مأساة تسمم الميثانول في الأردن: فقدان الأرواح ومصير المصابين في غموض (القصة الكاملة)

شهد الأردن مؤخرًا حادثة مأساوية أدت إلى وفاة 9 أشخاص وإصابة 27 آخرين جراء تناول مشروبات كحولية ملوثة بمادة “الميثانول” السامة، وفقًا لما أعلنت مديرية الأمن العام الأردنية. الحادث أثار موجة من التحذيرات الرسمية وأعاد إلى الواجهة خطر المشروبات الكحولية المغشوشة التي تحتوي على مواد كيميائية ضارة يمكن أن تؤدي إلى عواقب صحية قاتلة.
تفاصيل الحادثة
بدأت القصة في 28 يونيوالماضي، عندما نُقل أربعة أشخاص إلى مستشفى في الزرقاء وهم متوفون، مصحوبين بأعراض تسمم واضحة. وأظهرت التحاليل المخبرية أن جميعهم كانوا ضحايا لتسمم حاد بمادة الميثانول، التي وُجدت بنسب مرتفعة في عينات من جثثهم.بعد التحقيقات، أكدت السلطات أن مصدر الميثانول كان مصنعًا مرخصًا لإنتاج المشروبات الكحولية في الأردن، حيث تم اكتشاف أن المصنع استخدم مادة الميثانول أو الكحول الميثيلي في تصنيع بعض منتجاته. على إثر ذلك، أغلقت مديرية الأمن العام المصنع واعتقلت عددًا من المسؤولين عنه، كما بدأت بجمع الكميات المنتشرة في الأسواق لمنع تفاقم الأزمة.
ماهي مادة الميثانول؟
الميثانول هو مركب كيميائي سائل شفاف يُستخدم في الصناعات المختلفة، لكنه مادة شديدة السمية وغير صالحة للاستهلاك البشري. يستخدم الميثانول في تصنيع الطلاءات، المواد العطرية، كمذيب للدهانات، في سوائل تبريد السيارات، وإنتاج المواد البلاستيكية والوقود.على عكس الإيثانول، الكحول المستخدم في المشروبات الكحولية والمطهرات، فإن الميثانول مادة ذات سمية عالية جدًا، ويكفي تناول كمية صغيرة منها للتسبب بمضاعفات صحية خطيرة وحتى الوفاة. الميثانول لا يُستخدم للاستهلاك البشري إطلاقًا، ويتميز برائحته الشبيهة إلى حد ما برائحة الإيثانول، مما يجعله خطيرًا جدًا حين يُضاف بشكل مغشوش للمشروبات.

أعراض التسمم بالميثانول وخطورته
يتسبب تسمم الميثانول في أعراض حادة مثل ألم في المعدة، غثيان، استفراغ، صداع شديد، اضطرابات بصرية قد تؤدي إلى فقدان البصر، وضعف عام في الجسم. كما يسبب تسارع التنفس نتيجة الحموضة الزائدة في الدم، التي تؤثر سلبًا على أجهزة الجسم الحيوية مثل القلب والكبد والرئتين والجهاز العصبي.وبحسب الخبراء، الجرعة التي تسبب الوفاة قد تكون صغيرة جدًا، وسرعة تلقي العلاج تلعب دورًا حاسمًا في فرص النجاة. الوقت المثالي لتلقي العلاج هو خلال الساعتين الأولى من التسمم، وبعدها تقل فرص النجاة بشكل كبير.
كيفية علاج تسمم الميثانول
يتم علاج حالات التسمم بالميثانول عن طريق إزالة السموم من الجسم، وغسيل الكلى يعتبر العلاج الأساسي لإزالة الميثانول من الدم وتقليل تأثيره السام. كما تُستخدم علاجات داعمة أخرى لضمان استقرار الوظائف الحيوية للمريض، مثل دعم التنفس والدورة الدموية.وبالرغم من أن العلاج قد يكون ناجحًا إذا تم تقديمه في الوقت المناسب، إلا أن تأخير العلاج يؤدي إلى مضاعفات لا يمكن علاجها مثل تلف الأعصاب الدائم أو الوفاة.
التحقيقات والعقوبات القانونية
أعلنت السلطات الأردنية عن توقيف المتورطين في هذه الحادثة الخطيرة، حيث أكد تحقيق الأمن العام تورط عدد من الأشخاص في شراء مادة الميثانول واستخدامها بشكل غير قانوني في تصنيع المشروبات الكحولية. كما أُغلقت عدة مصانع غير قانونية للمادة.من الناحية القانونية، قد تصل عقوبة المتسببين إلى عشرين عامًا سجنًا إذا ثبت تعمدهم استخدام الميثانول في المنتجات، لا سيما مع معرفتهم بخطورته. أما في حالة الإهمال، فتتراوح العقوبة بين ثلاث إلى خمس سنوات.
تحذيرات رسمية ونصائح
حذرت وزارة الصحة الأردنية من تناول المشروبات الكحولية مجهولة المصدر، وناشدت المستهلكين شراء المشروبات من المحال المرخصة فقط لتقليل المخاطر الصحية. كما تقوم المؤسسة العامة للغذاء والدواء بحملات لجمع ومراقبة المنتجات المسحوبة من الأسواق لضمان سلامتها.
حالات مشابهة في العالم

حادث التسمم بالميثانول ليس جديدًا، فقد وقعت حالات مشابهة في عدة دول. ففي تركيا، تسببت مشروبات كحولية مغشوشة في عدة وفيات بسبب احتوائها على الميثانول. كما أُعدم في إيران أربعة أشخاص العام الماضي إثر تورطهم في تصنيع مشروبات مماثلة تسببت في وفاة عشرات الأشخاص. ويُذكر أن إيران حظرت إنتاج واستهلاك الكحول رسميًا منذ الثورة الإسلامية، مما أدى إلى انتشار السوق السوداء التي تبيع مشروبات مغشوشة ضارة.وشهدت دول أخرى مثل المغرب وتونس والهند حالات مماثلة أدت إلى وفيات بسبب تناول مشروبات كحولية مغشوشة تحتوي على مواد سامة.حادثة تسمم الميثانول في الأردن تبرز أهمية الرقابة الصارمة على منتجات المشروبات الكحولية، وضرورة وعي المستهلكين بمخاطر تناول منتجات مجهولة المصدر أو مغشوشة. المادة التي تسبب التسمم، الميثانول، خطيرة جدًا ولا يمكن تعويض أضرارها بسهولة، مما يحتم اتخاذ إجراءات عاجلة لضبط السوق وحماية الصحة العامة.كما تؤكد هذه الحوادث الحاجة إلى تشديد العقوبات القانونية على من يتورط في تصنيع وتوزيع مواد سامة أو مغشوشة، بما يضمن ردع المخالفين وحماية المجتمع من هذه الكوارث.