“واشنطن بوست”: الولايات المتحدة قد تستخدم استراتيجية “ضرب الخلد” لمواجهة البرنامج النووي الإيراني

نشرت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية تقريرًا تحليليًا مطوّلًا، أوضحت فيه أن الولايات المتحدة قد تضطر لتبني استراتيجية أمنية عسكرية طويلة الأمد ضد البرنامج النووي الإيراني، في حال فشل حل دبلوماسي شامل. وقد شبّهت الصحيفة هذا النهج بلعبة “ضرب الخلد” (Whac-A-Mole)، حيث تستهدف المواقع النووية الإيرانية المتكررة عند ظهورها وتدميرها.
إيران قد تخفي برنامجها “بذكاء أكبر” بعد الضربات
رأت الصحيفة أن الضربات الأمريكية الأخيرة على المنشآت النووية الإيرانية، والتي وصفتها بـ”الإهانة العلنية”، قد تدفع طهران إلى استخدام أساليب أكثر ابتكارًا لإخفاء وحماية برنامجها النووي. فقد يبدأ النظام بتفكيك مواقعه ونقل أجزاء منها، ما يجعل ملاحقتها أصعب ويطيل أمد اللعبة.
تعليق التفاوض يعتمد على مدى تدمير المنشآت النووية
شدّدت واشنطن بوست على أن مستقبل المفاوضات الأمريكية-الإيرانية مرهون بنتائج الضربات، إذ إن تدمير قدرات إيران النووية بشكل كامل قد يدفعها للتفاوض، خاصة إذا أثبت ترامب قدرته على القضاء على التهديد النووي عند الحاجة.وإذا اقتصر الضرر على أعطاب جزئية، فقد يرى النظام الإيراني أنها قادرة على الصمود، ما يصعّب الجهود الدبلوماسية الهادفة لتحقيق تعهدات مستقبلية.
أسئلة حول مخزون اليورانيوم وأجهزة الطرد المركزي
تطرقت الصحيفة إلى احتمال قيام إيران بنقل جزء كبير من مخزون اليورانيوم عالي التخصيب إلى مواقع سرية قبل الضربات، مستندة إلى صور أقمار صناعية تُظهر شاحنات وحاويات خارج منشآت مثل “فوردو” و”أصفهان”.ولفتت إلى أن طهران كانت تمتلك نحو 880 رطلاً من اليورانيوم بمعدل تخصيب 60%، ما يقترب من النسبة اللازمة لصنع قنبلة نووية. كما شددت على أن القدرات التقنية الكامنة وراء أجهزة الطرد المركزي لا يمكن تدميرها بالكامل بغارات جوية، ما يعني أن البرنامج بمجمله لا يزال قابلاً لإعادة الإطلاق.
خيار “الحوافز السياسية” مقترن بالضغط العسكري
رأت الصحيفة أن إدارة ترامب بحاجة إلى موازنة استراتيجية بين الضغوط العسكرية وتقديم الحوافز الدبلوماسية، حتى وإن أبقت خيار العمل العسكري مطروحًا. وأكدت أن أي مفاوضات يجب أن تُبقي الهدف الأساسي مركّزًا على كبح الطموحات النووية الإيرانية، وليس على توسيع جدول الأهداف إلى ما قد يُضعف فرص الحوار.وشبّهت الصحيفة النهج الحكيم بأنه القدرة على “تقديم حوافز مشروطة، حتى مع الاحتفاظ بإمكانية الضربات المستقبلية”.
إيران ترفض التفاوض رغم الضغوط
وأشارت الوكالة إلى أن إيران حتى الآن رفضت مقترحات الحوار، وشرّع برلمانها مؤخرًا مشروع قانون لتعليق التعاون مع مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ما يؤكد رفض طهران للانخراط في محادثات دون ضمانات محددة.وأضافت أن النظام الإيراني ما يزال يتعافى من أسابيع من الغارات الجوية الإسرائيلية والأميركية التي ألحقت بـ”أضرار بالغة” ببنيته النووية والعسكرية، وهو ما قد يجبره في نهاية المطاف على إعادة تقييم موقفه، خصوصًا إذا تبين أن الضربات أُحدثت تأثيرًا فعّالًا.
“لعبة طويلة الأمد” مع إيران… والمفاوضات هي السبيل الوحيد للخروج
ختمت واشنطن بوست تحليلاً بأن خيار “لعبة ضرب الخلد” لن يكون سوى خيار طويل الأمد لمراقبة وتدمير المواقع النووية غير المرئية طيلة الوقت. وأكدت أن الخيار الأمثل يكمن في المفاوضات المستمرة والمكثفة، مصحوبة بإمكانية استخدام القوة عند الحاجة، لمنع طهران من العودة إلى طريق تطوير السلاح النووي.وقالت: “لو أصرت إيران على برنامج نووي مدني بمراقبة دولية صارمة وحدود على مستويات التخصيب، كان بالإمكان حلحلة الظروف السياسية، لكن دون اعتراف أميركي رسمي بحقها بهذا البرنامج، سيبقى المسار محفوفًا بالتحديات.”