“الاستثمار الجزئي”.. آلية جديدة لتحريك السوق العقاري

شبكة تواصل الإخبارية تقدم لكم خبر
اتفق خبراء ومتعاملون بالقطاع العقاري، على أنه مع ارتفاع أسعار العقارات بشكل كبير خلال السنوات القليلة الماضية، ظهرت آلية استثمارية جديدة تحمل اسم “الاستثمار الجزئي”، تتيح للعملاء امتلاك حصص في العقارات دون الحاجة إلى شراء الوحدة بالكامل أو دفع قيمتها دفعة واحدة.
وتستهدف الآلية الجديدة، جذب شريحة جديدة من العملاء، خصوصًا صغار المستثمرين الذين يجدون في النظام الجديد فرصة للدخول إلى السوق العقاري بأعباء أقل.
وأضاف الخبراء والمتعاملون، أن شركات التطوير العقاري تبنت هذا النموذج كوسيلة لتعزيز مبيعاتها وتنشيط السوق في ظل حالة التباطؤ التي أثرت على حركة البيع والشراء في الأشهر الماضية، لافتين إلي أن هذا النظام بمثابة محاولة لخلق بدائل مرنة لامتلاك العقارات، تتناسب مع المتغيرات الاقتصادية التي أثقلت كاهل الأفراد.
فوزي: مطلوب رقابة واضحة لحماية حقوق المستثمرين
قال فتح الله فوزي، نائب رئيس جمعية رجال الأعمال المصريين ورئيس لجنة التشييد والبناء بالجمعية، إن فكرة الاستثمار الجزئي لا تزال في مراحلها الأولى، ولم تحقق نجاحًا ملموسًا بعد، نظرًا لحداثتها وقلة تطبيقها في السوق المحلي حتى الآن.
أضاف أن الفكرة ظهرت نتيجة طبيعية لارتفاع أسعار الوحدات، وهو ما دفع الشركات العقارية إلى التفكير في حلول مبتكرة لتسهيل عمليات البيع وتوسيع قاعدة العملاء.
وأكد فوزي أن نجاح هذه الآلية يتطلب رقابة واضحة من جانب هيئة الرقابة المالية، وذلك لحماية حقوق المستثمرين وتنظيم عملية توزيع العوائد، مشيرًا إلى التشابه الكبير بين هذا النموذج وآلية عمل الصناديق العقارية المعروفة، والتي تسمح للمستثمرين بالإسهام في مشاريع عقارية مرتفعة القيمة دون الحاجة لشراء وحدة كاملة.
وشدد على ضرورة وجود جهة رسمية تشرف على هذا النوع من الاستثمارات، لضمان الشفافية والمصداقية، وتوفير بيئة قانونية محفزة للنمو.
كما أن التجارب الدولية في مجال الصناديق العقارية أثبتت فاعليتها، مما يفتح الباب أمام إمكانية تكرار النجاح في السوق المصري إذا ما تم وضع الأطر التشريعية والرقابية المناسبة.
العسال: الاستثمار المشترك “بديل واعد” للعوائد البنكية
وقال هاني العسال، وكيل غرفة التطوير العقاري باتحاد الصناعات المصرية، إن “الاستثمار الجزئي” نموذج يعرف عالميا بالاستثمار المشترك أو بنظام “الشير – Share”، وهو نظام مطروح منذ فترة وتم تطبيقه في عدد من الشركات العقارية داخل مصر.
وأوضح أن هذا النموذج يشبه إلى حد كبير الصناديق العقارية، إذ يقوم الأفراد بشراء أسهم تمثل حصصًا في ملكية العقار، وتوزع العوائد على المستثمرين بحسب حجم مساهماتهم.
ولفت إلى أن الأفراد الذين يمتلكون فوائض مالية كبيرة يمكنهم شراء وحدات بمساحات واسعة، بينما من ليست لديه القدرة على ضخ مبالغ ضخمة يمكنه شراء حصة أو سهم مشترك في عقار مؤجر، بما يضمن له الحصول على عائد منتظم.
وأكد العسال أن القوائم المالية للعقار يجب أن تكون واضحة وموثقة ومتاحة لجميع المساهمين، لضمان تنظيم عمليات البيع أو التخارج من المشروع بشكل قانوني لا يسمح لأي طرف بالتصرف دون الرجوع إلى بنود التعاقد.
أضاف أن هذه المعلومات يتم إتاحتها للمستثمرين عبر شاشة إلكترونية، تتضمن البيانات المالية للعقار، ما يسهم في زيادة الشفافية وتعزيز الثقة بين الأطراف المشاركة.
وتابع:” الاستثمار العقاري ما يزال من الخيارات الجاذبة، خصوصا لأولئك الذين يسعون إلى تحقيق عوائد أفضل مقارنة بعوائد البنوك، في ظل الارتفاع المستمر في معدلات التضخم وتأثيره السلبي على القيمة الحقيقية للمدخرات النقدية”.
وشدد العسال على أهمية وجود رقابة صارمة من هيئة سوق المال وهيئة الرقابة المالية، بهدف حماية المستثمرين وضمان التزام الشركات العاملة بمعايير الشفافية والحوكمة، مشيرًا إلى أن غياب الإشراف المؤسسي قد يفتح الباب أمام التلاعبات، وهو ما يتطلب إطارًا تشريعيًا وتنظيميًا دقيقًا لضمان نجاح هذا النموذج الاستثماري.
الشيخ: مخاطرة كبيرة للعميل في غياب إطار قانوني واضح
وأبدى علاء الشيخ، رئيس شركة “أسيت تاب” للتسويق العقاري، تحفظه تجاه تجربة الاستثمار الجزئي في السوق العقاري، مؤكدًا أن هذا النموذج الاستثماري لا يزال غير مضمون النتائج على المدى البعيد، في ظل غياب إطار قانوني واضح أو تراخيص رسمية تنظم آلياته وتضبط العلاقة بين الأطراف المتعاقدة.
وأوضح أن الاستثمار الجزئي بطبيعته ينطوي على درجة من المخاطرة، إذ يعتمد المستثمر بشكل أساسي على ثقته في ملاك العقار أو الجهة المطورة، دون وجود ضمانات قانونية كافية تحمي حقوقه أو تحدد مسؤوليات الأطراف المشاركة في الاستثمار.
وأشار الشيخ، إلى أن الشركات العقارية بدأت في تبني هذا النموذج كأحد الحلول البديلة لتحفيز المبيعات، خصوصا مع تراجع القوة الشرائية وارتفاع أسعار العقارات بشكل ملحوظ خلال السنوات الأخيرة.
وأوضح أن الشركات تقوم بتقليص مساحة الوحدات المطروحة، وإتاحة الفرصة لأكثر من عميل لامتلاك حصص في الوحدة الواحدة، ما يترتب عليه تقليل قيمة السهم أو الحصة، وبالتالي يصبح مقدم التعاقد أقل، وهو ما يساهم في جذب عدد أكبر من العملاء.
وهذه الآلية باتت تستهدف شريحة واسعة من العملاء الذين لم يعودوا قادرين على شراء وحدة سكنية كاملة بسبب الارتفاع الحاد في الأسعار، لافتا إلى أن هذا النوع من الاستثمار يتيح لهؤلاء الأفراد فرصة التملك الجزئي كبديل عن الامتلاك الكامل، وهو ما يفتح الباب أمام دخول شرائح جديدة من المستثمرين إلى السوق.
وشدد الشيخ على ضرورة وجود تنظيم قانوني لهذا النوع من الاستثمار، محذرًا من مخاطر الاستمرار في العمل به دون ضوابط واضحة، خصوصا في ظل التوسع المتزايد في استخدامه كأداة لتحفيز المبيعات.
أضاف أن غياب الإطار القانوني يهدد استقرار السوق ويجعل من الصعب حماية حقوق المستثمرين، داعيًا الجهات الرقابية إلى التدخل لوضع أسس قانونية واضحة تضمن شفافية هذه العمليات وتحفظ توازن السوق العقاري.
العادلي: فرصة لدعم صغار المستثمرين وتنشيط السوق العقاري
واعتبر رياض العادلي، رئيس شركة “نكست دور” للتسويق العقاري، أن نظام الاستثمار الجزئي يمكن أن يحقق أثرًا إيجابيًا على السوق العقاري المصري، شريطة أن يتم تطبيقه من قِبل شركات تطوير عقاري كبرى تمتلك سجلًا موثوقًا وخبرة واسعة في السوق.
وهذا النموذج من الاستثمار يُعد فرصة حقيقية لصغار المستثمرين، ويتيح لهم الاستثمار الجزئي إمكانية الدخول في مشاريع عقارية تدر عوائد مالية، ما يعزز من قدرتهم على إدارة أموالهم بشكل أفضل وحماية استثماراتهم من التآكل بسبب التضخم.
وأشار العادلي، إلى أن السوق العقاري يشهد في الفترة الأخيرة ارتفاعًا متواصلًا في الأسعار، إلى جانب تراجع واضح في معدلات الإقبال على الشراء، ما يدفع العديد من الشركات العقارية إلى اعتماد أنظمة مرنة وتنويع المنتجات الاستثمارية التي تقدمها، بهدف تحفيز السوق وتنشيط حركة المبيعات.
وشدد على أهمية أن يتم تطبيق هذا النموذج من خلال شركات تتمتع بمصداقية وشفافية، حتى يُسهم في إعادة التوازن إلى السوق، ويمنح شريحة جديدة من المستثمرين فرصة المشاركة في القطاع العقاري دون الحاجة لتحمل الأعباء المالية الكاملة لوحدة سكنية.
كما دعا إلى ضرورة وجود إطار تنظيمي ورقابي يحكم هذا النوع من الاستثمار، لضمان حماية حقوق جميع الأطراف وتحقيق أعلى درجات الحوكمة والشفافية في إدارة هذا النموذج، بما يُعزز مصداقيته ويزيد ثقة المستثمرين فيه.
كتب: هشام عبدالله-نورهان أسامة