«الإندبندنت»: هل يمكن أن يتحول اتفاق وقف إطلاق النار الدائم في غزة إلى جائزة نوبل لترامب؟

«الإندبندنت»: هل يمكن أن يتحول اتفاق وقف إطلاق النار الدائم في غزة إلى جائزة نوبل لترامب؟

في قلب أزمة إنسانية تمزق غزة إلى أشلاء، وتصاعد أصوات القذائف التي لا تهدأ، برز اسم دونالد ترامب مجددًا كوسيط يحاول فرض “وقف دائم” لإطلاق النار. لكن هل يكفي هذا الإعلان ليضع نهاية لمعاناة ملايين البشر؟ أم أن وراء هذا الموقف تصادم مصالح وأوهام سلام يصعب تحقيقها دون تغيير جوهري في السياسات والدعم الذي لا ينقطع؟ صحيفة الإندبندنت تسلط الضوء على هذا الملف الشائك، حيث تتشابك الحرب، السياسة، والأمل في نسيج معقد لا ينفك عن التوتر.

ترامب وإسرائيل.. السيطرة أولاً

قالت صحيفة الإندبندنت إنه لن يكون لتباهي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بوقف إطلاق النار أي معنى حقيقي ما لم يستطع فرض سيطرته على إسرائيل. وأوضحت الصحيفة أنه إذا أراد ترامب الفوز بجائزة نوبل للسلام التي يعتقد أنه يستحقها بجدارة، فعليه أولاً أن يوقف الدعم الذي يسمح لإسرائيل بمواصلة الحرب.

وقف إطلاق نار مؤقت.. خطوة مرحب بها لكنها غير كافية

أكدت الصحيفة أن ترامب يدّعي نجاحه في التوسط لإعلان “وقف إطلاق نار” لمدة 60 يومًا بين الأطراف المتنازعة في غزة. ورأت أن تعليق القصف ووقف عمليات القتل لفترة مؤقتة سيكون أمرًا مرحبًا به، لكنه لا يمثل حلاً جذريًا، لأن الطرفين، إسرائيل وحركة حماس، ما زالا متمسكين بمعتقداتهم المتناقضة حول مصير الأرض الفلسطينية، التي تتلخص في عبارة “من النهر إلى البحر”.

خلافات جوهرية.. “من النهر إلى البحر” بين سيادة إسرائيل وتحرير فلسطين

وبيّنت الصحيفة أن الخلاف الرئيسي يكمن في نهاية هذه العبارة؛ إذ تؤكد إسرائيل سيادتها على الأرض بينما تطالب حماس بتحرير فلسطين كاملة، وهو ما يُفهم على أنه دعوة لإلغاء وجود إسرائيل. وتابعت أن الحل الوحيد لهذه التناقضات هو التعايش والتسامح، لكن وقف إطلاق النار الذي أعلن عنه ترامب لا يعكس هذا الأمل، بل يكتفي بتهدئة مؤقتة وسط استمرار العنف وانتشار الرعب، مع غياب أي قيادة فعالة تضع حدًا للصراع.

غزة المحاصرة.. فقدان الأمل والهجرة

وأشارت الصحيفة إلى أن سكان غزة، الذين يعانون من ويلات الحرب، لا يجدون قيادات تُمثلهم في ظل سيطرة حركة حماس على القطاع. واستشهدت بنتائج استطلاع للرأي أجراه المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية في مايو الماضي، أظهر أن 43% من الفلسطينيين مستعدون للهجرة بحثًا عن حياة أفضل، في حين تراجع دعم حماس بنحو 4 نقاط مئوية مقارنة بفترة سابقة.

ضغوط مشكوك فيها.. هل يغير ترامب المعادلة؟

وأوضحت الصحيفة أن ترامب يدّعي ممارسة ضغوط على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي يستعد لزيارة البيت الأبيض، لكنه في الوقت ذاته أيد سابقًا ما يشبه التطهير العرقي في غزة، بدعواته لتوطين سكان القطاع في دول مجاورة وتحويل غزة إلى منتجع سياحي. ورأت أن هذه المواقف لا تدل على رغبة حقيقية في حل الأزمة، خاصة أن دعوات وقف إطلاق النار تركز على تدهور حياة الفلسطينيين دون المساس بالمواقف الأساسية التي تحافظ على استمرار الصراع.

الاستيطان والصمت الأمريكي.. محطات في مسلسل الاحتلال

وأضافت الصحيفة أن الولايات المتحدة التزمت الصمت بينما يستمر القصف الشامل لغزة، وتتواصل عمليات الاستيطان في الضفة الغربية التي تدمر فرص إقامة دولة فلسطينية مستقلة.

نوبل للسلام؟.. نهاية الإفلات من العقاب سبيل الحل

واختتمت الصحيفة بالقول إن الطريق أمام ترامب للفوز بجائزة نوبل للسلام يمرّ عبر إنهاء الإفلات من العقاب الإسرائيلي، ووضع حد للدعم الذي يسمح لها بشن الحرب. وشددت على أن إنهاء هذا المأزق السياسي يتطلب إجبار إسرائيل على التراجع عن سياسات “من النهر إلى البحر”، وفي الوقت ذاته يجب دحض مطالب حماس بالسيادة الكاملة عبر إحياء الأمل الفلسطيني في الحرية والعيش الكريم. وأكدت أن غالبية الشعبين، الفلسطيني والإسرائيلي، يؤمنون بإمكانية العيش جنبًا إلى جنب بين نهر الأردن والبحر الأبيض المتوسط إذا توفرت الإرادة السياسية لذلك.