قطاع الأدوية يواجه مخاطر التهديدات الجمركية من ترامب

قطاع الأدوية يواجه مخاطر التهديدات الجمركية من ترامب

يعيش قطاع الصناعات الدوائية حالة من الترقّب والتأهّب، في ظل تهديدات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بفرض رسوم جمركية تصل إلى 200%، ما يُنذر بارتفاع حاد في أسعار الأدوية وتآكل هوامش أرباح الشركات، بحسب “بلومبرغ”.
 

وجدد ترامب، يوم الثلاثاء، تحذيره من أن الرسوم الجمركية الشاملة التي طال انتظارها على القطاع «سيتم الإعلان عنها قريباً جداً»، وذلك بعد أن أطلقت إدارته في أبريل نيسان تحقيقاً بموجب المادة 232 بشأن أمن الصناعات الدوائية.

 

وأشار الرئيس إلى أن الرسوم المقترحة لن تُطبق على الفور، بل ستحظى بفترة سماح تتراوح بين عام وعام ونصف، ما يمنح الشركات وقتاً للتكيّف.

 

ومع ذلك، حذّر محللو «باركليز» في مذكرة يوم الأربعاء من أن مثل هذه النسبة –حتى مع التأجيل– ستكون لها آثار سلبية مباشرة على تكلفة الإنتاج وهوامش الأرباح، كما تهدد باضطرابات في سلاسل التوريد، ما قد يؤدي إلى نقص في الأدوية وارتفاع الأسعار بالنسبة للمستهلكين الأميركيين.

 

وفي السياق ذاته، وصفت شركة «يو بي إس» الأثر المحتمل على الشركات التي تعتمد على التصنيع خارج الولايات المتحدة بأنه «سلبي للغاية» على هوامش الأرباح.

 

وقالت أفسانه بيشلوس، الرئيسة التنفيذية لمجموعة «روك كريك» الاستثمارية، إن الأثر على المرضى قد يكون «كارثياً»، مشيرةً في مقابلة مع قناة CNBC إلى أن «فرض رسوم بنسبة 100% سيكون له عواقب مدمّرة على الجميع، لأننا نحتاج إلى هذه الأدوية، كما أن الشركات تحتاج لوقت طويل حتى تتمكن من تصنيعها داخل الولايات المتحدة».

 

ووفقاً لبيانات صادرة عن اتحاد «مصنّعي الأدوية ومنتجات البحوث الأمريكية»، فإن فرض رسوم جمركية بنسبة 25% فقط على واردات الأدوية قد يرفع أسعار الأدوية في السوق الأميركية بنحو 51 مليار دولار سنوياً، أي ما يعادل زيادة تصل إلى 12.9% في الأسعار المحلية، إذا تم تمرير التكاليف إلى المستهلكين. وقد وصف الاتحاد مقترحات ترامب بأنها «تضر بصحة المواطنين وتأتي بنتائج عكسية».

 

 

 

تأجيل التنفيذ لا يوفر راحة كافية

 

 

لطالما استُثنيت المنتجات الدوائية من الرسوم الجمركية نظراً لطابعها الحيوي، إلا أن ترامب دأب في السنوات الأخيرة على مهاجمة القطاع، متهماً إياه بممارسات تسعير «غير عادلة»، كما دعا الشركات إلى إعادة توطين عملياتها الإنتاجية داخل الولايات المتحدة.

 

وفي استجابة أولية، أعلنت عدد من شركات الأدوية الكبرى –مثل نوفارتس وسانوفي وروش، إلى جانب شركتين أميركيتين هما إيلي ليلي وجونسون آند جونسون– التزامها بضخ استثمارات ضخمة داخل السوق الأميركية.

 

غير أن محللي UBS اعتبروا أن فترة السماح التي حدّدتها الإدارة الأميركية –والبالغة 12 إلى 18 شهراً –غير كافية لنقل التصنيع إلى الولايات المتحدة، مشيرين إلى أن عملية الانتقال على نطاق تجاري تحتاج عادة إلى فترة تتراوح بين 4 و5 سنوات.

 

ومن المنتظر أن يصدر التقرير النهائي لتحقيق المادة 232 في نهاية الشهر الجاري، فيما تستعد الشركات لاحتمالات متعددة في ظل غموض المشهد.

 

قال متحدّث باسم شركة «روش» السويسرية إن الشركة «تتابع الوضع عن كثب» وتتواصل مع الجهات المعنية «للدعوة إلى سياسات تعالج العوائق التي تحول دون حصول المرضى على العلاج» وتهدف إلى «بناء منظومة رعاية صحية أكثر عدالة وتكلفة معقولة».

 

وكانت الشركة قد حذّرت في وقت سابق من أن أوامر ترامب بشأن تسعير الأدوية قد تُعرّض استثماراتها في الولايات المتحدة للخطر، إلا أنها أكدت يوم الأربعاء أن التمويل المقترح سيمكّنها من مواصلة توسيع حضورها الصناعي داخل السوق الأميركية.

 

من جهتها، قالت شركة «باير» الألمانية إنها تراقب «الإعلانات المتعددة بشأن الرسوم الجمركية»، وتُركّز على تأمين سلاسل التوريد وتقليص التأثيرات المحتملة إلى الحد الأدنى.

 

أما شركة «نوفارتس» فقد أكدت أنها تواصل العمل مع الإدارة الأميركية وشركاء الصناعة، مضيفة أنها لم تُجرِ «أي تغييرات» على خططها الاستثمارية داخل الولايات المتحدة.

 

ولم ترد شركتا «أسترازينيكا» و«سانوفي» على طلب للتعليق من شبكة CNBC، فيما امتنعت شركة «نوفو نورديسك» عن التعليق نظراً لفترة الصمت التي تسبق إعلان نتائجها المالية.

 

 

 

آمال الاستثناءات لا تزال قائمة

 

 

وكانت شركات الأدوية العالمية قد سعت في وقت سابق للحصول على استثناء جماعي من الرسوم الجمركية، لكن مع تلاشي هذه الآمال، بدأت الأنظار تتجه نحو الاتفاقيات التجارية المحتملة كوسيلة لتخفيف الأثر.

 

ويتضمّن الاتفاق التجاري الأميركي – البريطاني، الذي أُعلن عنه الشهر الماضي رغم محدودية بنوده، نصاً يُلزم الطرفين بالتفاوض حول «معاملة تفضيلية للأدوية البريطانية ومكوّناتها» بناءً على نتائج تحقيق المادة 232.

 

وتسعى شركات الأدوية في سويسرا والاتحاد الأوروبي إلى تحقيق استثناءات مماثلة ضمن اتفاقياتها التجارية المرتقبة مع واشنطن. إلا أن الغموض المستمر بشأن مستقبل هذه السياسات يزيد من الضغوط على الشركات والمستهلكين على حد سواء.

 

وقال بيرت كولين، كبير الاقتصاديين في بنك ING، في مقابلة مع برنامج «Europe Early Edition» على قناة CNBC يوم الأربعاء: «كلما طال أمد هذا الغموض بشأن القطاعات التي ستُدرج في الرسوم والتي لن تُدرج، سيستمر الأثر السلبي في التفاقم».