هل ستشتعل الحرب مجددًا ضد إيران؟ اختلاف الآراء يثير النقاش ويدعم احتمالية “حروب الخفاء”

رغم التوتر المتصاعد في الأسابيع الأخيرة بين إسرائيل وإيران، استبعد خبراء ومراقبون إمكانية اندلاع مواجهة شاملة جديدة في المدى القريب، على خلفية التباين الكبير في تقييم نتائج الضربات الأمريكية والإسرائيلية على المنشآت النووية الإيرانية. وبينما يُرجّح استمرار “حروب الظل” من اغتيالات وهجمات سيبرانية، تتواصل المساعي نحو تهدئة مشروطة ترتكز على تفاهمات دولية غير مسبوقة.
وقف إطلاق نار مؤقت وخلاف حول حجم الأضرار
توقف الهجمات المتبادلة بين إسرائيل وإيران جاء عقب اتفاق لوقف إطلاق النار الأسبوع الماضي، سبقه قصف أمريكي استهدف مواقع نووية حساسة داخل إيران. وأكدت كل من تل أبيب وواشنطن نجاح الضربة في “تدمير قدرة إيران النووية” ومنعها من امتلاك سلاح نووي، بحسب تصريحات رسمية.غير أن تقييمًا استخباراتيًا سريًا، كشفته شبكة NBC الأميركية، أشار إلى أن الهجوم “أعاق البرنامج النووي الإيراني لأشهر فقط، دون تعطيله بالكامل”، مرجحًا أن تكون طهران قد نقلت جزءًا من مخزونها من اليورانيوم عالي التخصيب قبل الضربة، كما أن غالبية أجهزة الطرد المركزي لم تُصب بأضرار مباشرة.ووفق ذات التقييم، فإن منشأة “فوردو” الواقعة داخل نفق جبلي، تعرضت لأضرار بنيوية جزئية فقط، بينما ظل الهيكل الداخلي للمنشأة سليماً، ما يتعارض مع التصريحات المتفائلة للرئيس الأميركي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
تقديرات عسكرية: “القنابل الخارقة غير فعّالة”
من جانبها، نقلت صحيفة “يديعوت أحرونوت” عن رئيس هيئة الأركان المشتركة الأميركية، دان كين، أن الولايات المتحدة لم تستخدم القنابل الخارقة للتحصينات في استهداف منشأة “أصفهان”، نظراً لعمقها الكبير، مما يثير تساؤلات حول جدوى الضربة في تعطيل البرنامج النووي الإيراني بشكل كامل.
خبراء: لا حرب وشيكة.. والمفاوضات هي الخيار الواقعي
الخبير في الشؤون الدولية مصطفى إبراهيم، استبعد في تصريحات لـ”إرم نيوز” تجدد الحرب في المدى القريب، معتبراً أن التهديدات الإسرائيلية الأخيرة “مجرد تصريحات إعلامية”، في ظل وجود مساعٍ حثيثة للتوصل إلى تفاهم سياسي بين أطراف النزاع.وقال إبراهيم إن “السيناريو المرجّح هو صفقة شاملة بين واشنطن وتل أبيب من جهة، وطهران من جهة أخرى، تشمل رفع بعض العقوبات والإفراج عن أموال مجمّدة، مقابل التزامات إيرانية واضحة تجاه برنامجها النووي”.وأضاف أن الاتفاق الأخير لوقف إطلاق النار يُعد خطوة مهمة لا يمكن تجاوزها، وأن أي عودة للمواجهة العسكرية مرتبطة بإثبات استئناف إيران لتخصيب اليورانيوم بنسب مرتفعة.
طلال عوكل: “الظلّ سيبقى مشتعلاً”
في السياق ذاته، يرى المحلل السياسي طلال عوكل أن التباين في تقييم الأضرار يزيد من ضبابية المشهد، ويُبقي احتمال عودة التصعيد قائمًا، لكنه مرهون بنتائج المفاوضات غير المباشرة بين طهران وواشنطن.واعتبر عوكل أن الضربة الأميركية الأخيرة “شكلت اختبارًا حقيقيًا لقدرات إيران النووية، لكنها لم تحسم المعركة”، مشيرًا إلى أن ترامب “يسعى لإجبار إيران على التنازل في الملف النووي مقابل حوافز سياسية واقتصادية”.ويرجّح عوكل أن تظل “حروب الظل” الخيار المفضل في المرحلة القادمة، سواء عبر الاغتيالات، أو عبر الهجمات السيبرانية ومحاولات ضرب الداخل الإيراني أمنيًا واقتصاديًا.
إيران تعيد ترتيب أوراقها
وأشار عوكل إلى أن طهران تدرك حجم الاختراقات الأمنية التي تعرضت لها، وستسعى إلى “تنظيف ساحتها الداخلية”، مع إعادة بناء قدراتها الدفاعية بدعم من الصين وباكستان، دون استبعاد خيار العودة للمواجهة إذا فشلت قنوات التفاوض.