المدير التنفيذي لـ«مباشر القابضة» يتحدث لـ«البوصلة»: تنفيذ الطروحات بجدية يعزز الثقة ويزيد السيولة

التكنولوجيا ستقود توسعها.. وعودة الأجانب مرهون بالحرية والاستقرار
السوق تتغير بقيادة الأفراد والتكنولوجيا.. وتأجيل مراجعة الصندوق “إنذار مبكر”
تأجيل مراجعة صندوق النقد فرصة للإصلاح.. لكن التأجيل المتكرر يُهدد ثقة المستثمرين
تعليق التداول قرار صائب.. وحريق السنترال كشف أهمية شركات التكنولوجيا المالية
في ظل ما تشهده السوق المصرية من تحولات على مستوى الأداء الاقتصادي والتشريعات المالية، تظل البورصة مرآة حساسة تعكس تفاعلات المُستثمرين وتوجهاتهم، وسط تحديات محلية وخارجية مُتشابكة، ومع النصف الثاني من عام 2025، تتزايد التساؤلات حول قدرة السوق على الحفاظ على مساره الصاعد، ومدى استيعابه للطروحات الحكومية والخاصة، وجاذبيته للمُستثمر الأجنبي، ودور التكنولوجيا المالية في تشكيل مُستقبل التداول.
في هذا السياق، تتحدث «البوصلة الاقتصادية» مع مصطفى الديباوي، العضو المنتدب لشركة مباشر القابضة، ويُقدم رؤيته لتطورات السوق، ويُقيم أداء البورصة خلال الأشهر الماضية، ويكشف عن الفرص والتحديات التي تواجه المُتعاملين وشركات الوساطة، وإلى نص الحوار..
بداية.. كيف تقييم أداء البورصة في النصف الأول من 2025، وما توقعاتك للسوق في النصف الثاني؟
اتسمت البورصة المصرية بأداء إيجابي وصاعد خلال النصف الأول من العام الحالي، ومن المتوقع أن يستمر هذا الاتجاه خلال النصف الثاني، ليستهدف المؤشر الرئيسي (إي جي إكس 30) مستويات تتراوح بين 37 و38 ألف نقطة بنهاية العام.
هل زادت مشاركة الأفراد في السوق، أم ما لا تزال المؤسسات مهيمنة؟
شهدت مساهمات الأفراد في السوق نموًا ملحوظًا، وأصبحت تشكل شريحة مهمة من التداولات، خاصة مع توسع استخدام التداول عبر الإنترنت، وفي الوقت نفسه، حافظت المؤسسات على تأثيرها، لكن الصورة العامة للسوق تغيرت؛ إذ لم يعد الاعتماد فقط على قرارات المؤسسات أو اتصالات شركات الوساطة، بل أصبح المستثمر الفردي يمتلك أدوات ومعرفة تؤهله للتأثير في حركة السوق بشكل مباشر.
هل بدأ المُستثمر الأجنبي العودة فعليًا، وما المطلوب لضمان استدامة تواجده؟
لم نشهد بعد عودة فعلية للمستثمر الأجنبي بالشكل المعتاد، ويظل دخوله واستمراره مرهونًا بتوافر عدة عوامل، أهمها ضمان حرية الدخول والخروج من السوق، وتوفير العملة الأجنبية عند الحاجة للخروج، إضافة إلى وجود فرص استثمارية واعدة، واستقرار اقتصادي وسياسي واضح، كما ينظر المستثمر الأجنبي إلى حجم التداول في الأسهم، وتوافر أسهم مناسبة ذات سيولة، إضافة إلى مراجعته معدلات ونسب الفائدة والتضخم، كما تملك مصر مجموعة من الأسهم التي تتماشى مع معايير المستثمر الأجنبي.
كيف يؤثر تأجيل مراجعة الشريحة الخامسة من صندوق النقد على السوق وثقة المُستثمرين؟
تأجيل مراجعة الشريحة الخامسة من صندوق النقد الدولي جاء نتيجة تأخر الحكومة في تنفيذ بعض الإصلاحات المطلوبة، ومع تنفيذ هذه الإصلاحات، سيُستكمل البرنامج مع الصندوق، وأرى أن التأجيل يمثل فرصة للحكومة لاتخاذ قرارات حاسمة، لكنه لا يؤثر كثيرًا على قرارات المستثمر الأجنبي الذي يتحرك وفق رؤية طويلة الأجل، أما إذا حدث تأجيل إضافي، فقد تكون له آثار فعلية على ثقة المستثمرين في البورصة.
ما أثر الطروحات الحكومية الأخيرة، وهل الأفضل إعلان جدول واضح للطروحات القادمة؟
الطرح الحكومي الأخير، مثل طرح المصرف المتحد، لم يكن جاذبًا بالشكل الكافي للمستثمرين فالسوق بحاجة إلى طروحات كبيرة لشركات ذات جودة عالية، وقادرة على جذب السيولة، والأهم من إعلان جدول زمني للطروحات هو الالتزام بالتنفيذ، إذ تكرار التأجيل يؤثر سلبًا على مصداقية الحكومة لدى المستثمرين.
هل شركات القطاع الخاص مُتحمسة للطرح أم لا تزال مُترددة؟
هناك توجه واضح من شركات القطاع الخاص نحو الطرح في البورصة، سواء كوسيلة للحصول على تمويل، أو كآلية لتخارج جزئي من المالكين، وأحيانًا يجمع الطرح بين الهدفين، هذا التوجه يعكس إدراكًا متزايدًا لأهمية البورصة كأداة استراتيجية للنمو.
كيف ترى تعامل السوق مع توقف التداول بسبب حريق سنترال رمسيس، وهل ظهرت مشكلات في البنية الرقمية؟
كان قرار تعليق التداول في البورصة بسبب حريق سنترال رمسيس صائبًا، حفاظًا على العدالة بين جميع المتعاملين، فالأزمة لم تستمر سوى يوم واحد، وأثبتت قدرة السوق على تجاوز الأحداث الطارئة، من ناحية أخرى أظهرت الواقعة أهمية الشركات التي تعتمد على التكنولوجيا وتُقدم خدمات الإنترنت والدفع الإلكتروني، ما أعاد تسليط الضوء على قيمتها لدى المستثمرين.
ما أبرز التحديات التي تواجه شركات السمسرة حاليًا؟ وهل هناك ضغط على الهوامش الربحية للشركات؟
تواجه شركات الوساطة تحديات تتعلق بضرورة تطوير بنيتها التكنولوجية لتواكب تطلعات قاعدة متزايدة من المستثمرين الأفراد، فالسوق يشهد توسعًا في الوعي والثقافة الاستثمارية، ما يتطلب توفير أدوات تداول متقدمة، ورغم وجود ضغوط على هوامش الربحية بسبب المنافسة، فإن زيادة أحجام التداول تعوض هذا الضغط، فعلى سبيل المثال إذا انخفضت عمولات التداول إلى واحد ونصف في الألف مقابل تضاعف حجم التداول اليومي، فإن الربحية قد تتحسن فعليًا.
هل التنافس في السوق يتطلب تقديم خدمات جديدة أو تبني أدوات تكنولوجية؟
يتطلب التنافس في السوق توفير خدمات أساسية مثل التقارير المالية والفنية وتحليلات الشركات، والتي تساعد المستثمرين على اتخاذ قراراتهم الاستثمارية بدقة من حيث توقيت الشراء أو البيع والأسهم المناسبة، كما يُعد توفير تطبيقات إلكترونية للتداول المباشر أمرًا بالغ الأهمية، لأنه يُمكِّن المستثمر من التعامل مع البورصة بسهولة وسرعة، وهو توجه ضروري في المرحلة المقبلة.
ما خطة “مباشر” في التحول الرقمي وتطوير منصات التداول؟
تُعد شركة “مباشر” من أوائل الشركات التي أدخلت التكنولوجيا المالية إلى السوق المصرية، وتمتلك تطبيقًا خاصًا بها للتداول وتعمل الشركة على تطوير هذا التطبيق بشكل مستمر ويومي، لضمان مواكبته لاحتياجات العملاء وتقديم تجربة استخدام متقدمة تظل في مقدمة السوق.
هل يمكن للذكاء الاصطناعي أن يكون بديلاً أو مكملاً لدور السمسار؟
لم يتم بعد تفعيل استخدام الذكاء الاصطناعي فعليًا داخل السوق المصرية، لكنه يمثل أداة واعدة لتسهيل تجربة المتعاملين، ومن الممكن الاعتماد عليه لاحقًا في التحليل والتوجيه، لكن لا يزال وجود العنصر البشري مهمًا وأساسيًا، خاصة في تقديم المشورة والتعامل مع الظروف المتغيرة في السوق.
هل ما زال السوق متأخرًا في تطبيق أدوات مالية حديثة مثل البيع على المكشوف؟
تطبيق آلية البيع على المكشوف مرهونًا بجاهزية جميع أطراف السوق، بما في ذلك البورصة، والهيئة العامة للرقابة المالية، وشركات الوساطة، وشركة مصر للمقاصة، إلى جانب المقرضين للأسهم، ورغم أن بعض الأطراف قد تكون مستعدة، إلا أن التطبيق الفعلي يتطلب توافر الجاهزية الشاملة، وعند التأكد من جدوى هذه الأداة وتحققيقها أرباحًا فعلية، من المتوقع أن تزداد جاذبيتها لدى المتعاملين.
ما استراتيجية شركة “مباشر” في الفترة المقبلة، وهل هناك نية للتوسع أو الشراكات؟
تواصل شركة “مباشر” التوسع داخل السوق، حيث ترى أن عدد العملاء الحاليين في البورصة لا يزال محدودًا مقارنة بالإمكانات المتاحة، وتعتمد الشركة على التكنولوجيا كأداة رئيسية لتوسيع قاعدة المستثمرين، وهو ما سيكون محور استراتيجيتها خلال الفترة المقبلة.
هل هناك توجه متزايد لإصدار أدوات دين مثل السندات والصكوك، وهل تمثل فرصة للوساطة؟
سوق أدوات الدين مثل السندات والصكوك لا يزال مقتصرًا على عدد صغير من المتعاملين، رغم أنه أكبر حجمًا بكثير من سوق الأسهم، إلا أن هذا القطاع يمثل فرصة كبيرة أمام شركات الوساطة التي قد تتوسع في تقديم خدماتها داخله خلال المرحلة المقبلة.
كيف ترى المنافسة بين شركات التداول الإلكتروني والشركات التقليدية؟
الشركات التقليدية في طريقها إلى التراجع لصالح شركات التداول الإلكتروني، فإدارة آلاف العملاء في الشركات التقليدية تتطلب موارد بشرية كبيرة وجهود متابعة معقدة، بينما يمكن لشركات التداول الإلكتروني خدمة نفس العدد بكفاءة أعلى وعدد أقل من الموظفين، ومن المهم وجود شركات متخصصة داخل مصر تساعد على التحول الرقمي من خلال تصميم تطبيقات إلكترونية مناسبة، إلى جانب ضرورة امتلاك الشركات لبنية تحتية قوية وتعمل الجهات المنظمة مثل الهيئة العامة للرقابة المالية والبورصة المصرية على وضع المتطلبات الفنية لضمان استمرار التداول الإلكتروني بشكل آمن ومنظم.
ما تأثير إلغاء ضريبة الأرباح الرأسمالية واستبدالها بضريبة الدمغة على السوق؟
إلغاء ضريبة الأرباح الرأسمالية واستبدالها بضريبة الدمغة يُعد خطوة إيجابية، إذ يُخفف عن المستثمر عبء الإجراءات الضريبية المعقدة، ويُعزز حرية التعامل في السوق، وفي المقابل تضمن الدولة حصيلة ضريبية ثابتة دون التأثير على قرار المستثمر، هذا التعديل الضريبي يمنح السوق قدرًا أكبر من الشفافية والاستقرار، ويشجع على جذب مزيد من الاستثمارات.
ما أدوات الاستثمار التي تنافس البورصة حاليًا من حيث الجاذبية؟
أدوات الاستثمار الأكثر رواجًا حاليًا هي الذهب، والعقارات، والأسهم ولكل منها خصائص مختلفة؛ فالعقارات تتمتع بالاستقرار لكنها تعاني من صعوبة التسييل، في حين تُعد الأسهم أكثر مرونة وسرعة في التداول أما الذهب فرغم أنه وسيلة حفظ للقيمة، إلا أن تخزينه يشكل عبئًا أمنيًا، لكن ظهرت مؤخرًا وثائق لصناديق استثمارية في الذهب متاحة للتداول في البورصة، مثل صناديق “الدخل الثابت” و”الدخل المتوازن”، ما يوفر بديلاً آمنًا وسهلًا، كما توجد شركات عقارية مدرجة في السوق تتيح الاستثمار العقاري بشكل غير مباشر.