مفاوضات نووية ممكنة بين واشنطن وبيونغ يانغ: خطوة جريئة تنطوي على مخاطر جيوسياسية

في ظل عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض وتغير المشهد الدولي، تتصاعد التوقعات حول إمكانية إبرام صفقة نووية كبيرة وجريئة بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية. ورغم الأهمية الاستراتيجية لهذه الصفقة، يشير العديد من المحللين إلى أن هذه الخطوة قد تحمل تبعات سلبية على الأمن الإقليمي والدولي، وتهدد تحالفات الولايات المتحدة التقليدية في شرق آسيا.
الدعم الروسي المتزايد لكوريا الشمالية
تختلف كوريا الشمالية اليوم جذريًا عما كانت عليه في عامي 2018 و2019، عندما بدأت محادثات القمة بين ترامب وكيم جونغ أون. إذ تزود روسيا بيونغ يانغ بالعديد من الموارد الحيوية التي تلبي احتياجاتها، منها الغذاء والوقود والعملات الصعبة والتكنولوجيا العسكرية. وفي يونيو 2024، تم توقيع معاهدة دفاعية وضمان أمني بين البلدين تعيد أجواء الحرب الباردة إلى شبه الجزيرة الكورية.كما عززت كوريا الشمالية ترسانتها النووية بشكل ملحوظ لتصل إلى نحو 50 سلاحًا نوويًا، تشمل رؤوسًا حربية نووية تكتيكية مصغّرة، بالإضافة إلى ما يكفي من المواد الانشطارية لإنتاج نحو 40 سلاحًا إضافيًا.
فشل الدبلوماسية المباشرة مع بيونغ يانغ
على الرغم من أن دونالد ترامب هو الرئيس الأمريكي الوحيد الذي اتبع سياسة قمة مباشرة مع الزعيم الكوري الشمالي، إلا أن التجربة لم تؤدِ إلى نتائج ملموسة في مجال نزع السلاح النووي. ويرى خبراء أن كيم يعتمد في قراراته على حسابات استراتيجية باردة لا ترتكز على بناء الثقة أو العلاقات الشخصية، ما جعل الدبلوماسية المباشرة غير فعالة.وأضاف التقرير أن سياسة “الضغط الأقصى” التي اتبعتها إدارة ترامب سابقًا لم تثبت جدواها في التأثير على برنامج الأسلحة النووية لكوريا الشمالية.
تداعيات محتملة على التحالفات الأمريكية التقليدية
يشير التقرير إلى أن إبرام صفقة نووية مع كوريا الشمالية قد تدفع الولايات المتحدة إلى تقديم تنازلات لم يسبق لأي رئيس أمريكي أن فكر فيها، وهو ما يثير مخاوف جدية بين الحلفاء الإقليميين، لاسيما كوريا الجنوبية واليابان.ويرى مراقبون أن توجه ترامب في عهد “أمريكا أولاً” قد يدفعه لتجاوز أو إضعاف التحالفات التقليدية، وهو ما قد يعيد تشكيل المعادلات الاستراتيجية في المنطقة.
التحديات المقبلة للقمة الأمريكية-الكورية
بعد ثلاث قمم سابقة لم تحقق تقدماً في نزع السلاح النووي، تواجه الإدارة الأمريكية تحديات كبيرة في القمة الرابعة المرتقبة مع كوريا الشمالية، حيث يتوقع أن تكون هناك مطالبات لتحقيق نتائج ملموسة بدلاً من الشعارات والوعود السياسية فقط.
دوافع ترامب والتبعات المحتملة
يرى التقرير أن هوس ترامب بالحصول على جائزة نوبل للسلام ورغبته في إنهاء النزاع في شبه الجزيرة الكورية، بالإضافة إلى رغبته في تحقيق إنجاز سياسي يضاف إلى سجله، قد يدفعه لقبول صفقة تعتبر كوريا الشمالية قوة نووية معترف بها رسميًا.في المقابل، يستفيد كيم جونغ أون من الدعم الروسي المتزايد، مما يعزز من موقفه التفاوضي وقدرته على مقاومة الضغوط الأمريكية.ومع تزايد نفوذ كوريا الشمالية وحصولها على دعم موسكو، تبدو صفقة نووية كبيرة وجريئة بين واشنطن وبيونغ يانغ واردة في الأفق، لكن المخاطر الجيوسياسية والمخاوف من إضعاف التحالفات الأمريكية تجعل هذه الخطوة محل جدل واسع، وسط تساؤلات حول مدى قدرة هذه الصفقة على تحقيق السلام والاستقرار في المنطقة.