نظام المزايا المعمم “GSP” يفقد جاذبيته في مجال التصدير

كشف مصدرون فى قطاعات صناعية مختلفة عن تراجع الاعتماد الفعلي على النظام المعمم بالمزايا (GSP) فى دعم الصادرات المصرية إلى الأسواق الخارجية، مؤكدين أن الاتفاقيات التجارية الثنائية تحقق استفادة أكبر وأثرا مباشرا على تنافسية المنتجات المصرية، خصوصا بالأسواق الأوروبية.
وأشار المصدرون الذين التقتهم “البورصة”، إلى أن (GSP) يعتمد أساسا على منح تقدمها بعض الدول المتقدمة بشكل طوعي دون إطار قانوني ملزم أو قواعد منشأ ثابتة، ما يجعله أقل جذبا للمصدرين الذين يسعون إلى استقرار طويل الأجل فى الإعفاءات الجمركية وتسعير الصادرات باليورو، وهو ما توفره الاتفاقيات التجارية الحديثة.
يأتي ذلك بالتزامن مع اتجاه أغلب الشركات إلى إعادة ترتيب أولوياتها التصديرية وتفضيل القنوات التى تمنحهم مزايا مستدامة بعيدا عن التقلبات التى قد تؤثر على استمرار العمل بالنظام فى أى وقت.
الضوي: شركات الأغذية تعتمد على اتفاقيات الاتحاد الأوروبي و”الكوميسا ” و”أغادير”
قال تميم الضوي المدير التنفيذي للمجلس التصديري للصناعات الغذائية، إن شركات الأغذية فى مصر تعتمد بشكل أكبر على الاتفاقيات التجارية الموقّعة مع الاتحاد الأوروبى ودول “الكوميسا ” و”أغادير”، نظرا لاستقرار قواعد المنشأ ووضوح آليات التنفيذ.
أضاف أن النظام المعمم للمزايا لا يقوم على اتفاقية تجارية ملزمة، بل يعتمد على منح طوعية تقدم من الدول المتقدمة لبعض الدول النامية، ما يجعله أقل جاذبية للمصدرين الذين يفضلون خططًا تصديرية تعتمد على إعفاءات قانونية مضمونة وغير خاضعة للقرارات المفاجئة.
ولفت إلى أن الاتجاه العام للمصدرين المصريين أصبح البحث عن أسواق بديلة واتفاقيات تحقق استقرارا حقيقيًا لعقود التصدير، بدلاً من الاعتماد على آليات تفضيلية مؤقتة قد تتوقف فى أى وقت.
طلبة: “الشراكة” و”الكويز” توفران مزايا جمركية مستقرة وقواعد منشأ واضحة
قال مجدى طلبة رئيس شركة تي آند سي للملابس الجاهزة، إن النظام المعمم للمزايا لم يعد يمثل عنصرا أساسيا أو ميزة حقيقية للصادرات المصرية فى ظل وجود بدائل أكثر تأثيرا واستقرارا تتمثل فى الاتفاقيات التجارية الحرة مع عدد من الأسواق الرئيسية.
أضاف أن الشركات المصرية تعتمد بشكل أكبر على اتفاقيات الشراكة مع الاتحاد الأوروبي، واتفاقية “الكويز” مع الولايات المتحدة الأمريكية، إلى جانب اتفاقيات أخرى منها “أغادير” و”الكوميسا” و”الميركسور”، مؤكدًا أن هذه الاتفاقيات توفر مزايا جمركية مستقرة وقواعد منشأ واضحة، ما يجعلها أكثر جذبا للمصدرين مقارنة بالنظام المعمم للمزايا الذى يظل خاضعا للتغيرات الاقتصادية.
وأشار إلى أن المشكلة الحقيقية لا تكمن فقط فى وجود النظام أو عدمه، بل فى قدرة الشركات المصرية على الاستفادة الفعلية مما هو متاح بالفعل من اتفاقيات ومزايا جمركية.
الصياد: التسعير باليورو يحسن تنافسية الصادرات فى الأسواق الأوروبية مقارنة بالدولار
وقال شريف الصياد رئيس المجلس التصديري للصناعات الهندسية، إن استفادة الشركات المصرية من النظام المعمم للمزايا أصبحت شبه محدودة، فى ظل التحولات الكبيرة التى يشهدها هيكل التجارة الدولية وتوجه أغلب المصدرين للاعتماد على الاتفاقيات التجارية الإقليمية والثنائية.
وأضاف أن هذه الاتفاقيات تمنح الشركات ميزات عملية ومستمرة، أبرزها الإعفاءات الجمركية المستقرة والموثقة قانونيًا، بالإضافة إلى التسعير باليورو الذى يحسن تنافسية الصادرات المصرية فى الأسواق الأوروبية مقارنة بالتسعير بالدولار أو الاستفادة من إعفاءات مرتبطة بنظام غير ملزم مثل النظام المعمم للمزايا.
أكد الصياد، أن الشركات ترى فى الاتفاقيات التجارية مع أوروبا وأفريقيا والعالم العربى ركيزة أساسية للتوسع وزيادة الحصة السوقية، خاصة أن النظام المعمم يتأثر بشكل مباشر بتقلبات القرارات السياسية والدبلوماسية للدول المانحة، وهو ما يُفقد المصدرين القدرة على بناء خطط طويلة الأجل أو توقيع عقود تصدير ممتدة.
الشافعي: غالبية المشروعات الصغيرة ليست مهيأة للاستفادة من هذا النوع من الأدوات التجارية
وقال حسن الشافعي رئيس لجنة المشروعات الصغيرة والمتوسطة بجمعية رجال الأعمال، إن النظام المعمم بالمزايا تم اعتماده بالأساس لمنح الدول النامية، لا سيما شركاتها الصغيرة ، قدرة أفضل على النفاذ إلى الأسواق العالمية من خلال إعفاءات جمركية وتسهيلات .. لكن تلك الفئة لا تستفيد من النظام فعليا على أرض الواقع.
وأضاف أن النظام المعمم يتيح فرصا حقيقية للمشروعات الصغيرة، لكن أغلب تلك الفئة فى مصر ليست مهيأة للاستفادة من هذا النوع من الأدوات التجارية.
أوضح الشافعي، أن التصدير يحتاج لمتطلبات عالية من حيث البنية التحتية، والخبرات، والتواصل الخارجي. وهذه عناصر لا تزال تمثل فجوة كبيرة فى هذا القطاع ، ويجب أن يكون التركيز على تأهيل هذه المشروعات ومساعدتها على الدخول فى سلاسل القيمة التصديرية، سواء عبر التدريب، أو توفير خدمات تصديرية جماعية، أو من خلال دعم لوجستي وتقني.
وقال محمد مجيد المدير التنفيذي للمجلس التصديري للصناعات الكيماوية، إنه رغم اعتماد عدد كبير من الشركات على الاتفاقيات التجارية لدعم توسعها فى أسواق متنوعة، إلا أن الشركات العاملة بالقطاع ما زالت تستفيد من النظام داخل الأسواق الأوروبية، والذي يمنحها أفضلية تنافسية تسهم فى زيادة حضور منتجاتها مقارنة بدول أخرى لا تستفيد من النظام.
أضاف أن هذه الأفضلية تنعكس بشكل مباشر على أرقام الصادرات الشهرية، إذ يلاحظ نمو مطرد في صادرات القطاع إلى بعض الأسواق الأوروبية نتيجة هذه الميزة التفضيلية.