“مون بيس كابيتال” تعزز نموها من خلال استحواذات جديدة في قطاع المشاريع الصغيرة والمتوسطة

“مون بيس كابيتال” تعزز نموها من خلال استحواذات جديدة في قطاع المشاريع الصغيرة والمتوسطة

تستعد شركة «مون بيس كابيتال» ، المتخصصة في الاستثمار بالشركات الصغيرة والمتوسطة، لافتتاح مكتب تمثيلي في مصر خلال الستة أشهر المقبلة، ليكون مركزًا لتحليل الفرص الاستثمارية ومتابعة السوق المحلي، مع تعزيز القدرات التشغيلية للشركة عبر كوادر مالية ذات كفاءة عالية وتكلفة تنافسية مقارنة بأسواق أوروبا الغربية.

قال إبراهيم عبدالرحيم، المؤسس والرئيس التنفيذي للشركة، في حوار مع «البورصة»، إن التوسع في مصر يأتي ضمن خطة أشمل تمتد إلى أسواق أوروبا وآسيا وأمريكا اللاتينية، مؤكدًا أن افتتاح المكتب سيبدأ بفريق مكون من ثلاثة محللين ماليين، وسيتطور لاحقًا ليصبح قاعدة لدعم وتنفيذ الصفقات المحتملة في المنطقة.

وأوضح أن «مون بيس كابيتال» تعمل وفق نموذج استثماري غير تقليدي يُعرف باسم “صناديق البحث” ، والذي يمثل صيغة هجينة بين الاستثمار المباشر ورأس المال المخاطر، ويستهدف رواد الأعمال الراغبين في شراء شركات قائمة وإدارتها بدلًا من بدء مشروع من الصفر.

«صناديق البحث».. نموذج تمويلي متوسط المخاطر وعالي العائد

يعتمد النموذج على تأسيس شركات قابضة صغيرة تبدأ بتمويل مبدئي يتراوح حول 500 ألف يورو، يُستخدم في البحث والتقصي عن شركات مناسبة للاستحواذ، ويتكفل به عدد من المستثمرين الأفراد أو المؤسسات، بمتوسط مساهمة يبدأ من 50 ألف يورو لكل مستثمر.

وبحسب عبدالرحيم، يتم توظيف هذه الأموال في مصروفات تشغيلية مثل السفر والمراجعات القانونية ودراسات الجدوى، وإذا تم التوصل إلى شركة مناسبة، يُعاد ضخ استثمار أكبر لتنفيذ صفقة الاستحواذ.

وأكد أن صناديق البحث تُعد أقل مخاطرة من صناديق رأس المال المخاطر التقليدية، إذ إن رائد الأعمال لا يبدأ من الصفر، بل يبحث عن شركة ذات نموذج أعمال قائم وربحية مستقرة.

وأشار إلى أن «مون بيس كابيتال» تدير حاليًا شركتين قابضتين تعملان بهذا النموذج، الأولى تأسست في 2021 بحجم استثمارات بلغ 15 مليون يورو، ضمت 35 رائد أعمال في مرحلة البحث، وتم خلالها الاستثمار في 9 شركات من أصل 20 شركة تمت دراستها. أما الثانية فما زالت في طور جمع التمويلات، لكنها بدأت فعليًا عمليات البحث من خلال 20 رائد أعمال، وتم الاستثمار في شركتين حتى الآن.

عوائد مجزية ومعايير انتقائية صارمة

تُقدر العوائد السنوية المستهدفة لصناديق البحث بنحو 28% وفقًا لمعايير جامعة ستانفورد، التي تُعد المرجعية الأساسية للنموذج منذ انطلاقه في الولايات المتحدة، ما يجعلها تتفوق على كثير من الصيغ الاستثمارية التقليدية، مع مستوى مخاطرة أكثر تحفظًا.

وأشار عبدالرحيم إلى أن «مون بيس كابيتال» لا تستثمر بأكثر من 10-15% من رأسمال الشركة المُستحوذ عليها، وبما لا يتجاوز مليون يورو في الصفقة الواحدة، مع ترك الحرية التشغيلية لرائد الأعمال المساهم في صندوق البحث.

وتقوم الشركة باختيار الشركات المستهدفة وفق عدد من المعايير، أبرزها تسجيل أرباح تشغيلية (EBITDA) تتراوح بين مليون و5 ملايين يورو، وتوافر إيرادات متكررة وقابلة للتنبؤ، وهوامش ربحية لا تقل عن 15-20%.

كما يُفضّل أن تعمل الشركات ضمن عقود طويلة الأجل، وألا تحتاج إلى استثمارات رأسمالية كبيرة للنمو، بل يمكن تنميتها تدريجيًا أو عبر استحواذات على شركات أصغر.

وأوضح عبدالرحيم أن التركيز الأساسي للشركة هو على الشركات العاملة في نموذج B2B والخدمات، نظرًا لقدرتها على النمو بأقل إنفاق ممكن على التسويق والتوزيع مقارنة بشركات B2C.

تنويع المحفظة والتقليل من المخاطر

يتم توزيع الاستثمارات في كل محفظة على 15 إلى 20 شركة، ما يقلل من احتمالات الخسارة الكاملة في حال تعثر بعض الكيانات، ويُعد ذلك أحد عوامل الاستقرار النسبي في النموذج مقارنة بالصيغ الاستثمارية الأخرى.

وأشار عبدالرحيم إلى أنه حتى في أسوأ الحالات، فإن الشركات التي لا تحقق العائد المتوقع تكون قادرة غالبًا على سداد الديون المترتبة على صفقة الاستحواذ، بما يضمن الحفاظ على الحد الأدنى من رأس المال المستثمر.

نجاحات لافتة واستثمارات متخصصة

من أبرز استثمارات «مون بيس»، صفقة استحواذ على شركة إسبانية متخصصة في أجهزة إزالة الشعر بالليزر، حيث تضاعفت أرباحها 2.5 مرة خلال 18 شهرًا وبدأت التوسع في السوق الأمريكي.

وتتوزع استثمارات الشركة في قطاعات متخصصة تشمل معدات صناعية للمصانع في فرنسا، وشركة تصنيع مكملات غذائية للحيوانات، ومنصة ألمانية لتقسيط الهواتف المحمولة للموظفين، وشركة نمساوية لتصميم المواقع الإلكترونية للشركات الصغيرة، وأخرى إيطالية لإعادة تدوير المخلفات الصناعية ضمن نموذج الاقتصاد الدائري.

التوسع الجغرافي وملف مصر

تشمل خريطة توسعات «مون بيس» أسواقًا أوروبية مثل فرنسا، ألمانيا، إيطاليا، النمسا، وبولندا، بالإضافة إلى ماليزيا، اليابان، البرازيل، والمكسيك. لكن معظم الاستثمارات الفعلية حتى الآن تتركز في الأسواق الأوروبية الغربية.

وفيما يخص التوسع في الشرق الأوسط، أوضح عبدالرحيم أن الشركة بدأت فعليًا في دعم عدد من صناديق البحث في الإمارات، لكن لم يتم تنفيذ أي استحواذ حتى الآن.

أما في مصر، فالشركة تدرس السوق عن قرب، خاصة بعد ظهور أول نموذج لصندوق بحث محلي يقوده رائد أعمال مصري بدأ نشاطه قبل عامين، بدعم من مستثمرين أجانب.

تحديات السوق المحلية

رغم الحضور المرتقب، يرى عبدالرحيم أن السوق المصرية تواجه عدة تحديات تعرقل النموذج الاستثماري لـ«مون بيس»، أبرزها غياب ما يُعرف بتمويل الاستحواذ من البنوك، والذي يُعد ركيزة أساسية في أوروبا حيث تغطي البنوك ما بين 50 إلى 60% من قيمة الصفقة.

وأشار إلى أن محدودية الفرص الاستثمارية التي يمكن الخروج منها ببيع الحصص لمستثمرين ماليين أو استراتيجيين يمثل تحديًا آخر، إلى جانب صعوبة الوصول إلى العملة الأجنبية.

وفيما يتعلق بآليات التخارج، فإن أغلب الصفقات تُنفذ من خلال بيع الحصص إلى صناديق «برايفت إيكويتي» أكبر أو شركات في نفس القطاع، وليس عبر الطروحات العامة في البورصات بسبب صغر حجم الشركات المستهدفة.

نهج استثماري محافظ

أكد عبدالرحيم، أن «مون بيس» لا تفضل الاستثمار في الشركات التكنولوجية سريعة النمو والتغير، بل تركز على كيانات تقليدية تأسست منذ عقود، ذات أداء مستقر وإمكانات تطوير واضحة، ما يجعلها أكثر قابلية للتحسين والنمو المنتظم دون تقلبات حادة.

وشدد على أن السوق المصري يملك مقومات قوية ليكون مركزًا إقليميًا للبحث والاستثمار عبر نموذج صناديق البحث، لكنها تحتاج إلى تطوير بيئة التمويل والاستحواذ، وتوسيع نطاق التخارجات، وتهيئة مناخ أكثر ملاءمة لرأس المال المؤسسي طويل الأجل.