انخفاض عدد السكان يزيد من ضغوط قطاع العقارات في الصين

انخفاض عدد السكان يزيد من ضغوط قطاع العقارات في الصين

يواصل قطاع العقارات في الصين معاناته من ركود ممتد منذ سنوات، لكن ما يزيد الوضع سوءًا هو انكماش عدد السكان، الذي بدأ يفرض ضغوطًا ديموغرافية ثقيلة على سوق يعاني أساسًا من تراجع حاد في الطلب، وفق ما أفادت “سي إن بي سي عربية”.
 

وقدّرت مجموعة “غولدمان ساكس” أن الطلب على المنازل الجديدة في المدن الصينية سيظل دون 5 ملايين وحدة سنويًا في السنوات المقبلة، وهو ما يعادل ربع مستوى الذروة البالغ 20 مليون وحدة في عام 2017.

 

وأوضحت في مذكرة بحثية أن “انخفاض عدد السكان وتباطؤ التحضر سيؤديان إلى تراجع واضح في الطلب الديموغرافي على المساكن خلال العقود القادمة”.

 

تقلص سكاني يغير المعادلة

 

ووفقًا لتقديرات البنك الدولي، من المتوقع أن ينخفض عدد سكان الصين من 1.41 مليار نسمة حاليًا إلى أقل من 1.39 مليار بحلول عام 2035، نتيجة تراجع معدلات المواليد وارتفاع معدلات الشيخوخة.

 

وقدّرت “غولدمان ساكس” أن يسهم هذا التراجع السكاني في انخفاض الطلب على المساكن بمقدار 500 ألف وحدة سنويًا خلال عشرينيات القرن الحالي، و1.4 مليون وحدة سنويًا في ثلاثينيات القرن، مقارنة بمساهمة إيجابية سابقة بلغت 1.5 مليون وحدة سنويًا في العقد الماضي، عندما كان النمو السكاني مستقرًا.

 

تراجع مستمر في معدلات الخصوبة

 

رغم إلغاء سياسة الطفل الواحد في عام 2016، فإن معدل الخصوبة في الصين واصل التراجع، وسط عزوف متزايد من الشباب عن الإنجاب نتيجة ضعف نمو الدخل، وعدم استقرار فرص العمل، وغياب منظومة حماية اجتماعية فعالة.

 

وأشار تيانشن شو، كبير الاقتصاديين في وحدة “إيكونوميست إنتليجنس”، إلى أن السياسات الحكومية لتشجيع الإنجاب سيكون لها “تأثير محدود”، لأنها لا تعالج جذور المشكلة مثل التكاليف المرتفعة لتربية الأطفال وتأخر الزواج لأسباب مهنية أو نمط الحياة الفردي.

 

إغلاق آلاف المدارس ورياض الأطفال

 

يعكس الانكماش السكاني أثرًا مباشرًا على البنية التحتية التعليمية. فقد أغلِقت نحو 36 ألف روضة أطفال في عموم البلاد خلال العامين الماضيين، وانخفض عدد طلاب رياض الأطفال بأكثر من 10 ملايين طفل، وفق حسابات CNBC استنادًا إلى بيانات وزارة التعليم الصينية.

 

كما تراجع عدد المدارس الابتدائية بنحو 13 ألف مدرسة بين عامي 2022 و2024، ما أثّر بشكل مباشر على أسواق العقارات المجاورة للمؤسسات التعليمية التي كانت سابقًا تحظى بطلب قوي وارتفاع في الأسعار.

 

ويقول ويليام وو، محلل العقارات في “دايوا كابيتال ماركتس”، إن القيمة المضافة للعقارات القريبة من المدارس بدأت تتراجع، خصوصًا مع انخفاض عدد الأطفال وتغير سياسات تسجيل الطلاب بحسب المناطق.

 

 ركود مستمر رغم تدخلات الدولة

 

منذ أواخر عام 2020، وقطاع العقارات في الصين يعاني من ركود حاد، لم تفلح الحوافز الحكومية في كبحه رغم تدخلات متعددة منذ سبتمبر الماضي.

 

وبحسب لاري هو، كبير الاقتصاديين في “ماكواري”، فإن أسعار المنازل الجديدة في الصين تراجعت خلال مايو الماضي بأسرع وتيرة لها في سبعة أشهر، ما يطيل أمد الركود المستمر منذ عامين.

 

كما أظهرت بيانات أن مبيعات المنازل الجديدة في 30 مدينة رئيسية انخفضت بنسبة 11% على أساس سنوي في النصف الأول من شهر يونيو الجاري، مقارنة بانخفاض قدره 3% في مايو.

 

 

المستثمرون يتحولون إلى البيع

 

توقعت “جولدمان ساكس” أن يتحول المستثمرون العقاريون إلى “بائعين” خلال الفترة المقبلة، في ظل التوقعات باستمرار تراجع الأسعار وضعف العائد على الاستثمار.

 

كما أشارت المؤسسة إلى أن وتيرة التحضر في الصين ستتباطأ خلال السنوات المقبلة، ما ينعكس سلبًا على الطلب على المساكن في المدن.

 

ورغم هذه التحديات، يرى المحلل العقاري ويليام وو أن التأثير الديموغرافي الكامل على سوق العقارات قد يستغرق وقتًا أطول للظهور، مؤكدًا أن الطلب على تحسين المساكن في المدن سيظل يمثل حصة متزايدة من الطلب الإجمالي في المدى القريب.