ترامب يحقق نجاحاً تشريعياً بارزاً في فترته الرئاسية الثانية ويعيد هيكلة الاقتصاد الأمريكي.

ترامب يحقق نجاحاً تشريعياً بارزاً في فترته الرئاسية الثانية ويعيد هيكلة الاقتصاد الأمريكي.

في لحظة وصفها بـ”التاريخية”، نجح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في تسجيل أول انتصار تشريعي كبير خلال ولايته الثانية، بعد أن أقرّ الكونجرس مشروع قانون الموازنة الفيدرالية، الذي يشكل العمود الفقري لرؤيته الاقتصادية الموسعة، ويطلق شرارة ما يسميه البيت الأبيض “العصر الذهبي لأمريكا”.ويأتي تمرير القانون بعد جولة شاقة من السجالات الحزبية والضغوط السياسية خلف الكواليس، تكللت بتصويت حاسم في مجلس النواب بـ218 صوتاً مقابل 214، بعدما كان مجلس الشيوخ قد أقرّ القانون في وقت سابق، بصوت مرجّح لنائب الرئيس جي دي فانس.

القانون الذي يمتد على 869 صفحة، أطلق عليه ترامب اسم “القانون الكبير والجميل”، ويعيد تشكيل البنية الضريبية والإنفاق الحكومي في البلاد بشكل جذري. ويتضمن تمديد الإعفاءات الضريبية الواسعة التي أقرها ترامب في ولايته الأولى، بالإضافة إلى إلغاء ضرائب كانت مفروضة على الإكراميات والدخل الإضافي والعقارات، وتخفيضات ضخمة في برامج الرعاية الصحية والمساعدات الغذائية.

“كالصاروخ الفضائي”

وفي تصريحات أدلى بها قبيل توجهه إلى ولاية أيوا لحضور احتفالات الذكرى 250 لتأسيس الولايات المتحدة، قال ترامب إن التشريع الجديد “سيدفع الاقتصاد الأمريكي بقوة صاروخ فضائي”، واصفاً إياه بأنه “أكبر مشروع قانون من نوعه يتم توقيعه على الإطلاق”.وأضاف: “هذا القانون ليس فقط خطوة اقتصادية، بل بداية لمرحلة جديدة من الاستقلال المالي والوطني، لقد فزنا”.وأكدت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارولاين ليفيت، أن ترامب سيوقّع القانون في “مراسم كبيرة وجميلة” عند الخامسة مساءً في الرابع من يوليو، كما كان يأمل دائماً، معتبرة أن القانون “يجسّد كل السياسات التي خاض الرئيس حملته من أجلها”.

خفض في الإنفاق… وارتفاع محتمل في العجز

في المقابل، يثير التشريع جدلاً واسعاً داخل الأوساط السياسية والاقتصادية، حيث حذّر محللون ومشرّعون من أنه قد يتسبب في ارتفاع كبير في العجز الفيدرالي. وتشير تقديرات مكتب الموازنة في الكونغرس إلى أن القانون سيضيف أكثر من 3.4 تريليونات دولار إلى الدين العام حتى عام 2034، فيما يكلّف تمديد الإعفاءات الضريبية وحدها 4.5 تريليونات دولار.وقال النائب الجمهوري كيث سيلف، الذي عارض القانون: “جئت إلى واشنطن للمساعدة على كبح الدين، لا تعزيزه”.كما عبّر العديد من الديمقراطيين عن استيائهم من البنود التي تشمل تخفيضات كبيرة في برنامج “ميدك إيد” للرعاية الصحية للفئات ذات الدخل المنخفض، وتقليص حاد في برنامج “سناب” للمساعدات الغذائية، إلى جانب إلغاء حوافز ضريبية تدعم الطاقة المتجددة، وهي إجراءات تمثل تراجعاً عن سياسات الرئيس السابق جو بايدن.ووصف زعيم الأقلية الديمقراطية في مجلس النواب، حكيم جيفريز، القانون بأنه “وحشي ومقزز”، محذّراً من “معاناة حقيقية” ستطال الأمريكيين العاديين. وكان جيفريز قد ألقى خطاباً ماراثونياً دام نحو تسع ساعات في محاولة لتعطيل التصويت.

انتصار بالرغم من الانقسام

رغم المعارضة الشديدة، نجح ترامب في تجاوز التحديات داخل حزبه أيضاً، بعد أن تحدث هاتفياً إلى عدد من النواب الجمهوريين المعارضين في محاولة لإقناعهم، وهو ما أكد عليه رئيس مجلس النواب الجمهوري مايك جونسون، الذي قاد المفاوضات خلال ساعات الليل بمساعدة مباشرة من ترامب.وبينما رحّب البيت الأبيض بتمرير القانون واصفاً إياه بـ”الانتصار”، وصفه ترامب بأنه “اللبنة الأساسية لبناء أميركا الجديدة”، مشدداً على أن ما تم إنجازه حتى الآن “هو فقط البداية”.

المعارضة الديمقراطية: “القانون للـ 1%”

في المعسكر الديمقراطي، كانت الانتقادات لاذعة. الرئيس السابق جو بايدن هاجم القانون واصفاً إياه بـ”غير المسؤول والقاسي”، مشيراً إلى أنه يمنح تخفيضات ضريبية ضخمة للأثرياء وأصحاب المليارات، بينما “ينزع التأمين الصحي من 17 مليون أميركي”، على حد وصفه.وقال حاكم ولاية كاليفورنيا غافين نيوسوم في منشور على “إكس”: “هذا التشريع يضعف البنية الاجتماعية لأميركا ويقوّض العدالة الاقتصادية”.

دفاع ترامب: الحماية قبل كل شيء

على الجانب الآخر، دافع ترامب بقوة عن القانون، مؤكداً أن المخصصات الضخمة للدفاع وحرس الحدود تمثل ضرورة لحماية البلاد من “التهديدات الخارجية والمهاجرين غير الشرعيين”.وتتضمن الموازنة الجديدة تمويلاً إضافياً للجيش، ودعماً لجهود التجنيد، ومخصصات لبناء ما أطلق عليه ترامب “القبة الذهبية” لحماية البلاد من أي اعتداءات. كما يتضمن التشريع طرد المهاجرين غير الشرعيين من برامج الرعاية الصحية، واستمرار العمل على قوانين جديدة لحماية الحدود والمزارعين.وفي هذا السياق، شدد ترامب على أن القانون “يعيد أمريكا إلى الأمريكيين”، مضيفاً: “لقد أنقذنا البلاد من الإفلاس، واستعدنا سيادتها الاقتصادية”.