مضيق هرمز تحت الضغط: هدنة غير مستقرة وصراع يهدد الاقتصاد العالمي

مضيق هرمز تحت الضغط: هدنة غير مستقرة وصراع يهدد الاقتصاد العالمي

رغم الإعلان عن هدنة مؤقتة بين إسرائيل وإيران، لا تزال نُذر التصعيد تلقي بظلالها على أحد أخطر مفاصل الاقتصاد العالمي: مضيق هرمز، الممر البحري الضيق الذي تعبر منه يوميًا نحو 20% من إمدادات النفط العالمية متجهة نحو آسيا وأميركا.يمثل المضيق، الواقع على الحدود الجنوبية لإيران، أهم ممر بحري لتجارة الطاقة عالميًا، لكنه في المقابل أكثرها هشاشة في وجه التوترات السياسية والعسكرية. ومع تصاعد الترقب بشأن مدى صمود الهدنة، يزداد القلق العالمي من احتمال استخدام طهران المضيق كورقة ضغط، ما قد يؤدي إلى شلل جزئي في سوق الطاقة وارتفاع غير مسبوق في الأسعار.يقول كلايتون سيغل، الزميل البارز في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية بواشنطن” العالم لا يمكنه الاستغناء عن هذا الشريان الحيوي”، محذرًا من أن أي إغلاق أو اضطراب في حركة الملاحة سيُشكل ضربة قاصمة للاقتصاد العالمي.

ناقلات تغير مسارها والأسواق تترقب

عقب الضربات الأميركية لإيران مؤخرًا، سُجلت تحركات غير معتادة لعدة ناقلات نفط عكست مسارها أو توقفت خارج المضيق، ما يعكس تأثيرًا مباشرًا لحالة التوتر على النشاط الملاحي والتجاري في المنطقة.ورغم أن الأسواق شهدت بعض الاستقرار بعد مؤشرات التهدئة، وهبوط سعر الخام الأميركي إلى مستوى 65 دولارًا للبرميل، فإن المخاوف لم تتلاشَ. فالأنظار تظل معلقة على بيانات حركة السفن، ترقبًا لأي خلل محتمل في تدفقات النفط والغاز، أو على النقيض، فائض في المعروض في حال استمرار الهدوء، ما قد يُضعف الأسعار ويُربك ميزانيات المنتجين.

هبوط في حركة الملاحة… وحذر متزايد

تشير بيانات “S&P Global Commodities at Sea” إلى أن الأسبوع الماضي شهد تراجعًا بنسبة 14% في عدد السفن العابرة للمضيق مقارنة بالأسبوع الذي سبقه، ما يعكس موجة حذر واسعة بين شركات الشحن البحري.وأوضحت أنجيليكي فرانغو، الرئيسة التنفيذية لشركة Navios Maritime Partners، أن بعض السفن توقفت قبل دخول المضيق، مما تسبب في ازدحام بحري غير معتاد.

تهديدات إلكترونية وتصادم بحري

تفاقمت المخاوف بعد تقارير تفيد بتدخلات إيرانية في أنظمة الملاحة (GPS)، أثرت على ما يقارب 1,000 سفينة يوميًا، وفقًا لتحليلات شركة “ويندوارد”. وقد شهدت المنطقة تصادم ناقلتين قرب المضيق، عزته الإمارات إلى “أخطاء ملاحية”، وسط حالة ارتباك متزايدة في الملاحة.

الخطر لا يستثني أحدًا… حتى إيران

رغم أن تهديد المضيق قد يطال كبار المنتجين مثل السعودية والإمارات وقطر، إلا أن إيران نفسها ستدفع الثمن؛ فاقتصادها يعتمد على صادرات النفط التي تمر بنسبة شبه كاملة عبر مضيق هرمز.صحيح أن هناك بدائل محدودة، مثل خطوط أنابيب، إلا أنها لا تستوعب سوى جزء بسيط من الكميات المطلوبة، ما يجعل المضيق نقطة لا غنى عنها للمنطقة بأسرها.

استهداف منشآت الطاقة… والمضيق في مرمى الصواريخ

وفي خضم الصراع، تبادل الطرفان – إسرائيل وإيران – استهداف البنية التحتية للطاقة. طالت الضربات حقل غاز إيراني ومخازن رئيسية للغاز في طهران، وأكبر مصفاة نفط في إسرائيل، ما يعكس تحول الطاقة إلى ساحة حرب موازية.ويضاف إلى ذلك أن نحو خُمس صادرات العالم من الغاز الطبيعي المسال (LNG) يمر أيضًا عبر المضيق، ومع توجّه أكثر من 80% من هذه الإمدادات إلى آسيا، فإن الدول الآسيوية وعلى رأسها الصين تقف في موقع المتضرر الأكبر من أي تعطل محتمل.

آسيا أول من يتأثر… والعالم لن يكون بمنأى

رغم أن النفط سلعة تُتداول عالميًا، فإن الارتباك في مضيق هرمز سيرتد سريعًا على الأسواق العالمية من خلال ارتفاع الأسعار، مع تحمّل آسيا العبء الأكبر، نظرًا لاعتمادها الكثيف على واردات الطاقة الخليجية.