مشروع قانون الضرائب في عهد ترامب: ما الذي سيحدثه في حياة الملايين من الأمريكيين؟

مشروع قانون الضرائب في عهد ترامب: ما الذي سيحدثه في حياة الملايين من الأمريكيين؟

يستمر الجدل المحتدم في أروقة الكونجرس الأمريكي حول مشروع قانون الضرائب والإنفاق الشامل، الذي يعدّ من أكبر التشريعات تأثيراً على حياة معظم الأمريكيين، بدءاً من كبار السن والطلاب، مروراً بذوي الدخل المحدود ودافعي الضرائب. المشروع الذي يطلق عليه الرئيس دونالد ترامب اسم “الكبير والجميل” يمر حالياً بمراحل تصويت متقدمة في مجلسي الشيوخ والنواب، وسط تباين واضح في تفاصيل النسخ التي أقرها كل مجلس.رغم صعوبة التوافق على النسخة النهائية التي سترسل للرئيس للتوقيع قبل الموعد النهائي المحدد في الرابع من يوليو، فإن الخطوط العريضة لمضمون هذا التشريع الضخم باتت واضحة، وتثير تساؤلات واسعة حول تأثيراتها الحقيقية على ملايين المواطنين.

تغييرات صارمة على برامج “ميديك إيد” والمساعدات الغذائية

يُعتبر برنامج “ميديك إيد” أحد أهم برامج الدعم الصحي في الولايات المتحدة، وهو موطن التأمين الصحي لملايين الأمريكيين من ذوي الدخل المحدود. لكن مشروع القانون الجديد يفرض تغييرات جذرية على شروط الاستفادة من البرنامج. حيث يُشترط على المسجلين بين 19 و64 عاماً، القادرين على العمل، الالتزام بساعات عمل أو تطوع لا تقل عن 80 ساعة شهرياً، أو الانخراط في الدراسة أو التدريب المهني. ولا يستثنى من ذلك الآباء الذين لديهم أطفال فوق سن 14 عاماً.هذا الشرط الجديد يرافقه مراجعات دورية لصلاحية المستفيدين، مع فرض رسوم تصل إلى 35 دولاراً لبعض أنواع الرعاية، وتقليص التمويل الفيدرالي المخصص للولايات، ما يهدد بإلغاء بعض المزايا أو تشديد شروط الأهلية.وفي نفس السياق، يوسع مشروع القانون شرط العمل في برنامج “قسائم الغذاء” (SNAP) ليشمل شرائح أوسع مثل كبار السن من 55 إلى 64 سنة، والمشردين، والمحاربين القدامى. إضافة إلى ذلك، ستتحمل الولايات مزيداً من التكاليف، مما قد يدفعها إلى تقليص الدعم أو حتى الانسحاب من البرنامج، مما يهدد شبكة الأمان الاجتماعي التي يعتمد عليها ملايين الأمريكيين.

دافعو الضرائب بين التخفيف والقيود

على صعيد دافعي الضرائب، يمدد مشروع القانون معظم التخفيضات الضريبية التي أُقرت في عهد ترمب عام 2017 بشكل دائم، بما يشمل خفض معدلات الضرائب الفردية ومضاعفة الخصم القياسي. لكن الفائدة ليست موحدة لجميع الطبقات، إذ يختلف مقدار التوفير بشكل كبير حسب مستوى الدخل.كما يتضمن القانون حوافز جديدة، من بينها زيادة مؤقتة في الخصم الضريبي للأطفال، إلى جانب إعفاءات خاصة لكبار السن تمتد من 2025 حتى 2028، حيث يحصل كبار السن على زيادة تصل إلى 6 آلاف دولار في الخصم القياسي، على أن يقل هذا الإعفاء تدريجياً للأفراد الذين تزيد دخولهم على 75 ألف دولار سنوياً.ومع ذلك، قد يكون لهذه التسهيلات أثر سلبي على كبار السن من ذوي الدخل المنخفض، الذين يعتمدون على برامج “ميديك إيد” و”ميديكير” في الحصول على الرعاية الصحية، إذ قد يفقدون تغطيتهم الصحية أو بعض المزايا الأساسية مثل الرعاية طويلة الأمد.

ضغوط متزايدة على الطلاب ومشتري السيارات

يضع مشروع القانون قيوداً جديدة على القروض الفيدرالية للطلاب، خصوصاً في الدراسات العليا، من خلال فرض سقوف جديدة على المبالغ التي يمكن اقتراضها، وتقليص خيارات التأجيل وفترات السماح في السداد، إلى جانب فرض قيود على الطلاب بدوام جزئي. وهذا يشكل تراجعاً واضحاً عن سياسات التيسير التي اتبعتها إدارة بايدن في السنوات الماضية.على صعيد آخر، يحمل المشروع أخباراً متباينة لمشتري السيارات. فمن جهة، يتيح خصماً ضريبياً يصل إلى 10 آلاف دولار من الفوائد المدفوعة على قروض شراء السيارات الجديدة. ومن جهة أخرى، ينهي الحوافز الضريبية على السيارات الكهربائية التي كانت تصل إلى 7500 دولار، والمقررة أصلاً حتى عام 2032، مع نهاية سبتمبر المقبل.ويحمل مشروع قانون ترامب الضريبي في طياته تغييرات جذرية تمس الاقتصاد الاجتماعي الأمريكي بشتى أوجهه. فهو يمدد التسهيلات الضريبية لفئات معينة، لكنه في الوقت ذاته يشدد على شروط الدعم الاجتماعي والصحي، مما قد يدفع ملايين الأمريكيين إلى مواجهة تحديات جديدة في تأمين احتياجاتهم الأساسية. وبينما يترقب الأمريكيون المصير النهائي لهذا التشريع، يبقى السؤال مطروحاً: هل سيكون هذا القانون “الكبير والجميل” كما يصفه الرئيس، أم أنه بداية لفصل جديد من التقشف والتحديات الاقتصادية التي قد تؤثر على حياة ملايين؟