الشركات الإندونيسية تنبه من تباطؤ النمو الاقتصادي في ظل التحديات المحلية والدولية

تثير الشركات الإندونيسية القلق بسبب التباطؤ في التصنيع والاستهلاك المحلي، رغم أن بيانات الناتج المحلي الإجمالي تشير إلى تسارع في النمو.
تواجه أكبر اقتصادات جنوب شرق آسيا، التي تعد قوة كبيرة في مجال السلع الأساسية، تحديات تتعلق بتراجع القدرة الشرائية، وتقلص الطبقة المتوسطة، وعمليات التسريح الجماعي في قطاع التصنيع في وقت يشهد فيه العالم زيادة في حالة عدم اليقين العالمية نتيجة لتطبيق التعريفات الجمركية التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على الشركاء التجاريين للولايات المتحدة.
وقال الاقتصاديون والشركات إن البيانات الإيجابية للناتج المحلي الإجمالي هذا الأسبوع ربما تعكس التحفيز الحكومي وزيادة الصادرات قبل تطبيق التعريفات الأمريكية.
فقد نما الاقتصاد بنسبة 5.1% في الربع الثاني مقارنة بالعام الماضي، متجاوزًا التوقعات، بعد أن بلغ أدنى مستوى له في ثلاث سنوات عند 4.9% في الأشهر الثلاثة الأولى من العام، حسب ما نقلته صحيفة “فاينانشيال تايمز”.
قالت شينتا كامداني، رئيس جمعية أصحاب العمل الإندونيسية: “في الغرف المغلقة، استراتيجيتنا لم تعد تتمحور حول التوسع بل حول البقاء .. كيف لا نقوم بتسريح الموظفين؟ وكيف نُبقي سلسلة التوريد حية وكيف ندفع الرواتب؟”
تضاف النغمة المتشائمة إلى المخاوف المتزايدة بشأن قدرة إندونيسيا على الحفاظ على معدل النمو السنوي البالغ 5% الذي حققته على مدار العقد الماضي، باستثناء فترة جائحة “كوفيد-19″، وقد حدد الرئيس برابوو سوبيانتو هدفًا للنمو بنسبة 8% سنويًا.
وشهد قطاع التصنيع في إندونيسيا تسريح آلاف العمال منذ بداية العام، مع تدهور النشاط الصناعي بسبب ضعف الطلب المحلي والمنافسة من مراكز إقليمية منافسة مثل فيتنام، كما أن تراجع أسعار السلع الأساسية يثقل كاهل الاقتصاد، وقالت شينتا إن الاستهلاك الضعيف، تفاقم نتيجة لتقليص الإنفاق الحكومي والنشاط الصناعي.
وقد قلصت إدارة برابوو الإنفاق، بما في ذلك على البنية التحتية، لإعادة توجيه الأموال الحكومية نحو برنامج الوجبات المدرسية المجانية البالغ قيمته 28 مليار دولار.
وأضافت شينتا: “من الواضح أن هناك تباطؤًا مازلنا نراه” رغم الرقم القوي للناتج المحلي الإجمالي.
وطالبت الحكومة بتسريع عملية إزالة القيود التنظيمية، بما في ذلك ما يتعلق بالتراخيص واستيراد المواد الخام، لجذب مزيد من الاستثمارات ودعم التصنيع وخلق وظائف ذات رواتب أعلى.
وأظهرت بيانات الحكومة الأخيرة، أن إجمالي الاستثمارات في إندونيسيا ارتفع خلال الربع الثاني بنسبة 11.5% ليصل إلى 477.7 تريليون روبية (29.1 مليار دولار)، لكن تراجعت الاستثمارات الأجنبية المباشرة في الربع نفسه بنسبة 7% إلى 202.2 تريليون روبية.
وبالإضافة إلى التحديات المحلية، تواجه إندونيسيا تعريفة جمركية بنسبة 19% من الولايات المتحدة، انخفاضًا من 32% التي هدد ترامب بفرضها في أبريل، لكن البلاد ليست معتمدة على التجارة كما هو الحال مع بعض جيرانها الإقليميين، إذ تمثل الولايات المتحدة 10% فقط من إجمالي صادراتها، وقالت الحكومة في جاكرتا، إن مستوى التعريفة قابل للإدارة.
وأضاف وزير الشئون الاقتصادية، إيرلانجا هارتانتو، في مؤتمر صحفي في باندونج: “مع 19%، نحن تنافسيون في جنوب شرق آسيا، مشابهون لماليزيا وتايلاند”.
ولكن الاستهلاك، الذي يمثل أكثر من نصف الناتج المحلي الإجمالي، يمثل مشكلة أكبر، إذ أظهرت البيانات الأخيرة بشأن إنفاق الأسر ومبيعات السيارات وثقة المستهلك تراجعًا في القدرة الشرائية.
وقالت كريستال تان، الاقتصادية في “إيه إن زد آسيا”: “من غير المرجح أن تستمر هذة الوتيرة في الربع الثاني بسبب الرياح المعاكسة الخارجية والهشاشة في سوق العمل المحلي”.
وأضافت أن الاستهلاك الخاص سيظل محدودًا، رغم أن الإنفاق الحكومي القوي قد يساعد في التخفيف من التباطؤ.
وتستعد الحكومة لحزمة تحفيزية جديدة، بعد أن أطلقت في يونيو حزمة دعم تشمل 1.5 مليار دولار من إعانات الأجور وخصومات النقل والمساعدات الاجتماعية بهدف تعزيز الإنفاق المحلي.
وقال البنك المركزي الذي خفض أسعار الفائدة بمقدار 0.75 نقطة مئوية هذا العام، إنه مستعد لتخفيض تكاليف الاقتراض بشكل أكبر.
أما بوديهاردجو إيدوانسياه، رئيس جمعية تجار التجزئة والمستأجرين في إندونيسيا، فأكد أن الشركات ستحتاج إلى البدء في تقديم خصومات لتحسين المبيعات.
وأضاف: “إذا لم نفعل ذلك، ستصبح الأعمال أكثر بطئًا”، مقترحًا تدابير مثل توفير مواقف مجانية في مراكز التسوق، وتابع: “يجب أن نفعل شيئًا؛ لا يمكننا أن نكون سلبيين”.