حرب الاثني عشر يوماً: هل قُتل يهود إيران على يد نتنياهو خلال قصف طهران؟

حرب الاثني عشر يوماً: هل قُتل يهود إيران على يد نتنياهو خلال قصف طهران؟

  مع احتدام الصراع الإيراني الإسرائيلي، تظهر فئة ظلّت لسنوات في قلب التناقضات، وهي الجالية اليهودية في إيران، ورغم أن عدد أفرادها لا يتجاوز بضع آلاف، إلا أن وجودهم التاريخي، ودورهم الاجتماعي والاقتصادي، وانتمائهم الديني، يجعلهم نقطة تقاطع معقّدة في صراع إقليمي متشعب. 

اليهود في إيران.. حضورٌ قديم في سياق إسلامي

تعتبر الجالية اليهودية في إيران من أقدم الجاليات في العالم، ويعود وجودها إلى أكثر من 2500 عام، منذ عصر الملك الفارسي قورش الكبير. كما أنها تمثل أكبر الجاليات اليهودية في الشرق الأوسط خارج دولة الإحتلال، ورغم تقلص أعدادهم بعد الثورة الإسلامية عام 1979، ما زالت الجالية قائمة، وتتمتع باعتراف رسمي، وتمثيل برلماني”مقعد واحد دائم في المجلس التشريعي”، وحرية دينية محدودة .ويقدر عدد اليهود في إيران حاليًا بحوالي 8 إلى 12 ألف شخص، يتركزون في طهران وأصفهان وشيراز.

يهود إيران 

موقف الجالية اليهودية من الحرب

وخلال الصراع الإيراني الإسرائيلي الأخير لعام 2025 والذي وقع قبل 12 يوم، وجدت الجالية اليهودية نفسها في موقف حساس للغاية، لم يُسجل حتى الآن أي نشاط سياسي أو إعلامي معلن لأفراد الجالية يعبر عن موقف واضح من الحرب، في ظل بيئة أمنية مشددة، وتخوف من ردود فعل شعبية أو رسمية.ومع اندلاع الحرب، سارع رئيس الجالية اليهودية في طهران، همايون سامه يح، ـــ وهو ممثل اليهود داخل البرلمان الإيراني ـــ إلى إصدار بيان رسمي مقتضب يؤكد فيه “ولاء الجالية اليهودية المطلق للدولة الإيرانية ورفض أي ارتباط لهم بما تقوم به إسرائيل”.

<strong>رئيس الجالية اليهودية في طهران</strong>رئيس الجالية اليهودية في طهران

السلطات الإيرانية بين الحذر والاحتواء

تتعامل السلطات الإيرانية مع ملف الجالية اليهودية بحذرٍ بالغ، فرغم أنها لم تعلن عن أي إجراءات قمعية أو اعتقالات في صفوف اليهود، فإن الرقابة على أنشطتهم الدينية والاجتماعية شُدِّدت، وتم فرض قيود على السفر، خصوصًا لمن يحملون جنسيات مزدوجة.كما أطلقت بعض الصحف حملات إعلامية تتهم “الصهيونية العالمية” بمحاولة “استغلال يهود إيران لجمع معلومات استخباراتية عن الداخل الإيراني”، وهي اتهامات تكررت في الإعلام الرسمي دون تقديم أدلة.

الإعلام العبري: خطاب مزدوج تجاه يهود إيران

في المقابل، تعامل الإعلام العبري مع يهود إيران من زاويتين: الأولى دعائية، تُصوّر اليهود في إيران كضحايا نظام قمعي، وتستخدمهم كورقة ضد طهران. أما الثانية استخباراتية، حيث تحدّثت بعض التقارير غير المؤكدة عن وجود اتصالات سرية سابقة بين الموساد وبعض الأفراد في الداخل الإيراني من خلفية يهودية، وهو ما تنفيه طهران بشدة. 

يُشار إلى أن كيان الاحتلال، في حملته الدعائية، ركز على تصوير المعابد اليهودية في طهران، وتقديمها كـ”رمز لصمود اليهودية رغم عداء النظام”، مع التركيز على حالات فردية لمهاجرين إيرانيين يهود في تل أبيب تحدثوا عن “التمييز في إيران” و”معاناتهم في ظل الحرب”.

التحديات القادمة ليهود إيران

في ظل استمرار الحرب، يبدو مستقبل الجالية اليهودية في إيران مهددًا أكثر من أي وقت مضى. فهم يقفون على خط تماس دقيق، بين الولاء الوطني لإيران والانتماء الديني الذي يربطهم بإسرائيل، ولو بشكل ثقافي أو وجداني فقط. كما يواجهون خطر تصاعد المشاعر المعادية لليهود داخل المجتمع، خاصة إذا استمرت الحرب لفترة طويلة.ولا يُستبعد أن تشهد الفترة المقبلة تصاعدًا في الهجرة السرية ليهود إيران إلى تركيا، أو حتى الاحتلال، رغم القيود المشددة، وهو ما قد يؤدي إلى زوال هذه الجالية التاريخية من المشهد الإيراني قريبًا.