مدير معهد بحوث البساتين: توصلنا إلى 28 نوعًا هجينيًا ونسعى لتطوير صناعة بذور الخضروات وتقليل التكاليف المستوردة.

الموالح في الصدارة بـ2.4 مليون طن والفراولة المجمدة تمنح مصر المركز الأول عالميًا خلال عام 2024
التصدير بالدولار يعوض تكاليف الإنتاج ويحفز المزارعين على الاستمرار
يعد القطاع البستاني أحد الركائز الأساسية في منظومة الإنتاج الزراعي بمصر، ليس فقط لما يمثله من أهمية غذائية واقتصادية، بل لدوره المتنامي في دعم الصادرات الزراعية وتعزيز الأمن الغذائي وتحقيق التنمية المستدامة، ومع تصاعد التحديات المرتبطة بالتغيرات المناخية وارتفاع تكاليف الإنتاج، تتزايد الحاجة إلى البحث العلمي والتقنيات التطبيقية التي تواكب متطلبات المرحلة، وهو ما يضع معاهد البحوث الزراعية في صدارة الجهات المسؤولة عن تقديم الحلول العملية والعلمية للمزارعين والمصدرين على حد سواء.
ويلعب معهد بحوث البساتين التابع لمركز البحوث الزراعية بوزارة الزراعة دورًا محوريًا في تطوير المحاصيل البستانية، سواء من خلال استنباط الأصناف الجديدة، أو التوسع في أنشطة الإرشاد والتدريب، فضلًا عن مساهماته في دعم منظومة التصدير، والتعاون مع الجهات المعنية لتطبيق الاشتراطات الدولية، لذلك، التقت مجلة “البوصلة الاقتصادية” بالدكتور أحمد حلمي، مدير معهد بحوث البساتين بوزارة الزراعة، للحديث عن جهود المعهد في دعم الإنتاج البستاني، والتوسع التصديري، وتعزيز الشراكات مع القطاع الخاص، وأبرز التحديات التي تواجه هذا القطاع الحيوي، وإلى نص الحوار…
*بداية كيف يسهم معهد بحوث البساتين في دعم منظومة الإنتاج البستاني من خلال أنشطته البحثية والتطبيقية؟ **يعمل معهد بحوث البساتين من خلال ثلاثة محاور رئيسية تشمل البحوث التطبيقية، والإرشاد والتدريب، إلى جانب أنشطة الإنتاج، بما يعزز دوره في تطوير القطاع البستاني في مصر، ويضم المعهد 19 قسمًا بحثيًا متنوعًا تشمل 7 أقسام للخضر، و 7 أقسام للفاكهة، و 4 أقسام للزينة والأشجار الخشبية، إضافة إلى 6 محطات بساتين موزعة في مختلف أنحاء الجمهورية. كما يحتوي المعهد على معامل مركزية متخصصة لأغراض بحثية وتجارية، فضلًا عن وحدة ذات طابع خاص تقوم بإنتاج شتلات وتقاوي معتمدة يتم طرحها للمزارعين والجمهور، بما يضمن الحصول على مدخلات إنتاج موثوقة وذات جودة عالية، ويقدم المعهد استشارات فنية متقدمة، ويعزز تعاونه مع القطاع الخاص من خلال مشروعات مشتركة في مجال تقاوي الخضر، أبرزها البرنامج الوطني الذي بدأ منذ خمس سنوات وأسفر عن استنباط 28 صنفًا هجينًا من محاصيل الخضر المختلفة، هذا التعاون ساهم في تشغيل العمالة، وتوفير العملة الصعبة، وتأسيس صناعة تقاوي وطنية تلبي احتياجات السوق المحلية، مثل الطماطم والفلفل والفاصوليا والبطيخ، حيث تمنح الشركات إطلاقًا خاصًا لهذه الأصناف وفق عقود محددة، كما يشارك المعهد في تنظيم أيام حقل للشركات، ويعمل على توسيع إنتاج شتلات الفاكهة من خلال زيادة أعداد الأمهات، وكان من أبرز إنجازاته تسجيل 10 أصناف جديدة من الزيتون وصنف جديد من المانجو، ما يعكس توجهه نحو دعم الابتكار والإنتاج المحلي المستدام.
*ما تقييم المعهد لأداء المحاصيل البستانية التصديرية وما فرص التوسع فيها بالأراضي الجديدة؟
**يرتكز دور معهد بحوث البساتين على دعم الإنتاج البحثي الذي يخدم المزارع مباشرة، في ظل هيمنة المحاصيل البستانية على هيكل الصادرات الزراعية المصرية، حيث تحتل الموالح المركز الأول عالميًا بصادرات تجاوزت 2.4 مليون طن بعائد اقترب من 1.1 مليار دولار خلال عام 2024، تليها البطاطس بنحو مليون طن، كما تحتل مصر المركز الأول عالميًا في تصدير الفراولة المجمدة، والرابع في الفراولة الطازجة، بالإضافة إلى المركز التاسع في الزيتون، إلى جانب محاصيل أخرى مثل البطاطا والعنب والبرتقال التي تحظى باهتمام متزايد، ويعمل المعهد على تعزيز هذا التوجه من خلال المتابعة الميدانية، والتوصيات الفنية، والحقول الإرشادية، وأيام الحقل، إذ يعد المناخ المناسب وجودة المنتج عاملين أساسيين في تقدير هذه المحاصيل من قبل الأسواق الخارجية، ما يمنح فرصًا واسعة للتوسع في صادراتها خلال عام 2025، كما يدعم المعهد التوسع في زراعة المحاصيل البستانية ذات العائد التصديري المرتفع في الأراضي الجديدة والصحراوية، من خلال تقديم التوصيات الفنية المناسبة لكل منطقة، واستنباط أصناف تتلاءم مع الظروف المناخية والتربة، بما يضمن تحقيق إنتاجية مرتفعة وجودة تصديرية تسهم في تعزيز تنافسية المنتج المصري عالميًا.
*في ظل التغيرات المناخية وارتفاع تكاليف الإنتاج، كيف ينعكس ذلك على إنتاج وتصدير المحاصيل البستانية؟ **ارتفاع تكاليف مستلزمات الإنتاج والعمالة يشكل تحديًا كبيرًا للمزارعين، إلا أن التصدير بالدولار يوفر عائدًا يعوض هذه التكاليف، مما يحقق توازنًا بين النفقات والعوائد، كما تؤثر التغيرات المناخية سلبًا على إنتاجية المحاصيل، لذلك يعمل المعهد على استنباط أصناف جديدة تتحمل درجات الحرارة المرتفعة والملوحة والعطش، بالإضافة إلى تقليل مدة المحصول لتقليل تأثير التغيرات المناخية، كما يصدر المعهد توصيات فنية للمزارعين لمواجهة الارتفاع في درجات الحرارة، مثل تقليل الفترات بين الريات، والحفاظ على نسبة رطوبة كافية بالتربة، والرش بمركبات تساعد الأشجار على تحمل الإجهاد الحراري، وبالرغم من هذه التحديات، يظل التصدير خيارًا مجديًا، حيث أن العوائد بالدولار تساعد في تغطية التكاليف المرتفعة، ما يشجع على استمرار الإنتاج والتوسع في الأسواق الخارجية.
*كيف يتعاون المعهد مع المصدرين والمزارعين لتلبية اشتراطات الدول المستوردة؟
**يقدم المعهد الدعم الفني والإرشادي للمزارعين والمصدرين من خلال تقديم المشورة حول أفضل أساليب الزراعة والممارسات التي تضمن الحصول على إنتاجية مرتفعة وجودة تصديرية، بما يتوافق مع اشتراطات الدول المستوردة، خاصة فيما يخص متبقيات المبيدات، حيث يوجه المعهد المزارعين إلى اختيار المحاصيل المناسبة للمناطق المختلفة، ويوفر توصيات دقيقة بشأن نوعية المبيدات المستخدمة، وتوقيت استخدامها، والأساليب التي تضمن عدم تجاوز الحدود المسموح بها دوليًا، بما يساهم في تقليل نسب الرفض وتحقيق أعلى استفادة من المحصول في الأسواق الخارجية.
*هل هناك اهتمام بتطوير المحاصيل البستانية من حيث التصنيع الزراعي وليس فقط تصديرها كمنتجات خام؟ **اتجهت الدولة مؤخرًا إلى تبني رؤية شاملة لرفع القيمة المضافة للمحاصيل الزراعية، ومنها المحاصيل البستانية، من خلال تعزيز التصنيع الزراعي بدلًا من الاكتفاء بتصدير المنتجات في صورتها الخام، فعلى الرغم من أن مصر تتصدر دول العالم في تصدير الموالح الطازجة، إلا أن حجم الاستفادة الاقتصادية ما زال دون المستوى المستهدف نتيجة غياب حلقات التصنيع المتقدمة، الأمر نفسه ينطبق على النباتات الطبية والعطرية، والتي تحقق فيها مصر مركزًا متقدمًا عالميًا، لا سيما في إنتاج عجينة الياسمين، حيث تستحوذ على نحو 60 إلى 65% من الإنتاج العالمي، إلا أن هذه العجينة يتم تصديرها خام، ثم تعاد إلى السوق المصرية على هيئة زيوت أو مركبات عطرية بعد التصنيع في الخارج، مما يعني فقدان قيمة مضافة كبيرة للمحصول، ويؤكد المعهد دعمه الكامل لهذا التوجه من خلال توفير الدعم الفني والتقني، وتشجيع الشراكات مع القطاع الخاص لإقامة صناعات تحويلية تسهم في رفع تنافسية المنتج المصري في الأسواق العالمية.
*هل هناك تعاون بين المعهد وهيئة الحجر الزراعي لضمان توافق المحاصيل البستانية مع الاشتراطات التصديرية الدولية؟
**هناك تعاون مستمر بين معهد بحوث البساتين وهيئة الحجر الزراعي لضمان توافق المحاصيل البستانية مع الاشتراطات التصديرية الدولية، حيث يتم دعم المزارعين المتكودين فنيًا من خلال تقديم التوصيات والإرشادات الزراعية التي تضمن جودة المنتج وسلامته وفقًا للمعايير الدولية، كما يعمل المعهد على تعزيز هذا التعاون عبر بروتوكولات تنسيقية، ويجري حاليًا الإعداد لتوقيع بروتوكول تعاون مع الإدارة المركزية للزراعة العضوية لدعم منظومة الزراعة النظيفة، وقد وقع المعهد بالفعل عددًا من بروتوكولات التعاون مع القطاع الخاص، بهدف إنتاج تقاوي وشتلات معتمدة، بما يسهم في توفير مدخلات إنتاج ذات جودة عالية تواكب متطلبات التصدير.