فرانشيسكا ألبانيزي: صدى الضمير ضد الفظائع الإسرائيلية في غزة

في خضم التصعيد الأخير والمدمر الذي تنفذه آلة القتل الإسرائيلية في قطاع غزة، والتي تسبب في استشهاد أعداد هائلة من الضحايا المدنيين الأبرياء، برز صوت جريء ومسؤول يعكس ضمير الإنسانية، إنه صوت المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بحالة حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، فرانشيسكا ألبانيزي.
لقد مثّل موقف ألبانيزي الواضح والصريح إدانة قوية للمجازر التي ترتكبها إسرائيل بحق المدنيين، ومطالبة ملحة بضرورة وقف هذه الانتهاكات الصارخة للقانون الدولي الإنساني.
منذ بداية الأحداث، لم تتردد ألبانيزي في استخدام منبرها الأممي لتسليط الضوء على الواقع المؤلم في غزة.
لقد وصفت، بكلمات لا لبس فيها، ما يحدث بأنه “مجازر” و”انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان”، مستندة في ذلك إلى تقارير موثقة وأدلة دامغة على استهداف المدنيين والبنية التحتية المدنية.
لم تكتفِ ألبانيزي بالإدانة فحسب، بل قامت بتحليل دقيق للوضع، مشيرة إلى أن الإجراءات الإسرائيلية تتجاوز مفهوم الدفاع عن النفس وتصل إلى حد العقاب الجماعي لشعب محاصر.
ويعتبر موقف فرانشيسكا ألبانيزي مشرفاً لعدة أسباب..
أولاً، يأتي هذا الموقف في وقت تلتزم فيه العديد من الجهات الدولية بالصمت أو تصدر بيانات مبهمة لا ترقى إلى حجم الكارثة الإنسانية.
في المقابل، اختارت ألبانيزي أن تكون صوت الحق، وأن تتحدث بوضوح عن مسؤولية إسرائيل تجاه حماية المدنيين وفقاً للقوانين والمعاهدات الدولية.
ثانياً، يعكس موقفها شجاعة مهنية وأخلاقية.
فالمقررون الخاصون للأمم المتحدة غالباً ما يواجهون ضغوطاً سياسية هائلة من الدول المتورطة في انتهاكات حقوق الإنسان.
ومع ذلك، لم ترضخ ألبانيزي لهذه الضغوط، بل آثرت الالتزام بمبادئ العدالة والكرامة الإنسانية، ودافعت عن حقوق الشعب الفلسطيني المحاصر، الذي يعيش تحت وطأة حصار ظالم واعتداءات متكررة.
ثالثاً، لقد ساهمت تصريحاتها في رفع مستوى الوعي الدولي بما يحدث في غزة، وجذبت الانتباه إلى ضرورة المساءلة الدولية.
ففي الوقت الذي تحاول فيه بعض الأطراف تبرير الاعتداءات أو التقليل من شأنها، عملت ألبانيزي على تقديم رواية بديلة مبنية على الحقائق والقانون، مما يضع ضغطاً متزايداً على المجتمع الدولي للتحرك بجدية لوقف هذه الفظائع.
إن دعوات فرانشيسكا ألبانيزي لم تتوقف عند الإدانة، بل امتدت لتشمل مطالبة بوقف فوري لإطلاق النار، وضمان وصول المساعدات الإنسانية دون عوائق، وفتح تحقيقات مستقلة في جميع الانتهاكات المرتكبة.
إنها تؤكد على أن السلام الحقيقي والدائم لا يمكن أن يتحقق إلا من خلال احترام حقوق الإنسان وتطبيق القانون الدولي.
ومما لا شكر فيه، يمثل الموقف الشجاع لفرانشيسكا ألبانيزي بصيص أمل في عالم يزداد فيه التعتيم على الحقائق وتغيب فيه العدالة.
إنها تذكرنا بأن هناك أصواتاً لا تزال تؤمن بأهمية المبادئ الإنسانية، وتعمل جاهدة من أجل إحقاق الحق ووقف الظلم.
ولا شك فإن موقفها هذا سيبقى محفوراً في ذاكرة التاريخ كشهادة على أهمية الضمير الإنساني في مواجهة أشد أشكال القسوة والوحشية.