدة ستظهر لتتحدى التوزيع الحالي للقوة، مشيراً إلى أن أوروبا لم تعد تتقارب مع واشنطن في مجالات التجارة أو الأمن أو دعم الديمقراطية، مما يبرز وجود قطبين عالميين بدلاً من قطب غربي واحد.وشدد باتريوتا على أن التعددية ليست بالضرورة غير مستقرة، بل على العكس، الأحادية هي الأكثر اضطرابًا، مؤكداً على أهمية البدء بإصلاحات جذرية دون انتظار أزمات كبرى.

غياب بوتين يؤثر على دبلوماسية القمة

شهدت القمة غياب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي لم يحضر بسبب مذكرة توقيف صادرة عن المحكمة الجنائية الدولية. وفضل بوتين عدم السفر إلى ريو دي جانيرو لتجنب إحراج المضيفين الذين وقعوا على النظام الأساسي للمحكمة.وفي السياق ذاته، شهدت منغوليا جدلاً قانونياً بعد رفضها تنفيذ مذكرة التوقيف أثناء زيارة بوتين في 2022، كما تخلى بوتين عن حضور قمة بريكس 2023 في جنوب أفريقيا بعد تعثر حصوله على ضمانات بعدم اعتقاله.تمثل قمة بريكس 2025 لحظة مفصلية في تاريخ العلاقات الدولية، حيث ترسم الاقتصادات الناشئة طريقها نحو نظام عالمي جديد متعدد الأقطاب، يتحدى السياسات الأحادية ويطرح حلولاً واقعية للتحديات الاقتصادية والسياسية التي تواجه العالم.