مركز المناخ: مصر لا تمر بفترة “تبريد” بل تعاني من اضطراب مناخي أكثر خطورة وتعقيدًا.

مركز المناخ: مصر لا تمر بفترة “تبريد” بل تعاني من اضطراب مناخي أكثر خطورة وتعقيدًا.

نفى الدكتور محمد علي فهيم، رئيس المعمل المركزي للتغيرات المناخية بوزارة الزراعة واستصلاح الأراضي، صحة المعلومات المتداولة على مواقع التواصل الاجتماعي بشأن دخول مصر ما يسمى بـ”دورة تبريد طبيعية طويلة” أو “عصر شتاء ممتد لمدة 40 عامًا”، مؤكدًا أن هذه المزاعم غير دقيقة علميًا ولا تستند إلى أي مرجعية مناخية معتمدة.

وقال “فهيم” في تصريح خاص لـ “البوصلة نيوز” إن الحديث عن انخفاض واضح في حرارة الصيف في عام 2025 مقارنة بالسنوات الماضية هو جزئي صحيح، لكنه لا يعكس الصورة الكاملة.

فقد كشفت بيانات الهيئة العامة للأرصاد الجوية وخرائط المركز الأوروبي للتنبؤات ECMWF أن الصيف هذا العام شهد انخفاضًا طفيفًا في العنف الحراري خلال شهري يونيو ويوليو مقارنة بأعوام 2021 إلى 2024، لكنه ما يزال أعلى من المتوسط الطبيعي بـ 1.3 درجة مئوية مقارنة بفترة الأساس (1991–2020).

وأشار إلى أن الترويج لدخول مصر “دورة تبريد طويلة” استنادًا إلى ظاهرة AMO (التذبذب متعدد العقود للمحيط الأطلسي) هو استنتاج غير دقيق.

وأوضح أن تأثير الـ AMO يقتصر على شمال المحيط الأطلسي، بينما تأثيره على مصر وشرق المتوسط ضعيف ومحدود، مضيفًا أن العوامل الأكثر تأثيرًا على مناخ مصر تشمل: ظاهرة النينو واللانينا، النشاط الموسمي للرياح الموسمية القادمة من الهند، والأنماط الجوية في حوض البحر المتوسط.

وأكد “فهيم” أن التغير المناخي في شمال إفريقيا، ومصر تحديدًا، يسير في اتجاه احترار مستمر لا تراجع فيه حتى عام 2070 على الأقل، وفقًا لتقارير الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (IPCC)، ووكالة NOAA الأمريكية، والمركز الأوروبي ECMWF، والسبب الرئيسي في ذلك هو الانبعاثات الحرارية العالية الناتجة عن النشاط البشري.

وفيما يخص الشائعات المتكررة حول “عودة الشتاء القديم”، أوضح رئيس المعمل أن الشتاء في مصر أصبح أقصر وأدفأ، حيث أظهرت بيانات ERA5 التابعة لـ Copernicus Climate Data Store أن:

– عدد أيام البرد في الشتاء انخفض.

– موجات الصقيع أصبحت أقل تكرارًا.

– متوسط درجات الحرارة الشتوية ارتفع من 13.5 إلى 15.1 درجة مئوية في القاهرة خلال الـ 40 سنة الأخيرة.

وبشأن المزاعم حول “عودة الغطاء النباتي والصحراوي وانتعاش الحياة البرية بشكل طبيعي”، شدد فهيم على أن أي تحسن في الغطاء النباتي أو تنوع بيولوجي في الصحراء يتطلب تدخلًا بشريًا مباشرًا، مثل توفير مصادر مياه دائمة، وإنشاء موائل آمنة، ووقف الصيد الجائر، مشيرًا إلى أن زيادة الأمطار في بعض السنوات مثل 2019 كانت استثنائية ومؤقتة وليست جزءًا من نمط مستقر.

وعن فكرة “مطر مستمر 40 سنة”، قال فهيم: “لا توجد أي دراسة علمية أو نموذج مناخي دولي يتنبأ بذلك، بل إن التغير الحقيقي هو تحول مصر إلى مناخ غير مستقر ومتطرف، يشمل تقلبات حادة مثل أمطار غزيرة مفاجئة، موجات جفاف طويلة، وتفاوتات شديدة في درجات الحرارة”.

وأكد “فهيم” أن الحل لا يكمن في الافتراضات أو الشائعات المنتشرة على مواقع التواصل، بل في تبني استراتيجيات ذكية للتكيف المناخي تشمل: تحديث كود البناء، وإنشاء شبكات صرف قوية، وتفعيل نظم الإنذار المبكر، وبناء وعي مجتمعي مبني على العلم والمعرفة الدقيقة.