«إسرائيل تتلاعب بخطورة».. كيف واجهت تل أبيب التهديد النووي في الشرق الأوسط؟

منذ إقامة دولة كيان الإحتلال الإسرائيلي وهي تتبنى استراتيجية “الضربة الوقائية” كركيزة من ركائز أمنها القومي، لا سيما فيما يتعلق بالتهديدات النووية المحتملة في محيطها العربي والإقليمي.وكذلك حروبها التوسعية مثل: “حرب السادس من يونيو 1967″، ومع تصاعد المخاوف الإسرائيلية من تطور مشاريع نووية في دول الجوار، تحركت تل أبيب مرارًا لإجهاض أي محاولات لامتلاك قوى إقليمية “معادية” لأسلحة نووية.
الضربة الأولى: المفاعل النووي العراقي “عملية أوبرا”
في 7 يونيو 1981، نفذت إسرائيل غارة جوية مفاجئة استهدفت المفاعل النووي العراقي “أوزيراك” قرب بغداد، في عملية عرفت باسم “أوبرا”. وشاركت في العملية ثمان طائرات F-16 بمرافقة F-15، ودمرت المنشأة بالكامل في أقل من دقيقتين.وبررت إسرائيل الهجوم سياسياً بأنه لمنع الرئيس العراقي صدام حسين من امتلاك سلاح نووي مستقبلي، ورغم الإدانة الدولية الواسعة، اعتبرت العملية “نموذجًا ناجحًا” في الفكر الاستراتيجي الإسرائيلي.
الضربة الثانية: مفاعل سوريا النووي تحت الإنشاء “عملية البستان”
بعد أكثر من عقدين، عادت إسرائيل لتكرار السيناريو ذاته في سوريا. ففي سبتمبر 2007، نفذ سلاح الجو الإسرائيلي غارة سرية على منشأة يُعتقد أنها مفاعل نووي غير معلن في منطقة “الكُبَر” بمحافظة دير الزور شمال شرق سوريا، ضمن ما سُمّي “عملية البستان”.تمت العملية بمشروع استخباراتي بحت، بعدما علم الموساد في لندن أن رئيس لجنة الطاقة الذرية السورية وصل لندن باسم مزيف، اخترقوا جهازه وجدوا صورة له مع مسؤول كوري شمالي واكتشفوا أن سوريا تخطط لإنشاء مفاعل نووي، في يوم 6 من سبتمبر قصف طيران جيش الإحتلال موقعاً اشتبهوا أنه مفاعل نووي بالتعاون مع الولايات المتحدة الأمريكية دون أي تفاصيل.كما أن إسرائيل ظلت ترفض الاعتراف بالعملية رسمياً لأكثر من عشر سنوات.

ضرب المفاعلات النووية في إيران
منذ بداية الألفية الجديدة، وشروع إيران في تأسيس برنامج نووي، اعتبرت إسرائيل البرنامج النووي الإيراني على أنه التهديد الوجودي الأكبر. ومع تنامي قدرات طهران النووية، وُضعت سيناريوهات الضربة “الوقائية” على الطاولة مرارًا.وفي مايو 2025، وبعد فشل المسارات الدبلوماسية وتزايد التوتر الإقليمي، نفذت إسرائيل ضربة جوية مركّزة استهدفت منشآت نووية في “نطنز” و”فوردو” و”أصفهان”.ورغم التصريحات الإيرانية عن “تدمير محدود”، أظهرت الأقمار الصناعية أضرارًا جسيمة في البنى التحتية النووية. وقد أعلنت إسرائيل أن العملية جاءت “لمنع إيران من تجاوز الخط الأحمر”.

الربط بين الضربات الثلاث
رغم الفوارق الزمنية والسياسية، إلا أن جميع هذه الضربات تشترك في قاسم استراتيجي واحد: إجهاض أي محاولة لامتلاك القدرة النووية من قِبل دول تعتبرها إسرائيل تهديدًا مباشرًا.
وتعكس هذه العمليات تناغمًا بين الذكاء الاستخباراتي والعمل العسكري السريع، بالإضافة إلى موافقة ضمنية أو ورقة ضغط لمفاوضات ما بعد الحرب – أو صمت – من الولايات المتحدة الأمريكية.