“متخصص”: تخصيص الأراضي يتيح فرص تمويل مشاريع وطنية دون تحميل الدين مزيدًا من الأعباء.

أصدر الرئيس عبد الفتاح السيسي قرارًا جمهوريًا رقم 303 لسنة 2025 بتخصيص قطعة أرض تبلغ مساحتها نحو 41,515.55 فدانًا (تعادل174,399,900 مترًا مربعًا) من الأراضي المملوكة للدولة ملكية خاصة بمحافظة البحر الأحمر، لصالح وزارة المالية، لاستخدامها في إصدار الصكوك السيادية والمساهمة في خفض الدين العام للدولة، وذلك وفقًا للقوانين والضوابط المعمول بها.
وأوضح محمد عبد العال، الخبير المصرفي، أن الأرض لم تُبع لوزارة المالية، بل خُصصت لها فقط، وهو ما يعني عدم جواز بيعها لأي جهة داخلية أو خارجية، سواء الآن أو في المستقبل، مؤكدًا أن الغرض الأساسي من التخصيص هو تمكين الدولة من استخدام هذه الأصول العقارية كضمانات لإصدار الصكوك السيادية، ما يسهم في تقليل الدين العام وتحقيق أهداف استراتيجية تتعلق بإدارة المالية العامة.
وأشار “عبد العال” إلى أن الصكوك السيادية المزمعة قبل نهاية العام الحالي، ستُبنى على هذه الأصول العقارية، ما يتيح إمكانية استثمار العوائد من خلال صيغ تمويلية متوافقة مع الشريعة، مثل صكوك المشاركة والمضاربة والإجارة، كما تتيح هذه الصكوك للدولة تمويل مشروعات استثمارية حقيقية، أو إعادة هيكلة مشاريع قائمة، دون تحميل المالية العامة ديونًا مباشرة.
ونوّه الخبير إلى أن الصكوك السيادية تختلف عن السندات التقليدية من حيث كونها لا تُعد ديونًا مباشرة على الدولة، بل تمثل ملكية جزئية في أصول أو مشروعات، وتخضع لاحتمالات الربح والخسارة، بما يتوافق مع مبادئ الشريعة الإسلامية، كما أنها تتيح استقطاب شريحة جديدة من المستثمرين الذين يفضلون الأدوات المالية الإسلامية.
وشدد “عبد العال” على أن هذه الخطوة تأتي في توقيت مهم، في ظل النمو العالمي لسوق الصكوك الإسلامية، حيث تجاوزت قيمة الأصول الإسلامية 2 تريليون دولار، بمعدل نمو سنوي يقارب 16%، وتصدّرت ماليزيا والسعودية والإمارات قائمة الدول المصدرة، مضيفًا أن مصر نجحت في فبراير 2023 في إصدار أول صكوك سيادية بقيمة 1.5 مليار دولار، وشهد الطرح تغطية بأكثر من أربع مرات، وتم إدراج الصكوك ببورصة لندن.
وأكد أن تخصيص الأرض لوزارة المالية يمثل خطوة استراتيجية لخلق سوق محلية لتداول الصكوك السيادية، بما يواكب التوجهات الإقليمية والعالمية نحو أدوات التمويل الإسلامي والمستدام، ويعزز من قدرة الدولة على تمويل مشروعات خضراء ورقمية، وخفض تكلفة الاقتراض، وزيادة آجال الدين العام، وتحفيز مشاركة القطاع الخاص في تمويل التنمية.
واختتم “عبد العال” حديثه بالإشادة بالقرار، واصفًا إياه بأنه “خطوة استباقية ذكية”، تُرسخ لمكانة مصر في سوق الصكوك العالمية، وتوفر أدوات تمويل جذابة تتكئ على أصول حقيقية ذات عوائد إنتاجية، خاصة في ظل التراجع العالمي لأسعار الفائدة، والاتجاه المتنامي نحو التمويل الأخضر والمستدام.